القاهرة - مكتبالجزيرة- دينا عاشور
أشاد خبراء عسكريون وسياسيون مصريون بالانتصار الذي حققته القوات السعودية على المتسللين الحوثيين على الحدود مع اليمن الشقيق، مؤكدين على أحقية المملكة في الدفاع عن سيادة أراضيها أمام أي معتدٍ.
وقلل الخبراء العسكريون من قيمة مبادرة المتمردين القائلة بالانسحاب من أراضي المملكة وقالوا: إنهم لم ينسحبوا، بل هزموا وهذا هو الأمر الحقيقي وما عدا ذلك فرقعات إعلامية أراد بها قادة التمرد الحفاظ على ماء الوجه أمام مناصريهم ومموليهم في الداخل والخارج.. موضحين أن إعلان عبد الملك الحوثي عن انسحاب أتباعه من المواقع- السعودية- لا يعدو عن كونه مناورة إعلامية جديدة يحاول من خلالها التغطية على الضربات الموجعة التي تلقاها المتمردون الحوثيون في الفترة الأخيرة في مختلف الجبهات بعد تمكن الجيش السعودي من طرد جماعته من المواقع التي كانوا قد وجدوا فيها سواء في جبلي الدخان والرميح أو موقع الجابري وهو ما كان الأمير خالد بن سلطان مساعد وزير الدفاع السعودي قد أعلنه قبل أيام.
وأكّد اللواء صفوت الزيات الخبير العسكري والمحلل الإستراتيجي المصري أن دخول الحوثيين إلى الأراضي السعودية كان خطأً إستراتيجياً كبيراً، وإعلانها انسحابها -الآن- من الحدود السعودية محاولة لتصحيح الوضع الخاطئ الذي وقعت فيه، ومحاولة أيضاً لفتح جبهة جديدة مع السعودية، وتهدئتها لدفعها إلى التعامل معهم كطرف فاعل داخل اليمن، وكقوة سياسية موجودة داخل اليمن، إلا أن المملكة ترفض التعامل معهم كحركة منفصلة عن الدولة اليمنية، مشيراً إلى أن وجود تنظيم القاعدة باليمن يأتي في مصلحة الحوثيين، لأنها سوف تتعاون معهم ضد الحكومة اليمنية لتحقيق مطالبهم.
وأضاف الزيات أن الحكومة اليمنية ترى أن الحوثيين ومشكلة الحراك الجنوبي يشكل خطراً كبيراً عليها يفوق خطر تنظيم القاعدة الموجود بالبلاد، وهو عكس ما يراه الرأي العام الدولي.وقال: إن الحوثيين يحاولون تكرار تجربة حزب الله في لبنان إلا أنها تفتقد الموارد المالية القوية التي تتوافر لدى حزب الله، وخلال الفترة الماضية اتضح أنهم جماعة أقرب إلى العصابات، ساعدتهم الطبيعة الجبلية الوعرة التي يعيشون فيها على التدريب والاختفاء وصعوبة وصول الجهات الأمنية إليهم، موضحاً أنهم يسعون إلى تحقيق قدر من الوجود السياسي داخل اليمن.
من جانبه قال اللواء نشأت الهلالي خبير إستراتيجي: إن الحوثيين أعلنوا انسحابهم من المملكة لأنهم رأوا عدم وجود تكافؤ في القوى بين السعودية والحوثيين، فأثروا الانسحاب حتى لا تستهلك قوتهم ويفقدوا قواتهم خاصة بعد تعرضهم لخسائر فادحة خلال مواجهتهم العسكرية مع السعودية، مشيراً إلى ما تتمتع به المملكة من امتلاك أسلحة متطورة، وحرصها دائماً على تطوير نظامها العسكري، وامتلاك أحدث الأسلحة، وتأتي بذلك على رأس الدول الخليجية في التطور العسكري واستبعد الهلالي محاولة الحوثيين في العودة مرة أخرى لمواجهة السعودية، حيث إنها تحارب أكثر من جهة في اليمن، فضلاً عن أنهم جماعة أقرب إلى حرب العصابات، ويستحيل الاستمرار في قتال السعودية على الحدود المشتركة بينهم، علاوة على أن المملكة بجهازها الاستخباراتي لديها القدرة على معرفة ما سوف يقدم عليه الحوثيون في الفترة المقبلة، لافتاً إلى أن الحوثيين ليس لديهم عقيدة أو هدف معلن في قتالهم مع المملكة، مما يجعله قتالاً غير مستمر.
