محاكمة بلير من قبل محكمة دولية بتهمة جريمة حرب 2003 هي دراما سينمائية عرضت تلفزيونيا ببريطانيا بتاريخ 15-1-2007م.
وكانت من إخراج سيمون سيلن جونز ومن تمثيل روبرت ليندساي في دور بلير.
وقد أعيد عرضها على التلفزيون البريطاني 15-5-2007م وكذلك في الأسبوع الأخير لخروج رئيس الوزراء البريطاني النهائي من دوننيج ستريت كرئيس لوزراء بريطانايا في 23-1-2007م.
وقد انتهت تلك المحاكمة باعتراف رئيس الوزراء البريطاني بتورطه في خطيئة الحرب على العراق مع أمريكا وباعترافه ببشاعة الجريمة وبإيقافه انفراديا لريثما تنطق المحكمة الدولية بالحكم الذي يعيد ميزان العدل الذي أخلت به الجريمة المزدوجة للاشرعية الحرب ولفظاعة نتائجها على الشعب العراقي, ولما الحقته من ضرر غير مبرر بالزج بجنودها من الشباب البريطاني في حرب غير شرعية وغير عادلة بحسب مطالبات الأهالي.
أما محاكمة بلير التي شهدتها بريطانيا فعليا يوم 29-1-2010م وتابعها عدد عريض في إنحاء العالم من المهتمين بهذه القضية الإنسانية الدامية يوميا منذ سبع سنوات فإنها وإن جرت في نفس العام الذي افترضته الدراما التلفزيونية (2010) فإن تلك المحاكمة لم تجر من قبل «محكمة دولية»، بل جرت من قبل لجنة تحقيق بريطانية هي جزء من المؤسسة السياسية الداخلية. وقد قال فيها طبقا لعدة صحف رئيسها جون تشيلكوت محددا سلفا وقبل أن يبدأ التحقيق السقف المحدود لوظيفتها وفعاليتها ما يلي «التحقيق ليس محكمة وهو لا يخضع أحدا للمحاكمة، لكن اللجنة لن تتخلى عن حقها في الانتقاد». موضحا بأن الهدف من التحقيق يتمثل بتحديد ما حدث منذ 2001 وحتى انسحاب الجزء الأكبر من القوات البريطانية من العراق منتصف 2009»، وذلك كما ذهب «لاستخلاص الدروس لمساعدة الحكومات المقبلة التي قد تواجه ظروفا مشابهة».
هذا وعلى خلاف نتائج المحاكمة المتخيلة من العام 2007 م فإن المحاكمة الفعلية لـ2010م لم تنته بعد استجواب دام ست ساعات باعتراف توني بلير بجريمة الحرب على العراق بل شهد العالم المترقب محاولة مستميتة للإفلات من تهمة لا شرعية الحرب وجريمتها وإن بدت تلك المحاولة غير مقنعة لأحد حتى صاحبها. وعلى الرغم من أن هذا الاستجواب الذي لن تعلن نتائجه قبل نهاية هذا العام قد أعطى لبلير الفرصة لإعادة إخراج التضليل الذي ارتكبه بجره بريطانيا إلى حرب أمريكا على العراق لإنجاز الهدف الإستراتيجي باحتلال ذلك البلد الحلوب نفطيا فإنه نزع ورقة التوت.
الرسمية التي كانت تختفي خلفها دعوى الحرب بدعوى وجود أسلحة دمار شامل بالعراق. وهي دعوى لم يشكك كل شرفاء العالم حين الشروع الأمريكي البريطاني في الإعداد للحرب وبعد الولوغ في دم ضحياها وإلى اليوم لحظة واحدة في تضليلها وفريتها ولكن الإقرار بسقم تلك الكذبة من قبل واحد ممن تقاسموا فبركتها له أهمية قانونية يمكن استثمارها من قبل دول المنطقة وخاصة شعب العراق ومن قبل القوى المدنية والسياسية المستقلة محلياً وعالمياً ًللمطالبة بفك ربقة الاحتلال واتفاقيته المكبلة للعراق وللمنطقة عن رقبتها ولتحميل المسؤولية القانونية والمالية والأخلاقية عن الخراب الذي أدت إليه الحرب والاحتلال وتبعاتهما على شعوب المنطقة بأسرها لمن سعوا فيه.
إننا والعالم أجمع لسنا من السذاجة لئلاً نعرف محدودية تلك المحاكمة فهي في واقع الأمر كما ذكر آنفا لم تعقد إلا كإجراء في الشأن بريطاني الداخلي والتي لم تكن لتقوم لها قائمة لولا ضغوط عوائل الجنود والضباط الذين قتلوا في الحرب على العراق وبلغ عددهم 179 ولولا قوى الضغط التي التفت حولهم بما فيها بطبيعة الحال القوى الاجتماعية الأخرى داخل بريطانيا المناوئة للحرب والاحتلال ومنها عدد من المثقفين والمهتمين العراقيين إلا أن اقتصار وظيفة تلك المحاكمة على محاولة احتواء غضبة أهالي الجنود البريطانيين وإغفالها بالتالي للكارثة الماحقة التي لحقت بأهل العراق لايجب أن يجعلنا نغفل عن أهمية وجود الأطر القانونية دولياً التي يمكن أيضاً تشكيل قوى ضاغطة على مستوى عراقي وعربي وإسلامي للمطالبة بمحاكمة دولية تساءل قانونية الحرب وتحاكم لا شرعيتها وتحمل من قادوا إليها تبعات ما جرت المنطقة إليه من دمار. قد يبدو مثل هذا الكلام رومانتيكيا في وضع استعماري كارثي ومعقد إلا أن المقاومة القانونية هي شكل مشروع من أشكال المقاومة التي لا يجب التخلي عنها أيضاً مثلما يجري التخلي عن جميع أشكال المقاومة المشروعة الأخرى بدعوى الخوف من تهمة الإرهاب. هذا ولله الأمر من قبل ومن بعد.