Al Jazirah NewsPaper Thursday  04/02/2010 G Issue 13643
الخميس 20 صفر 1431   العدد  13643
 
هذرلوجيا
عن مجلس الحيّ
سليمان الفليح

 

حينما كنا أطفالاً كان الآباء يقولون لنا: اجلسوا بأطراف المجالس (لأن المجالس مدارس) والمجالس لمن لا يعرفها هي بمثابة المقاهي في المدن ولكنها في البوادي والقرى عبارة عن تجمع لرجال القبيلة أو القرية في بيت أحدهم أو في بيوتهم بالتناوب كقولهم (القهوة عند فلان اليوم) ولكن هذه المجالس عادة ما تقام عند الشيوخ أو المقتدرين من علية القوم وفيها يتباحث الناس في شؤونهم الحياتية ويحلون ما يحدث بينهم من خلافات أو مشاكل تتعلق بالمراعي أو بالمزارع أو بالمشاكل الاجتماعية بشكل عام وعادة ما يقوم أصحاب الرأي والعقل والمشورة من كبار السن بحل تلك الإشكالات وعقد المصالحات وتنقية الأجواء وإصلاح ذات البين، وهذه المجالس هي بمثابة الأندية الثقافية التي تحتوي على (علوم) القوم والقصص والأشعار والاستماع إلى الربابة على يد عازف حاذق يطرب الجميع بروائع الشعر، كما تقوم هذه المجالس بطريقة غير مباشرة - بتعريف الأجيال على الحقوق والواجبات والأعراف و(السلوم) كما يقوم عقلاء القوم بالنصح والإرشاد والتوجيه والحض على التمسك بالقيم والأخلاق والسنن النبيلة، والمجالس تسمى في بعض المناطق ب(الديوانية) أو (المضيف) أو (المركاز)، أو (المصطبة) في مصر أو (السقيفة) أو (المضافة) في بعض الدول العربية ولكن لكل هذه التسميات فعل واحد ودور مماثل وكلها تهدف إلى الترابط والتواصل وإصلاح ذات البين والإصلاح بشكل عام وهي كثيراً ما تقوم بدور (مراكز الشرطة) و(المحاكم) الشعبية في المناطق التي تفتقر إلى هذه الدوائر. كما أنها غالباً ما تخفف الضغط على هذه الدوائر إن وجدت في المناطق المكتظة بالسكان لا سيما في المشاكل التي لا تستدعي رفع القضايا الكبيرة التي تشغل رجال الأمن عن القضايا الكبرى والتي تتعلق ب(الأمن العام) ومن هنا فإننا نرى أن وجود مثل هذه المجالس التي تختص بالأحياء التي تقع ضمن نطاقها هو سنة حسنة تخدم الوطن أولاً وتخدم المنطقة ثانياً وتخدم ساكنيها ثالثاً وتؤصل العلاقات الطيبة بين أبناء المجتمع الواحد، ولكن وجود مثل هذه المجالس وتفعيلها بحاجة إلى توجيه ورعاية من قبل الحاكم الإداري لكل منطقة حتى تؤدي دورها الوطني والاجتماعي والإنساني النبيل. ونحن إذ نقول ذلك فلأننا بمنتهى الصراحة المطلقة - لم (يزل أغلب مجتمعنا) يتمسك بـ(الأعراف) حتى لو وصلت قضاياه للدوائر الرسمية بما في ذلك قبل حكم الشرع للأسف الشديد!!




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد