صباح أمس دخلت مقر عملي وألقيت التحية على من أعرف ومن لا أعرف وأنا في طريقي تجاه المصعد..
ألقت في سمعي سؤالاً: هل أنت الأستاذة فاطمة العتيبي؟
قلت: نعم ومددت يدي مصافحة مرحبة..
ثم أكملت: يبدو أنك لم تعرفيني، فخجلت من القطع بالنفي وقلت أظن.. أظن..
قالت: معك العذر كنت إحدى طالباتك في الثانوية (..) بالرياض قبل سنوات. نسيتني ولم أنسك (قالتها مبتسمة).
كان المصعد الذي كنا ننتظره قد وصل أخيراً.
أكملنا حديثنا وسألتها هل أنت موظفة هنا؟
قالت: لا أنا أراجع في معاملة نقلي لظروف ابني ذي الاحتياجات الخاصة الذي يتطلب عناية خاصة وتردداً على مستشفى لا يوجد في المنطقة التي عيّنت فيها.
سألتها: وعسى معاملتك ماشية؟
ردت: لقد تعثرت المعاملة كثيراً وعانيت من فظاظة التعامل أحياناً من بعض من سارت إليهن المعاملة لكن..
فقاطعتها سريعاً لكن ماذا؟
قالت: راجع ولي أمري سمو الوزير فكان أن أعاد إلينا الأمل جزاه الله كل خير تفهم وضعنا الصعب وها أنا أتابع الموضوع ومتفائلة بتقدير ظروفي التي هي قدر من رب العالمين ليس لنا يد فيه ونحمد الله على كل حال.
ودعتها بعد أن أعلمتها عن مكان مكتبي وأكَّدت على أني على استعداد لبذل ما أستطيعه من أجلها ومن أجل طفلها المريض.
تذكّرت حينها أني قرأت بشارة لمن ييسّر أمور المسلمين ويرفق بهم ويقدّر ظروفهم ولا يكون شاقاً في تعامله معهم مع ما قدّر الله عليهم من هم وحزن ومرض.
أخرج الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ قَالَ أَتَيْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْأَلُهَا عَنْ شَيْءٍ فَقَالَتْ أُخْبِرُكَ بِمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي بَيْتِي هَذَا (اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ).
وعند أبي داود حديث يقول فيه صلى الله عليه وسلم: (مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَاحْتَجَبَ دُونَ حَاجَتِهِمْ وَخَلَّتِهِمْ وَفَقْرِهِمُ احْتَجَبَ اللَّهُ عَنْهُ دُوَ حَاجَتِهِ وَخَلَّتِهِ وَفَقْرِهِ).
هذا الموقف الذي لم أتكلّف في البحث عنه. جاء عفو الخاطر وبالمصادفة البحتة من مواطنة شكت من فظاظة بعض بنات جنسها، بينما قالت كلمة حق في الوزير الإنسان سمو الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد آل سعود وزير التربية والتعليم،كلمة لست أنا صاحبتها حتى لا اتهم بالتزلّف، أوردتها ونقلتها تقديراً مني لإنسانية المسؤول الذي يدرك أن منصبه تكليف وليس تشريفاً وأن شؤون الناس وتقدير حاجاتهم وحسن التعامل معهم باعتبارهم مواطنين وأصحاب حق وليسوا متسوِّلين لحاجاتهم عند أبواب بعض الموظفين والموظفات هو جزء أساس ومهم من واجبات الوظيفة العامة.
هذه المواطنة من المؤكد أنها ليست الوحيدة، بل هي واحدة من كثير من المواطنين الذين راجعوا سمو الوزير ويسَّر لهم أمورهم بالحق والنظام المكفول لهم! فطوبى له ما وعده به سيِّد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم فقد يسَّر على مَن ولي أمرهم فليبشر بتيسير من الله سبحانه وتعالى.
fatemh2007@hotmail.com