في عام 1373 هجرية كان كاتب هذا المقال أحد طلبة الصف الأول الابتدائي في المدرسة السعودية في مدينة حائل.
وكانوا -أهل حائل- يقولون عن هذا الطالب وهو في هذا الصف: هذا الطالب -الولد- بالصفر
والذي ربما أن هذا القول يعني أن الطالب بدأ في حياته الدراسية والتعليمية من الصفر. وكان يدرس في هذه المرحلة من التعليم كتاب هجاء -قراءة- للتعريف بحروف اللغة العربية وكيفية نطقها وحركاتها المختلفة، ومن ثم تركيبها في كلمات، ومن ثم في جمل.. وكان في آخر هذا الكتاب قطعة للقراءة والتهجي، وكان الطلبة يرددون قراءة هذه القطعة مع المدرس بصوت عال وبلحن مميز، وبداية هذه القطعة تقول: غُرس شجرك، وحُصد ثمرك.
والغريب في الأمر أن هاتين الجملتين لا تزال في الذاكرة، ولا تزال ترد إلى الخاطر، وكأنهما تقولان: أين الغرس، وأين الحصد، وما حدث لهما بعد مرور كل هذه السنوات، وأنتم الآن في سنة 1431هـ؟، فيرد عليهما الخاطر ويقول: لقد غرست الدولة أشجار التعليم في كل مدن وقرى المملكة، ووصل التعليم في الوقت الحاضر إلى أعلى مراتبه ومراحله، والبعثات التعليمية كانت ولا تزال على قدم وساق، والوفود الطلابية تأتي إلى المملكة من البلدان الأخرى للتعلم والدرس.
ولكن أشجارنا كبرت ولم تثمر، والحصد لم يأت أوانه، والناس تبحث عن الثمر في الصباح والمساء، تقرأ وتسمع عن المؤتمرات العلمية، والكراسي البحثية، والمقابلات التلفزيونية والصحفية.. الناس تريد أن تقطف ثمار أشجار التعليم، تريد أن تلبس ما يحكيه أبناؤها، وتركب ما تصنع مصانعها، وتأكل من ثمار زرعها وغرسها، وتتمتع باختراعات علمائها، وتتصفح ما يكتبه أدباؤها ومفكروها.. لقد آن أوان الحصد، فالغرس غرس، وأوان الحصد سيأتي ولكن متى سيأتي؟