في لقاء مع وكالة (رويتر) قال عمر نجل أسامه بن لادن: (كثير من الناس في العالم لا يريدون أن يعطونا فرصة لأن والدي هو أسامة بن لادن، وهذا خطأ. لا أحد منَّا كان عضواً في القاعدة، ولا أحد منَّا كان مؤيداً للعنف، وإذا قرأت غير ذلك فإنك تقرأ غير الحقيقة). وأضاف: (إننا نفعل ما بإمكاننا لإعالة عائلاتنا ولكي نكون مواطنين صالحين في العالم. وهذا كل ما يمكننا عمله).
لا نقاش في أن وزر الأب لا يتحمله الأبناء. أبوجهل أحد ألد أعداء الإسلام أخرج الله من صلبه الصحابي الجليل عكرمة بن أبي جهل - رضي الله عنه - وما ضره أن أبا جهل عدو الإسلام الأول كان والده. وكأني بالتاريخ يكاد أن يعيد نفسه. عُمَر، بل وكل أبناء هذا الدجال، لن يضيرهم أنهم جاؤوا من صلبه، ولا يمكن أن نحملهم جرائم والدهم، طالما أنهم وإياه على طرفي نقيض فكراً وخلقاً وممارسة، هم إخواننا، وأبناؤنا، لهم ما لنا، وعليهم ما علينا، وحقوقهم مكفولة مثل أي مواطن من مواطني المملكة. وهذا مبدأ توارثه قادة هذه البلاد، وعملوا به، وأصروا عليه، ولم يحيدوا عنه طوال تاريخهم، ابتداء من عبدالعزيز وحتى عبدالله بن عبدالعزيز، فهم أهل عدل وحُكم لا طلاب ثأر وتشفي. غير أن الشهادة إذا جاءت من ابن الإنسان، وفلذة كبده، هي بلا شك أقوى وأبلغ وأمضى من أن تأتي من البعيدين. أن يتبرأ منك، ومن عملك، فلذات كبدك، ويتلمسون ما يقنع الناس بأنهم بريئون من جرائم والدهم، وألا علاقة لهم (بقاعدته) التي أصبحت نبتاً شيطانياً يسعى العالم بلا استثناء إلى اجتثاثه والتضييق عليه مثلما يحاول أن يحاصر ويجتث الأمراض والأوبئة، هي أحد المشاهد البليغة والمؤثرة التي تحكي الكثير لمن لديه القدرة على تمييز الحق من الباطل.
وقبل عمر كانت أخته (إيمان) ابنة السبعة عشر عاماً قد هامت على وجهها، وتقطعت بها السبل، وضاقت على هذه الشابة الغضة الدنيا بما رحبت، تتلاعب بها الرياح والأنواء، وهي في هذا السن الصغير، فلم تجد إلا سفارة المملكة في طهران، لجأت إلى ذات الحضن الذي احتضن والدها واحتضن أهلها وذويها من قبل، فألقت عصاها واستقرّ بها النوى، غير آبهة بوالدها ولا جهاده ومجاهديه، آبت إلى أهلها وعقلها ووطنها تطلب (الحياة) وتركت لوالدها (الموت) في جُحره في تورا بورو كما تموت الجرذان في جحورها، ولسان حالها يقول: (لا تزر وازرة وزر أخرى)؛ ويقول أيضاً: (هذا جناه أبي عليّ وما جنيت على أحد)!
(عمر وإيمان) قصة مأساة إنسانية، تحكي معاناة الأبناء من جرائم الآباء؛ تحتاج فقط إلى (سيناريست)، ومُخرج خلاق، لتتحول إلى عمل سينمائي خالد. مثل هذا العمل فيما لو رأى النور سيكون أمضى سلاح في حرب العالم على الإرهاب، وفكر القاعدة. فالسينما اليوم سلاح لا تضاهيه الكلمة، ولا يرتقي إليه، وإلى تأثيره أية وسيلة إعلامية أخرى، وكما يقولون: أفضل من يكتب القصص الواقع لا الخيال، وأفضل من يمررها إلى الناس دور السينما. إلى اللقاء.