جدة - محمد صالح الشهري - تصوير - محمد الصميدي
يعد جهاز الدفاع المدني أحد الأجهزة الحكومية ذات الدور الفاعل في الحفاظ على حياة وسلامة المواطن والمقيم على ثرى هذا الوطن المعطاء. ولعل الحادثة الأخيرة في جدة دليل على جهود هذا الجهاز وأهميته البالغة وأهمية تطويره. في هذا الصدد كان ل(الجزيرة) هذا اللقاء مع مدير إدارة الدفاع المدني بمحافظة جدة العميد عبدالله حسن جداوي لإلقاء الضوء على بعض الخطوات الأولية في تناول الحدث ومشاركة الجهات ذات العلاقة وكيفية تذليل الصعاب لتحقيق الأهداف المنشودة من خلال محاولة استشراف مستقبل الدفاع المدني في محافظة جدة.
تسكين الأسر أولاً
حول تعامل جهاز الدفاع المدني في محافظة جدة مع الحدث، أكد العميد جداوي أنه منذ الساعات الأولى لهذا الحدث الأليم تم تسكين كل الأسر المتضررة، وتم تجهيز مراكز للمعلومات حيث تم إدخال كافة البيانات المتعلقة بالأسر المتضررة. وقد أعطيت خيارات السكن للأسر المتضررة نفسها، بمعنى إن المتضرر يختار الشقة التي تناسبه وأسرته في المكان الذي يرتاح له، حيث كانت التوجيهات من الجهات العليا بأن لا يتم تسكين المتضررين في خيام أو معسكرات محددة، وإنما يترك لهم الخيار ويتم إصدار التعميد وفق اختيارهم في حينه دون تأخير.
بعد ذلك تأتي آلية التأكد من المعلومات والتحريات بحيث يتم التثبت من موقف كل شخص ثم تأتي عملية التصفية، وعندما نجد أحد الأشخاص استفاد من هذه الخدمات وهو غير مستحق لها وغير متضرر فيوضع له حد ويعاقب حسب التعليمات ويكلف بإعادة المبالغ التي صرفت له إذا ثبت أنه غير مستحق لها. لأن التوجيه في البداية أنه يجب ألا يتضرر مواطن أو مقيم مهما كلف الأمر وبعد ذلك التحري والتدقيق حيث نظرت الدولة إلى المواطن والمقيم بعين واحدة.
مشاركة الجيش والحرس الوطني
وحول عمليات البحث واستمراريتها أشار جداوي إلى أن عمليات البحث لازالت مستمرة بمشاركة من الإخوان في الجيش والحرس الوطني والذين كانت لهم مشاركة فاعلة ويومية ومنتظمة حيث يوجد حالياً حوالي أربعمائة رجل ميدان وخمسة وسبعون ضابطاً تقريباً منهم حوالي مائة من الحرس الوطني والجيش.
التعامل مع البلاغات
وأشار العميد عبدالله إلى الاهتمام البالغ بأي بلاغ قائلاً: إن أي بلاغ يصلنا نعامله معاملة جدية ونتخذ الإجراءات اللازمة للإنجاز ونعقبه بالتحري عن دقة البلاغ ومنطقية البلاغ وصحته حتى لا يستفاد من مكرمة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- بطريقة غير صحيحة، حيث يتم التنسيق مع عدة جهات كالشؤون الصحية وشرطة المحافظة وكل الجهات ذات العلاقة حتى تتم عملية التثبت من صحة البلاغ وجديته ودقته واتخاذ القرار الصحيح.
واجهنا بعض العوائق
وعن العوائق التي واجهت جهاز الدفاع المدني قال جداوي: العوائق التي واجهت الدفاع ليست عوائق بما يعنيه هذا المفهوم ولكن ما أود إيضاحه أنه كان البعض يتداول بأن المواجهة كانت ضعيفة أو لم تكن بالشكل المرجو أو المأمول، وأنا أؤكد بأن مواجهة الحدث كانت منطقية وعقلانية ولكن لا ننسى أن كمية الأمطار وكثافة السيول وقوتها كانت تجرف شاحنات المياه التي يزيد وزنها على ثلاثين طناً، فلم يكن من المنطق ولا الحكمة أن تواجه هذه السيول إلا بشيء من التعقل والروية لأنه بمجرد فقدك لآلية من آليات الدفاع المدني أو رجل من رجال الدفاع المدني وأنت ترمي بنفسك في مكان غير قادر على مواجهته فبالتالي ستفقد مصداقيتك وثقة الناس فيك، وهذا ما جعلنا نسير المواجهة بالأساليب المناسبة ومنها استخدام القوارب المطاطية واستخدام الطائرات العمودية، فالتروي مطلوب في كثير من المواجهات، فإذا أردت أن تنقذ أشخاصاً يجب أن تجد السبيل المناسب لإنقاذهم فلا تضحي بهم وبنفسك في أسلوب مخالف واندفاعي وإنما ابحث عن الوسائل والطرق الملائمة للموقف حتى لا تفقد ثقة الناس فيك وقدرتك على مواجهة الأحداث.
