(لا أقاتل حتى تأتوني بسيف له عينان ولسان وشفتان فيقول هذا مؤمن وهذا كافر) سعد بن أبي وقاص.
قال سعد بن أبي وقاص مقولته تلك وانتبذ التل ورفض أن يشارك في صفين وجو الفتنة والكراهية، والمناخ العام حولنا يصطخب بمد شعاراتي كبير محتقن بالكراهية والتحفز ضد الآخر وساحة الإنترنت أصبحت مسرحا للمواقع التي تسهم في تشكيل فضاء قابل لتمرير الكثير من الأجندات السياسية التكفيرية. لاسيما أن الفئة المستهدفة من الشباب يتم الوصول إليها عبر الإنترنت.
قال تقرير للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان إن عدد مستخدمي الإنترنت في العالم العربي يبلغ 58 مليوناً وإن الكثير من الحكومات تمارس قمعا صارما على المواقع والمدونات. ولكن هذا لا يمنع من انتشار العديد من المواقع التي تستقطب الشباب وتسعى إلى تجنيدهم.
(وفي كتاب للباحث في معهد السلام الأمريكي -جابريل ويمان - يشير إلى الزيادة في عدد المواقع الإلكترونية التي تديرها المنظمات الإرهابية على شبكة الإنترنت العالمية، فقد قفز عدد تلك المواقع من 12 موقعا عام 1998 إلى 4.800 مما يعتبر مؤشرا خطيراً للوجود المكثف للإرهاب على صفحات الشبكة العالمية، ويقول ويمان: إن هناك حرباً ضروساً تدور على ساحة الشبكة العالمية الرهيبة، بيد أننا لا نراها، وبالتالي نجهل وجودها أساساً).
وقد اعترف النيجيري المتهم بمحاولة تفجير طائرة أمريكية أن منظمة القاعدة قد جندت ما يقارب العشرين فتى كقنابل موقوتة حول العالم قابلة للانفجار في أية لحظة. وبحسب ما أشار موقع العربية نت تم تجنيد جميع المجاهدين السعوديين الذين التحقوا بمنظمة فتح الإسلام بمعارك نهر البارد في لبنان عبر الإنترنت.
وجميع البؤر الساخنة والصراعات في العالم الإسلامي تتخذ لها واجهة عقائدية دينية لتمرير أجندتها السياسية، ابتداءً من أفغانستان وإيران والعالم العربي وصولا إلى أعتاب أوروبا. ولم يقتصر الصراع على العالم الإسلامي، بل اخترق أوروبا التي تفتخر بديمقراطيتها وبتخلصها من قرون مظلمة من سطوة الكنيسة نجد محاولة لاستحثاث واسترجاع جو من التوتر وصراع الحضارات والشعوب من خلال استثمار مواقف حكومية واجتماعية (كموقف فرنسا من الحجاب أو موقف سويسرا من المآذن) وسواها من القضايا بهدف تدويل الصراع وبث المزيد من التوتر في المناخ العالمي.
واليوم، بالتأكيد بعد أن يتعرض أي شخص في المنافذ الحدودية والمطارات لعملية تفتيش مهينة وقاسية تصل إلى حد انتهاك الخصوصية سيعلم أن هناك غيمة من الريبة والكراهية والتحفز تهيمن على العالم، وأن الإنسانية وأحلام التعايش والسلام تكابد انحسارا وانكماشا يبعث على الحسرة، فحتى الآن لم تخترع البشرية إلى الآن السيف الذي أشار إليه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.