مرة أخرى تذكرنا الأمية بنفسها وأنها لا زالت رفيقة درب للعالم العربي المسلم، فاليوم العربي لمحو الأمية وتعليم الكبار يوافق في هذه السنة 22 محرم 1431هـ، 8 يناير 2010م. غريب أمر هذه الآفة أو العاهة أو المرض (الأمية)..
فهي لا تريد أن تنفك من العالم العربي أو تقدم له فترة راحة يستطيع أن يسترد أنفاسه فيها ولو لفترة بسيطة. ولكن حبها شديد لهذا العالم لدرجة أنها تجند الآلاف من أتباعها كل عام لتزيدهم على رصيدها الهائل المتراكم عبر عشرات السنين. وهي تحاول أن تزيد هذا الرصيد بكل ما أوتيت من قوة حتى بلغ عدد أتباعها في العالم العربي أكثر من مئة مليون شخص بين صغير وكبير وشاب وفتاة ورجل وامرأة. وهي تتسلل في هذا العالم في قُراه وأريافه ومناطقه النائية والبعيدة، والمناطق الجديدة، ولم تكتف بذلك بل أصبحت تتسلل حتى في المدن المتحضرة الكبيرة التي تعج بالمدارس والمعاهد والكليات والجامعات، وتضرب بعرض الحائط جميع الخطط التربوية والتعليمية والإصلاحية والتطويرية فتسللها هذا غير مرئي فهي كالماء الذي ينسال ببطء شديد حتى يكون بحيرة كبيرة تقضي على من يواجهها. والأمية تضحك وتقهقه على ما يسمى الخطط العربية لمواجهتها والقضاء عليها لأنها لم تنجح وهي لا زالت أي الأمية تفتك بالمجتمعات العربية تارة بقسوة وتارة بهدوء وهي تقول للعالم العربي وفر جهودك أيها الحبيب وخططك ومحاولاتك غير الفاعلة فهي لن تجدي نفعاً معي هذا أولاً وثانياً فأنا أحبك حباً شديداً ولا استطيع التخلي عنك مهما طال الزمن. وتضيف أتذكر أيها العالم العربي إستراتيجيتك العربية لمحو الأمية كما سميتها أي لمحوي هل تحقق منها شيء، أتذكر الإستراتيجية الثانية التي كان نصيبكم منها الطباعة فقط.
ومع هذا فلن أعاتبك أو أغضب منك أو أقاطعك فهو أمر صعب الاحتمال بالنسبة لي ولا أجد مكاناً أفضل لي في العالم سواك أيها العربي.
ففي غفلة من الغافلين أستطيع أن أعمل وأتصرف وأجهل من أشاء فأين أجد هذا في أي مكان لي في العالم. فأنت منشغل عني بأمورك ومشكلاتك السياسية والاقتصادية وصراعاتك المتعددة وأنا لا أمثل أولوية بين هذه الأمور، فاتركني وشأني ولا تخصص حتى يوماً لي. وعلى الله الاتكال.