تعهدت هيئة المواصفات والمقاييس والجودة بقطع دابر كل «فيش مغشوش».. والموعد كما قالت بعد ثلاثة أشهر.. وهذه التسعين يوما كفيلة بأن تمتلئ المخازن بالمغشوش.. لكن لا بأس أن يأتي المنع بعد حين، خير من أن لا يأتي أبدا..
وغضب الهيئة بشارة خير.. فهي منذ سنوات لم تغضب.. ولعل «الفيش» يكون بداية انتفاضتها التي نتمنى أن تمتد لتصل إلى كل ذي علاقة بمرور أو تمرير «المغشوش».
لا نشك في حرص الهيئة وكثيرا ما يتحدث رئيسها الدكتور نبيل ملا عن طموحات كبيرة، لكن الأمر لا يقتصر على الهيئة وحدها فهناك جهات لها علاقة مباشرة بإفساح دخول البضائع وفي مقدمتها وأهمها الجمارك وهي ما نتمنى أن تنتفض على كل مغشوش.
القضية اكبر وأوسع واشمل من «الفيش»، فالكم الهائل والتنوع المفزع للسلع المغشوشة المنتشرة على أرفف المحلات وبطريقة جعلت منها للأسف إحدى علامات السوق السعودي، بل ان هذه السلع ساهمت بانتشار محلات تجارية تعتمد على بيع هذه المنتجات بأسعار يعتقد المستهلك أنها رخيصة بينما هي مكلفة كثيرا اقتصاديا وصحيا وبيئيا.
بالتأكيد إن هذا الكم الهائل من الواردات المغشوشة خلفها تجار غشاشون لديهم من الأساليب والوسائل ما يمكنهم من تمرير بضائعهم بكل سهولة، بل ربما أسهل من تمرير بضائع جيدة، ولا يمكن لأي جهة أن تنكر هذا، فهذه البضائع المغشوشة لم تدخل عن طريق التهريب بل دخلت (على عينك يا تاجر).
وإذا ما سلمنا بأن هذه البضائع سارت من أمام ممر الرقيب، فهي اكبر من أن تهرب في لمحة بصر، إذاً هناك خلل وليس من الصعب ان تتحسس الجهات المعنية مكامن ذلك الخلل الذي بات يتسع حتى لم يعد يمكن تضييقه إلا بالمحاسبة والشفافية ووضع النقاط فوق حروف الحقيقة.
لا يمكن لأي بلد أن يمنع بشكل مطلق دخول البضائع المغشوشة، في ظل تزايد حركة التجارة الدولية، ولكن ليس مرضياً أن بلداً مثل المملكة يمكن أن يكون مقراً تنتهي به صناعات السلع المغشوشة، كما أن ذلك لا يتناسب مع ما يعلن من توفر أكثر الأجهزة تطوراً في عمليات التفتيش ومطابقة المواصفات.
نعم هيئة الموصفات لم تكن في السابق قادرة على أداء الدور الكامل لمطابقة جميع المواصفات ولكن حاليا الهيئة تحظى باهتمام اكبر من دوائر القرار العليا ولمسنا مؤخرا تحركا مهما في عملها، ولكن هذا يحتم عليها أن يلمس الجميع نتائج ذلك على ارض الواقع، كما أن ذلك يجعل من الجهات الأخرى تتحسس مكامن الخلل بها ولعلها تعالجه قبل أن تكشفه «قويزة» أخرى.
Hme2020@gmail.com