ومن ضمن تلك العوائق أيضاً وكما يعلم الجميع بأن الرابط بين المواقع في شرق محافظة جدة والمواقع المتضررة في الغرب من المحافظة هو طريق الحرمين والذي تعطل لفترة من الزمن والرابط الوحيد بين شرق المحافظة وغربها والتالي هو من الأسباب التي جعلتنا نستخدم القوارب المطاطية والطائرات العمودية.
أما في بقية المواقع التي استطاعت الآليات الأرضية الوصول إليها فباشرت أعمالها بالكفاءة التي يجب أن تكون عليها ولازالت تعمل حتى الآن مع الكثير من الجهات الأخرى حتى إعادة الأوضاع إلى طبيعتها، وعندما أقول إعادة الأوضاع فإنني أعني إعادتها من قبل منظومة الدفاع المدني بشكل كامل التي تندرج تحت مظلة مجلس الدفاع المدني والذي يرأسه سيدي صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني ووزير الداخلية، حيث تنضوي تحت هذا المجلس كل قطاعات الدولة وتعمل كلها كمنظومة واحدة تحت مظلة الدفاع المدني، فنحن عندما نقول الدفاع المدني فإننا لا نعني منسوبي الدفاع المدني فقط وإنما مجلس الدفاع المدني الذي يشمل القطاعات الأخرى التي لها علاقة بمهام الدفاع المدني، والحمد لله كل جهة قامت بعملها على أكمل وجه.
عودة الحياة الطبيعية
وأشار العميد عبدالله جداوي أن آخر الأعمال التي شاركت فيها جهات عدة ما تم قبل أيام بتوجيه من سمو محافظ جدة حيث خرجنا جميعاً في سيارة واحدة، وأعني الجهات ذات العلاقة، حيث أعددنا محضراً بعد هذه الجولة عما تم إنجازه ووقع المحضر من ست عشرة جهة حكومية ذات علاقة. والحمد لله أقرت اللجنة بأهلية المواقع وجاهزيتها وجاهزية المدارس والمرافق الحكومية والطرقات ما عدا بعض الملاحظات الطفيفة جداً والتي لا تعطل عودة الحياة الطبيعية للمنطقة.
استشراف المستقبل
وحول استشراف المستقبل في جهاز الدفاع المدني بجدة علق العميد جداوي قائلاً: استشراف المستقبل موضوع كبير جداً وكلنا يعلم بأن الحدث كان كبيراً وبالتالي نحن لا ندعي الكمال وعلينا أن ننتظر بعض الوقت لاستكمال إجراءات الحدث الحاصل الآن، ونعد بأن يعاد تقييم ودراسة كل الخطط والإجراءات، فقد استخلصنا الكثير والكثير من الدروس المستفادة من هذا الحدث وبالتالي لابد أن نسخر هذه الدروس ونستفيد منها نحن ومن يأتي بعدنا في هذا القطاع من خلال إعادة تقييم الخطط وإعادة صياغتها بما يتواءم مع مثل هذه الأحداث.
كلمة لرجال الدفاع المدني
وفي ختام حديثة وجه العميد جداوي كلمة لرجال الدفاع المدني قائلاً:
أنا أحدهم وشهادتي فيهم مجروحة ولكن دائماً ما نؤكد أن خدمة الوطن والمواطن شرف نعتز به، فالمواطن أب وأخ وقريب ونعتبر أنفسنا جزءاً لا يتجزأ منهم فالمصاب واحد فنحن نسيج اجتماعي واحد ونحن نبذل كل ما في وسعنا وليس أدل على ذلك من بقائنا على مدار الساعة نعمل ونعمل لخدمة المواطن والمقيم على ثرى هذا الوطن الغالي لعل ما نقوم به يكون بلسماً شافياً مما حدث.
المواطن والمقيم
وخاطب المواطنين والمقيمين قائلاً: أما إخواني المواطنين والمقيمين فأنا أعلم أن خدمتهم واجب علينا وما أود لفت النظر إليه هو أن أعمال الدفاع المدني كثيرة ومتشعبة ومتنوعة وبالذات في هذا الحدث وكثير من الأعمال تساهم فيها جهات أخرى وكان البعض يعتقد أن أي خلل أو تقصير ناتج عن الدفاع المدني وأنا في هذه الحالة لا ألقي باللوم على جهات أخرى ولكن كانت توجه لنا أسئلة واستفسارات ليست من اختصاص الدفاع المدني وعندما نقول إنها من اختصاص جهات أخرى كان المواطن يلومنا على ذلك ولكن لم نتضرر أو نمتعض من ذلك لأننا نقدر الظرف الذي نمر به ويمر به المواطن الكريم وكلنا مسخرون لتقديم الخدمة ولا شك أن الدفاع المدني تلقى ويتلقى الكثير من الدعم من القيادات العليا في الدولة لتقديم أفضل الخدمات للمواطن والمقيم على هذه الأرض الطاهرة.