البشرى التي بشّر بها معالي وزير المالية، ومن قبله معالي محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي عن قرب صدور نظام الرهن العقاري، كان لها الوقع الحسن على المهتمين بقطاع العقار وخصوصاً المهتمين بالتمويل العقاري من المواطنين، وبيوت التمويل.
فالتنمية العقارية تحتاج إلى تمويل، والتمويل يكاد ينحصر في شركات التمويل، وهذه الشركات تشترط على طالب القرض أن يقدم لها ما تضمن به استعادة قروضها، ولم يتفتق الذهن التمويلي بعد عمّا هو أفضل من رهن العقار كضمان للقروض لمواجهة المخاطر الائتمانية.
ولأني لم اطلع على النص الأخير للنظام الذي بشّر بولادته بعد مخاض عسير، فإني أتمنى أن يكون مماثلاً للمعمول به في الدول الأخرى، وألا يلتف حول عنقه الحبل السري عند ولادته، وأن يكون التنفيذ على العقار المرهون وفك رهنه في يسر وسهولة توثيقه.
أكتب هذا، وأنا أتذكر (نظام الرهن التجاري) الذي تطلب من الدائن المرتهن للتنفيذ على الرهن في حالة عدم وفاء المدين بالدين المضمون بالرهن، أن ينذر المدين بالوفاء ثلاثة أيام، فإن لم يستجب كان للمرتهن أن يطلب بعريضة من ديوان المظالم الأمر ببيع الشيء المرهون كله أو بعضه مما يتطلب السير في إجراءات الدعوى، وكأن الرهن دين عادي لا امتياز له، مما جرد الرهن التجاري من دوره العملي في الائتمان وصرف التجار عنه، وتسبب في بعض الحالات لضياع حقوق الراهن والمرتهن.
ولتقريب المفارقة، فإن نظام الرهن التجاري قد اعتبر الحقوق الثابتة في «صكوك اسمية» مما يجوز رهنها، وجاءت اللائحة التنفيذية للنظام لتعرف «الصكوك الاسمية» بأنها الأوراق المالية الاسمية من أسهم وسندات وحصص تأسيس وأخضع التنفيذ على هذه الرهون لقضاء ديوان المظالم.
ولكم أن تتصوروا أن أسهماً مرهونة لمصرف مقابل قرض، هبطت قيمتها أو تكاد إلى ما دون قيمة القرض، والعقد يعطي الحق للمرتهن ببيع الأسهم اقتضاء لقرضه، وأي تأخير في التنفيذ على المرهون سيضر بالرهن والمرتهن معاً، لفوات فرصة بيع المرهون في الوقت المناسب، ومع ذلك فإن النظام تطلب إنذاراً وعريضة تقدم للديوان، وانتظاراً حتى يأمر الديوان ببيع الشيء المرهون.
لعل نظام الرهن العقاري، يراعي مسألة التنفيذ على العقار المرهون، فنجاح النظام أو فشله في تشجيع الائتمان مقرون بسهولة التنفيذ على العقار المرهون، وقد يكون إسناد مهمة التنفيذ على المرهون إلى قاضي التنفيذ في المحكمة المختصة عن طريق المزاد العلني مع تحديد مدة زمنية للقاضي بإنجاز مهمته، مساعداً لنظام الرهن العقاري المرتقب على أداء مهمته الائتمانية في يسر وسهولة، تطمئن الممولين وتشجعهم على التمويل وتحمل مخاطره.