«من جار على صباه جارت عليه شيخوخته»
هكذا يقول العرب في حكمتهم..
على الرغم من أن فكرة الجور على أي مرحلة في عمر الإنسان لا تروق لي البتة.. فالرفق كما وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رافق أمراً إلا زانه، وما فارق أمراً إلا شانه.. فلماذا الجور على الصبا؟ ألأن الصبا مرحلة انفلات الشعور, وتدفق الأخيلة، وإوراق الأحلام.., مرحلة الضابط غير الحازم، والوعي غير الجازم.., والانقياد للنفس في غير تبصرة.. لذا جاء ظل الله تعالى مكافأة لشاب نشأ في طاعة الله.. أسوة بآخر راودته امرأة عن نفسه فاعتصم خوفاً من الله..؟ وما الصبا إلا غياب مؤقت للضابط بمثل ما يغيب الضابط عن إنسان ناضج قد بلغ الوعي والنضج والإدراك فيه مراتب المسؤولية.. فيكون الصبي بعمره ومستوى وعيه، ويكون الناضج المدرك بتفريطه في معية النفس وأمارتها.. وسيان بين الاثنين، ولا كفة تحمل الضابطين معاً..
من هنا فإن جور الشيخوجة على المرء هو عقاب النفس عند العظة، بينما جور المرء على نفسه في الصبا يكون حرماناً من محضن يحتويه، ووالد يوجهه، ومرب يعلمه، وقدوة يحذوها..
إن مرحلة الصبا لا تزال في مرمى الآباء والأمهات والمربين والمربيات، متى جاروا هم فإنهم يتأخرون عن أدوارهم الصحيحة، ومتى جار الصبي على نفسه فإنه صوت الداخل فيه المفرغ من بذورهم.. فلعلهم يسمعون.