وأضاف أن حرب الحوثيين في اليمن تشهد اهتماماً دولياً خصوصاً الاهتمام الأمريكي-البريطاني، حيث إن ما يحدث في اليمن من اضطرابات يشكل خطراً على استقرار وأمن بلادهم ولا سيما وجود تنظيمات للقاعدة داخل اليمن، مشدداً على ضرورة أن تعمل اليمن على تقوية جبهتها الداخلية عسكرياً - اقتصادياً للتصدي للحوثيين، فما تتعرض له اليمن من أزمات اقتصادية وارتفاع معدل البطالة تجعلها بيئة ملائمة لنمو مشكلة الحوثيين، لافتاً إلى ضرورة قيام الدول العربية بمساعدة اليمن لمواجهة ما يعتريها من أزمات خاصة دول الخليج التي لن تتخلى عن مساعدة اليمن فيما تواجهه.فيما يرى اللواء جمال حواش الخبير العسكري أن انسحاب الحوثيين من الحدود السعودية انسحاب مؤقت، ومرحلة تكتيكية لإعادة ترتيب أوراقهم وتنظيم أنفسهم وتجهيز عدتهم مرة أخرى، لما وجدوه من مواجهة قوية من الجانب السعودي الذي استخدم معهم قوة لا تتناسب مع إمكاناتهم وقوتهم، لذلك آثروا الانسحاب المؤقت، لافتاً إلى أن الحوثيين فشلوا في إيجاد مكان لهم كقوة سياسية في اليمن لمحاولة تقسيمها شمالاً وجنوباً، ولذا حاولوا إيجاد بديل من خلال خلق وجود لهم على الحدود السعودية.
لكن الدكتور قدري سعيد مستشار مركز الأهرام للشؤون العسكرية والإستراتيجية يرى أن الحوثيين لم يستطيعوا الوقوف أمام القوة السعودية بعدما أفقدتهم عدداً كبيراً من الضحايا، وأن استمرارهم كان سيعرضهم لخسائر فادحة، ويرى أن هناك محاولات لتلبية مطالبهم من الجانب السعودي واليمني وتوقع باستمرار المواجهات بين الحوثيين واليمن والدول التي تساندها وتؤيدها، مشيراً إلى احتمال تجدد المواجهات بينها وبين المملكة مرة أخرى لموقفها المؤيد لليمن، مؤكداً أن المملكة والدول العربية الأخرى وكذلك أمريكا وبريطانيا تدعم الحكومة اليمنية باعتبارها هي السلطة الشرعية فضلاً عن أن انهيار الحكومة اليمنية يؤدي إلى انهيار اليمن، مما يتسبب في اضطرابات في دول الجوار، موضحاً أن الدعم العربي والدولي لليمن اقتصادياً وعسكرياً سوف ينهي أزمات الحوثيين في اليمن خاصة أنها تعاني الفقر، وسيقلل من فرص تجدد المواجهة بينها وبين المملكة، وإنهاء صراعاتها داخل اليمن.
بينما يرى د.عادل سليمان مدير المركز الدولي للدراسات المستقبلية والإستراتيجية أن الحوثيين لا يملكون تنظيماً عسكرياً منظماً، ويعتمدون على أسلوب حرب العصابات في المناطق الجبلية شديدة الوعورة الذين يجيدون التحرك عليها والانتقال من مكان لآخر، فضلاً عن الاعتماد على الأسلحة الخفيفة سهلة الحمل للانتقال بيسر من مكان لآخر، علاوة عمّا يحصلون عليه من دعم لوجيستي من مناطق عديدة تمدهم بالأسلحة، الأمر الذي يساعدهم على الاستمرار في تنفيذ بعض العمليات الهجومية الصغيرة ضد أهدافهم، لذا تسعى اليمن مع السعودية لقطع طرق التهريب سواء في البر أو البحر، ويتوقف استمرارهم في تنفيذ العمليات العسكرية في اليمن أو غيرها على استمرار دعم بعض الجماعات أو الدول المؤيدة للحوثيين، مؤكداً أن خطر الحوثيين على اليمن يكمن في قدرتها في استقطاب وتجنيد عناصر جديدة في المناطق الجبلية، مما يؤدي إلى مزيد من الاضطرابات في مناطق متعددة باليمن تشتت قوات الأمن اليمنية، حيث إنها تقوم بعمليات عديدة صغيرة في مناطق مختلفة وفي أوقات متقاربة، وهذه الصراعات والحروب لا يتم حسمها بشكل نهائي عسكرياً، وقال سليمان إن الحوثيين هدفت من انسحابها من الحدود السعودية إلى جعل المملكة طرفاً محايداً وإخراجها من الصراع بينها وبين اليمن، .