كل المبررات والمؤشرات والأرقام تؤكد على ضرورة وجود (مدينة جامعية) في حفر الباطن, تلك المدينة القابعة في أهم المواقع الإستراتيجية: شمال شرق المملكة التي يقطنها نصف مليون نسمة كإحدى أكبر المدن كثافة سكانية, وأكثرها حيوية ونشاطا وحركة.
وإذا كان التعليم العالي قد أعلن عن جامعة لأهالي حفر الباطن قبل سنوات فلماذا لم تر النور بعد ؟ رغم ترسيتها على شركات متخصصة في منافسة يعرفها الجميع, حيث جاءت مساحتها 7.997.114 متراً مربعاً , وهل جامعة وحيدة بتلك المساحة تكفي لمدينة تبعد عن أقرب جامعة لها 500 كم ؟!! هل تكفي جامعة أو شبه جامعة لمدينة يتجاوز عدد الطلاب والطالبات بها 110.000 طالب وطالبة يدرسون بمدارس تناهز الـ 500 مدرسة بكافة مراحل التعليم العام الابتدائي والمتوسط والثانوي ، منتشرة في المدن والقرى ، بين مدارس ذات مبانٍ حكومية ومستأجرة ؟؟ وماذا عن المستقبل الذي تزداد فيه أعداد مخرجات التعليم العام ؟ ماذا أعد التعليم العالي لهم من فرص تعليمية خلال السنوات العشرالقادمة ؟
ويقتصر شبه التعليم العالي - الآن - بحفرالباطن على دبلوم تمنحه كلية المجتمع (نصف جامعة) لتخرج أعدادا محدودة في كل عام بلا وظائف حيث إن أغلب تلك الوظائف متاحة للجامعيين, ومثل هذا ينطبق على التعليم العالي للبنات حيث توجد كليات للبنات بتخصصات تاريخ واقتصاد منزلي ودراسات إسلامية وإنجليزي ولغة عربية ورياضيات وأحياء يبلغ مجموع الطالبات بها بمساراتها الأربعة 4780 طالبة منتظمة و 1455 طالبة منتسبة, وهي تخصصات بعيدة إلى حد ما عن متطلبات سوق العمل, ما يجعل الخريجين والخريجات من هذه الكليات خارج أسوار المؤسسات الحكومية والأهلية كمنحدر حاد نحو البطالة.
ونظرا لكثرة المتقدمين رفعت تلك الكليات نسبة القبول بها إلى 89% وهو رقم مرتفع يحد من قبول بقية المتقدمين, فلا الأقل نسبة وجدوا مكانا في كليات المجتمع ولا المتخرجين وجدوا عملا يتناسب مع طموحاتهم ويخدمون به بلدهم.
ونظرا لقلة فرص المتقدمات للتسجيل أو قلة فرص الوظيفة للمتخرجات لجأت أعداد ليست بالقليلة من طالبات حفرالباطن للدراسة في المحافظات المجاورة للحفركالنعيرية ورفحاء وغيرها, وهذا له سلبياته الكثيرة كالآثار النفسية والاجتماعية التي تترتب على أمر كهذا !!
أما الذين لم يتمكنوا من القبول أو الدراسة خارج المدينة, فمصيرهم أن يبقوا بدون شهادة جامعية حتى إشعار آخر !!
والمواطنون هناك يتحدثون كثيرا عن ضرورة إنشاء مدينة جامعية تفي بتخصصات سوق العمل لهم ولأجيالهم اللاحقة التي لا يعرف أحد مصيرهم التعليمي طالما ظل هذا الأمر بهذه الصورة وبهذا الشكل وبهذا النسيان.
إن خروج مدينة كبيرة كحفر الباطن بها أعلى مؤشر نمو سكاني من دائرة التعليم العالي يحد كثيرا من تطورها ويعرقل الحركة الاقتصادية الكبرى بها ويعجل بهجرة الكوادر المتميزة بها إلى مدن أخرى طلبا للفرص التعليمية والفرص الوظيفية.
NLP1975@Gmail.com