حين ينقطع الحوار الداخلي مع النفس تجف روافد الرؤية، وتضمحل الوهجات..
الروح يا نوَّارة تستمد منكِ وهجاً خفياً كلما هبت ريح جاء نهرك فاحتواها, تلك الإيماءة الصامتة حين تزدحم بين عينيكِ الوجوه، كانت تلفت انتباهتي، سألتك على مدى الطريق معك عنها, وحين انقطعت بيننا الرحلة، أوغلتِ أنتِ في المسافةِ، وبقيت للريح والشمس والوجوه، أستعيد إيماءتك تلك، أجدها يا نوارة خزينة عامرة، لا تنفد كلما أخذتُ منها، زادها الله،..
تعلمينني حتى وأنتِ موغلة في المسافةِ، وأنا هنا أتأمل وحدي في إيماءة شبيهة بما كنتِ تفعلين...
الوجوه كثيرة نوَّارتي، أكثر من استيعابي، وأقل من تأثيركِ، لذا أطفو دون الغرق، وأعلو على الموج كلما اصطرع وتباين مدَّه واختفى جزْره، هي الحياة كما كنتِ تحبين أن أتعرَّفها، وكما كنتُ أحرص على الغوص فيها وحدي أجدِّف ضد التيار.., لكنك ماهرة في النجاة، علمتني كيف لا تنتهي المحطات، ولا تنطفئ الشموع..
الحوار معكِ حياة.., والحياة ليست بدونكِ إلا مزيج من حضورك صوتاً، وإيماءة، وقراءة، وتأملاً.. وجهكِ لا يزال خريطتي ومنطلق محطتي، لذا الطريق طويل فسيح حتى أوغل إليكِ.