وكأن الواقع في بعض الدول العربية يترجم ما نشاهده في المسرحيات الكوميديا العربية، فمثلما كان يردد الممثل السوري العربي دريد لحام (غوار الطوشي) حارة (كلمن أيده أله)، أصبح الوضع في العراق. فعشية قدوم وزير خارجية نظام الملالي في طهران منوشهر متكي إلى بغداد بزعم مناقشة الخلافات الحدودية، وقبل قدوم مبعوث ولي الفقيه، تفاجأ العراقيون بإعلان ما يُسمى بهيئة المساءلة والعدالة، بتوجيه خطاب إلى المفوضية المستقلة للانتخابات يتضمن شطب الدكتور صالح المطلق وقائمة الحوار الوطني لشموله بقانون اجتثاث البعث.
خطاب هيئة المساءلة والعدالة التي أُنشئت بديلاً عن هيئة اجتثاث البعث التي يرأسها أحمد الجلبي، ومديرها التنفيذي علي اللامي استند على الفقرة السابعة من نظام الهيئة التي لم يصدق عليها بعد مجلس النواب العراقي بعد أن استبدلت هيئة اجتثاث البعث بالهيئة الجديدة.. ومع هذا تدعي بأن قراراتها قطعية، رغم أن جميع هذه القرارات إقصائية ومهمتها إبعاد السياسيين من أهل السنة فقط. فالفقرة السابعة من نظام الهيئة تنص على (حظر كل شخص أو كل كيان أو نهج يتبنى العنصرية أو الإرهاب أو التكفير أو التطهير الطائفي، أو يحرض أو يمهِّد أو يمجِّد أو يروج أو يبرر له - خصوصاً البعث الصدامي في العراق ورموزه)، كما ورد في نص المادة السابعة.
والنص واضح ويشمل كل من يتبنى العنصرية أو الإرهاب أو التطهير الطائفي، ولم يحصر الإبعاد والحظر على البعثيين ورموزهم ومن يدعو ويروج للبعث. ويفهم المشرعون والقانونيون أن الهيئة أُنشئت للحد من ارتكاب جرائم الإبادة للجنس البشري، أو التورط في قضايا الإرهاب والفساد وعمليات التطهير العنصري، إلا أن أعضاء الهيئة والذين يديرونها وظفوها للانتقام من أهل السنة كمكون هام من الشعب العراقي بحجة إبعاد البعثيين. وينبّه القانونيون أنه إذا كان مطلوباً إبعاد من ارتكبوا جرائم إبادة وقتل لأفراد الشعب العراقي، فيجب أن يكون شاملاً لمن يرتكب مثل هذه الأفعال حتى في العهد الجديد. وإذا كان البعثيون متهمون بارتكاب جرائم قتل ونشر للعنصرية، فإن في العراق اليوم أفراد وكيانات معروفة جداً والعراقيون يشخصونها بسهولة ارتكبت جرائم قتل هزت العراق والإنسانية، فقد قُتل العديد من أساتذة الجامعات والعلماء والطيارين ورُميت جثثهم في نهر دجلة، وشُكلت مليشيات طائفية دربها وقادها ضباط مخابرات من إيران ومنهم من يحمل الجنسية العراقية المزدوجة ومنهم من أصبح عضواً في مجلس النواب، بل وزراء وأكثر من ذلك، فنوري المالكي خاض صراعاً دموياً من خلال ما يسميه حملة فرض القانون واشتبكت القوات التي أنشأها خصيصاً ولا تأتمر إلا بأمره مع ما يسمى ب(جيش المهدي) وما سمي بالخارجين على القانون. وإذا ما طبقت المادة السابعة تطبيقاً عادلاً فيجب استبعاد حزب الدعوة والصدريين مؤسسي جيش المهدي، وحركة بدر، ومن أنشأ فرق الموت بوزارة الداخلية والآن يشغل منصب وزير المالية. وجميع هؤلاء تبنوا الإرهاب والتطهير الطائفي الذي يعد أكثر ضرراً من التهمة الموجهة لصالح المطلق المتهم بالترويج للبعث..!
jaser@al-jazirah.com.sa