المؤشر يقول: أسعار النفط هي الأهم
أنهى سوق الأسهم الأسبوع الماضي خاسرا (129) نقطة، وذلك علي ضوء خسارة قطاع البتروكيماويات لحوالي 3.4%، وقطاع المصارف لحوالي 1.9%.. هذا وقد استمرت أسعار النفط هذا الأسبوع في التراجع الذي ابتدأته منذ أسبوعين تقريبا، حتى فقد السعر العالمي للنفط حوالي 9 دولارات من قيمته حتى إغلاق الثلاثاء.. ويأتي هذا التراجع في خضم إعلان جديد لصندوق النقد الدولي عن تزايد وتيرة تعافي الاقتصاد العالمي.. وهو ما أثار جدلا اقتصاديا واسعا كان أشبه بالمعقد منه بالمفهوم؛حيث إن تزايد وتيرة تعافي الاقتصاد يعني أن النمو سيتزايد، وبالتالي، سيتزايد حجم الطلب العالمي.. فكيف يحدث ذلك، وفي نفس الوقت تتراجع أسعار النفط؟ أما التساؤل الأهم: لماذا يستجيب سوق الأسهم لتراجع أسعار النفط ولا يستجيب لتوقعات نمو الاقتصاد العالمي رغم أن الأخير حتما سيؤدي إلى صعود أسعار النفط مستقبلاً؟
المؤشر وأسعار النفط:
رغم كل ما نقوله ويقوله الاقتصاديين بأن أسعار النفط لم تعد المؤثر الحيوي لسوق الأسهم المحلية، ورغم ما يروجه البعض بأن السوق قد ازداد عمقه وأن قطاع البتروكيماويات لم يعد هو المؤثر الرئيسي على المؤشر رغم كل ذلك، فإن واقع حركة التداول من يوم لآخر يثبت بما لا يدع مجالا للشك بأن أسعار النفط هي المحرك الأول لنفسيات المتداولين، وأن هذه الأسعار تلعب دور الساحر في تحريك أسعار أسهم شركات البتروكيماويات، وعلى رأسها سابك، والتي تلعب دورا هاما في تحريك كافة الأسهم الأخرى في السوق.. ولنا أن نعلم أن تأثير أسعار النفط على السوق لا يأتي من تأثيرها على أسهم البتروكيماويات فقط، ولكن يأتي من جانب تأثير اقتصادي حقيقي آخر، وهو أن سابك تلعب دورا هاما للغاية في تحريك عجلة النشاط الاقتصادي للعديد من القطاعات والأنشطة في السوق المحلي، وعلى رأسها قطاع المقاولات والبناء والتشييد والاستثمار الصناعي وغيرها وينبغي أن نعلم أن أسعار النفط تمثل واقعا حقيقيا ومؤثرا على سوق الأسهم ككل وبقوة، وبخاصة خلال فترات تراجع أسعار النفط، أما ما عداه من تقارير اقتصادية لمؤسسات دولية مثل صندوق النقد فإن تأثيرها على السوق يعتبر ضئيلا.
محددات اتجاه المؤشر خلال فبراير المقبل:
العنصر الأول الذي يتوقع أن يحدد مسار المؤشر خلال الشهر المقبل هو اتجاه أسعار النفط، وهو يرتبط بشكل أو بآخر بوتيرة تعافي الاقتصاد العالمي أما العنصر المحلي المؤثر الآن هو انتظار الاستحقاقات، والتي ستغير من فلسفة المتداولين مؤقتا حتى الحصول على هذه الاستحقاقات.. ومن جانب ثالث، ينبغي معرفة أن تراجع السوق خلال الأسبوع يأتي في طريق عدم امتلاك السوق لأية محفزات إيجابية ملموسة خلال الفترة المقبلة، وخاصة بعد خروجه من فترة إعلانات النتائج السنوية للشركات، والتي تخللها صعود قوي للقياديات في ضوء المضاربات على نتائجها، وبالتالي فإن المؤشر يفترض أن يبقى رهن مسار أفقي ضيق إلى حد كبير، إلا إنه في نفس الوقت يتوقع أن يستجيب لأية مؤثرات بالصعود أو الهبوط، ولكن داخل نطاقات ضيقة أيضا.
