من المعلوم أن منح الأراضي للمواطنين يكون بهدف إقامة مساكن، ولكن الواقع كان يثبت عكس ذلك، من الناحية الواقعية كانت اغلب المنح أراضي بعيدة عن النطاق العمراني وتفتقر إلى الخدمات، ولهذا يسارع صاحب المنحة ببيعها بأبخس الأثمان، وبهذا لم تؤد المنح غرضها الأساسي. وبعد تطبيق أنظمة الحاسب الآلي قلت المنح غير المنضبطة.
مجلس الوزراء أقر في جلسته الأخيرة تشكيل لجنة وإعداد خطط خمسية لتوصيل الخدمات إلى مخططات المنح، والقرار بلا شك نابع من حرص خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - على استفادة أبنائه المواطنين من تلك الأراضي، وهي بالتأكيد خطوة مهمة وستنعكس إيجابا على مستوى تملك السعوديين للمنازل، وربما أيضاً تؤدي على المدى المتوسط إذا ما نفذت اللجنة الخطط بشكل سريع وفاعل على ارض الواقع إلى انخفاض أسعار الأراضي السكنية التي وصلت إلى أسعار عالية جدا طالت حتى تلك التي تقع خارج النطاق العمراني.
ومن الغريب أن قبيل إعلان قرار مجلس الوزراء بأشهر قليلة شهدت أراضي المنح التي لم تصلها الخدمات ارتفاعا في الأسعار، وكان ذلك محل استغراب من الكثيرين، كون تلك المخططات كانت طوال السنوات العشر الأخيرة تتداول بأسعار شبه ثابتة بعضها لم يتجاوز عشرة آلاف ريال وذلك نظرا لانعدام الخدمات فيها كالماء والكهرباء والهاتف والطرق، مما يعني استحالة البناء والسكن، بينما فضل البعض بناء حظائر للأغنام بها.
ليس لدي إحصائية دقيقة عن عدد مخططات المنح التي لم تصلها الخدمات على مستوى المملكة لكن هناك مصادر تؤكد أنها تتجاوز مليون قطعة ارض سكنية وهذا يعني أن إيصال الخدمات لن يكون أمرا سهلا أو سريعا ولا سيما ان القرار تضمن توصيل الخدمات بحسب الأولوية وترفع لوزارة المالية لتعتمد وفقا للإمكانات المتاحة وقواعد إعداد الميزانية.. وهنا يبقى الأهم وهو الإمكانات المتاحة التي هي بيد وزارة المالية، و»المتاحة» لا تأتي أحياناً إلا بعد زمن ليس قصيرا.
إن تطوير مخططات المنح بإيصال الخدمات سيكلف كثيرا ولا اعتقد أن ملاك الأراضي من المواطنين سيمانعون فيما لو فرضت رسوم معقولة للمشاركة في تكاليف إيصال الخدمات إلى أراضيهم بشكل سريع.
Hme2020@gmail.com