ابتدع رائد التفكير الإبداعي ومهارات التفكير (إدوارد دي بونو) طرقاً مبتكرة للتفكير انطلاقاً من أن الأسلوب الذي نفكر به يحدد مسارنا في المستقبل.. وأسماها (القبعات الست للتفكير) وهي طرق تُنمي قدرتنا على التفكير الإبداعي الخلاق.
إحدى هذه القبعات الست القبعة السوداء (وهو لون يوحي بالجدية والحزم ومرتبط بالتحذيرات والمخاطر).. ويستخدم هذا النوع من التفكير عند دراسة موضوع ما ومحاولة فهم أبعاده السلبية المحتملة سواء كان لمعالجة وضع قائم أو عند البدء في مشروع جديد ونقده؛ إذ إن من يرتديها يمثل التفكير الحذر (تفكير منطقي سلبي) الذي ينظر إلى الأمور من زاوية سلبية لمعرفة مواقع الزلل الممكنة والصعوبات والمشكلات المحتملة لمنع وقوع الأخطاء التي قد لا ينظر لها أو لا يتوقعها أصحاب القبعات المتفائلة.
الدكتور محمد القنيبط حسب تقديري نموذج للمفكر الذي يرتدي هذه القبعة.. فهو دائماً ما يغطي الجانب السلبي لكل ما يتعرض له وما يبحثه.. وهو أمرٌ جيدٌ ومطلوبٌ خصوصاً في مرحلتي التخطيط والتقييم وهما مرحلتان مهمتان من مراحل العملية الإدارية المتعارف عليها.. وينصح منظرو الإدارة بعدم تجانس فريقيهما بعكس مرحلتي التنظيم والتنفيذ اللتين تتطلبان فرق عمل متجانسة.
من الجهات التي سلّط الدكتور القنيبط سهام قبعته السوداء عليها جامعة الملك سعود متهماً إياها بالهوس بلعبة التصنيفات الجامعية الشكلية على حساب العملية الأكاديمية.. وللحق أقول: إن جامعة الملك سعود لم تشهد الحراك الذي نهض ولا يزال ينهض بها إلا بعد أن استلم زمام قيادتها الدكتور عبد الله العثمان.. والجميع دكاترة وطلاباً ومجتمعاً، فضلاً عن القيادة يشعرون بذلك.. وكلّنا ثقة بأن الجامعة وهي تعمل على تحقيق التطور المنشود بالاستفادة من التصنيفات العالمية كمرجعية تبيّن مدى تقدمها مع مثيلاتها في كافة دول العالم تسير في المسار الصحيح.. وستكون نتيجة جهودها نجاحات لصالح قطاعي التعليم العالي والبحوث وبالتالي التنمية.. ويكفينا هذا الحراك الكبير في مسار الكراسي البحثية ومسار الوقف الجامعي ومسار تقييم المعلم الجامعي والعملية التعليمية.. فمن لا يعمل لا يخطئ ولا يصبح هدفاً لسهام أصحاب القبعات السوداء.. ومن يتوارى عن النظر بكسله ينام قرير العين ولا يلتفت له أحد من أصحاب القبعات الست أبداً.
أيضاً سلّط الدكتور القنيبط سهام قبعته على الهيئة العامة للاستثمار متهماً إياها بالسعي لتحقيق مكاسب إعلامية من خلال طرح مفهوم التنافسية ومؤشراتها دون أن يكون لها وجود على أرض الواقع.. وذلك أيضاً قولٌ غير دقيق.. فمفهوم التنافسية الذي أدخلته الهيئة في مجتمعنا الرسمي والاقتصادي تجاوز مرحلة الترسيخ الإعلامي في ماهيته وأهميته إلى مرحلة التطبيق على أرض الواقع.. وبدأ يتغلغل في الأجهزة الحكومية والمنشآت الخاصة.. وليس أدل على ذلك من قيام عددٍ من الجهات الحكومية بمراجعة أنظمتها وإجراءاتها لتتوافق مع المعايير التنافسية العالمية.. وأظهرت الحرص والاهتمام بتحسين تصنيفها في مؤشرات التنافسية التي أخرجت الجميع من الجدل حول التعديلات اللازمة لتحسين البيئة الاستثمارية في بلادنا إلى مرجعية علمية عالمية موثوقة.. ولعل أهم خطوة تؤكد إيمان وتبني الأجهزة الحكومية لمفهوم التنافسية على أرض الواقع ما قامت به إمارة منطقة الرياض بإنشاء مركز الرياض للتنافسية وهي الخطوة التي تمثل في تصوري نقطة تحول ستشهدها إمارات المناطق في التعاطي مع الشأن الاقتصادي والاستثماري فيها.
أخيراً.. سُئل قيادي ياباني ناجح: كيف حققت هذه النجاحات؟.. فقال: بالقرارات السليمة.. فقالوا له: كيف استطعت أن تتخذ القرارات السليمة؟.. قال: بالخبرة.. فقالوا له: كيف كوّنت الخبرة؟.. قال: بالقرارات الخاطئة!.. واللبيب بالإشارة يفهم.