هبوط غالبية البورصات الخليجية والآسيوية مع تراجع النفط:
هبوط الأسبوع الماضي لم يتوقف عن السوق السعودي وحده، وإنما هو مسار جماعي لغالبية البورصات الخليجية بوجه خاص والآسيوية عموما، بل بالتحديد خلال يوم الثلاثاء الماضي سجلت غالبية البورصات الآسيوية، وعلى رأسها مؤشر نيكي الذي خسر خلال الأيام الأربعة الأخيرة (السبت-الثلاثاء) ما يناهز 5% من قيمته.. أيضا انتابت الأسواق الخليجية تراجعات جاءت حادة لبورصات الإماراتية، والتي خسر فيها سوق دبي حوالي 3.6% يوم الثلاثاء
تعزيز تنافسية سوق الأسهم المحلية:
الأسبوع المنصرم كان هو أسبوع التنافسية في المملكة من خلال منتدي التنافسية العالمي حيث تم إطلاق مبادرات جديدة لتنافسية قطاعات وأنشطة متعددة كما تم اطلاق مبادرة الأمير سلمان لتنافسية الرياض ومن بين هذه المبادرات برزت مدى الحاجة لتنافسية سوق الأسهم المحلي.. والذي أصبح يمتلك المقومات والإمكانات الضرورية التي تؤهله لنيل مراتب عالمية بين البورصات العالمية.. ولكن مع ذلك، يوجد هناك عنصر يتطلب مزيد من الدعم بالسوق، وهو الشفافية.. فكثير من البورصات ما كانت تعتبره معلومات حساسة في الماضي أصبح معلومات مجانية اليوم، والجميع يتطلع في السوق المحلي إلى مزيد من التفاصيل لبعض الجوانب.. ونحن لا نتحدث عن معلومات فقط، بقدر ما نطمح إلى الإفصاح عن المعلومات في الوقت المناسب، لأن طرح معلومة اليوم قد يكون عنصرا إيجابيا، ولكن طرحها غدا قد لا يمثل شئ.. وهذه نقطة هامة تحتاج للنقاش داخل كواليس هيئة سوق المال فسوق الأسهم المحلي يفتقد حتى الآن للإفصاح عن معلومات على سبيل المثال حركة التداول حسب الجنسية يوميا، وليس شهريا، وتقرير عن الرابحين والخاسرين، وتقرير عن أكبر المساهمين في السوق وليس أكبر المساهمين في كل شركة على حدة، وتقرير عن حركة تداولات الوسطاء.
لماذا التفاوت في أرباح المتداولين؟
إن السؤال الهام.. لماذا لا يستطيع العدد الأكبر من المتداولين تحقيق أرباح مجزية في السوق الآن كما كان في الماضي حتى رغم ارتفاع المؤشر في بعض الفترات؟ إن الإجابة تتمثل ببساطة في أن السوق أصبح أكثر احترافا من ذي قبل، وبالتالي فإن مقدرة الجميع على تحقيق أرباح قد تقلصت فالسوق حدثت به غربلة من كافة الجوانب، فالمتداولين أصبحوا أكثر حرفية، أيضا هيئة السوق زادت من رقابتها على السوق وفرض النظام بالقوة أيضا الوسطاء لم يعودوا كما كانوا من قبل أيضا البنوك لم تعد تعطي تسهيلات مثل الأول على الفاضي والمليان إذن لا مجال للربح سوى للمحترفين فقط..
المتداولين في السوق وتراجع عددهم:
حدث تراجع ملحوظ في عدد المتداولين في السوق في عام 2010م عنه في 2006م الذي كان من النادر أن تجد خلاله مواطنا غير متداول بالسوق، وكان من النادر أن لا يفتتح الحديث عن سوق الأسهم في مجالس المواطنين، ولكن الآن تراجع الاهتمام بسوق الأسهم كثيرا عن الأول، بل حتى المتداولين في السوق أصبحوا مستثمرين أكثر منهم مضاربين الأمر الذي يدلل على أن أعداد المتداولين في السوق قد تراجع بشكل واضح عن 2006م، إلا إن طبيعة وهيكل المتداولين قد اختلف للأحسن وأصبح يغلب عليه الطابع الاستثماري.
د. حسن الشقطي
(*) محلل اقتصادي