قبل أن يترجل الدكتور عبدالعزيز السبيل عن صهوة عطائه الثقافي كقيادي تشهد له الساحة الثقافية بكل فروعها بأنه بالفعل خلّف تغييراً ووجهها إلى الأحسن والأبرز، أقول قبل ذلك كنت أتحاشى أن امتدحه أو أن أبين مواقفه التي لا تحتاج مني إلى تبيان فهي كالشمس مهما سعى الغربال إلى إخفائها، كان مصدر خوفي أن يقال إنني أجامله أو إنني ابحث عن مصلحة ما في مجال تخصصي مع أنه كان الأقرب والأسرع في المبادرة لتحقيق آمال التشكيليين عامة وأنا واحد منهم وآمال غيرهم من أصحاب العطاءات التي كانت مبعثرة هنا وهناك فأعطى كل خباز عجينته فهو الأعلم والأعرف بها، الفنون التشكيلية والتصوير الفوتوغرافي والمسرح والكريكاتير والخط العربي ليصبح لكل من هذه الإبداعات جمعية تلم شمل المنتمين إليها والموهوبين فيها فمنحوا من خلالها لأول مرة في تاريخهم بطاقة وطنية تحمل اسم إبداعهم الذي سكنهم وسكنوه اعتراف أنهم مبدعون يستحقون التكريم والدعم، لقد أصبحت هذه الجمعيات الآن في حال من الذهول والترقب والتوقعات التي لا نشك أن من سيأتي خلفا عنه سيكمل المسيرة فيما وضع لهذه الجمعيات من أهداف تصب في خدمة الوطن ولهذا ستجد ما يؤمل فيه من معالي وزير الثقافة الإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجه ومن سيتسلم زمام الأمور الثقافية. مع أننا لا زلنا نعيش الأمل في أن يرجع الدكتور السبيل عن قراره.
لقد عشنا وتعايشنا مع ما عاناه الدكتور السبيل لتأسيس هذه الجمعيات وأخص منها الجمعية السعودية للفنون التشكيلية أول جمعية قادت بقية الجمعيات في تتابع التأسيس فحمل التشكيليون هم التجربة ووضع النظام لأول مرة في تاريخ هذا الفن، استقي هذا النظام بتوجيه من الدكتور السبيل من أنظمة الجمعيات العربية ذات العلاقة ومن الاتحادات والرابطات التشكيلية واستخلص منه نظام يتوافق مع القيم والمبادئ والأنظمة المحلية.
ثم جاء يوم لا ينسى تحقق فيه حلم دام سنوات طويلة سعى التشكيليون فيها إلى المطالبة بهذه الجمعية فقوبل الطلب بالرفض مع انه مطلب حضاري سبقتنا به دول اقل قدرة وعدة وعتاد ماديا وبشريا، يوم أعلن فيه إقرار نظام الجمعية تبعه إقرار رسمي بها ثم تم اختيار مجلس إدارتها بديموقراطية زرعها الدكتور السبيل في نفوس الفنانين فتجمعوا من كل مناطق المملكة أيضا لأول مرة منذ سنوات ليختاروا أعضاء المجلس حسب النظام الرسمي لاختيار مجالس الإدارة بالترشيح وبمراقبة رسمية أيضا ثم سعى الدكتور السبيل ليكون للجمعية مقر تنطلق منه وهي واثقة الخطى فاجتمع بمدير عام معهد العاصمة النموذجي وخرج منه بمقر للجمعية في مركز الأمير فيصل بن فهد للفنون بالمعهد وبإيجار رمزي بمباركة من صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبدالعزيز رئيس مجلس إدارة جمعية الخريجين بالمعهد رأى فيه الاثنان دعما للجمعية الوليدة.
الحديث يطول عن جانبنا نحن التشكيليين وما قدمه هذا الرجل في وقت قصير لهذا الفن، سنقدم الكثير منه في صفحة قادمة بمشاركة الزملاء الذين تزاحمت اتصالاتهم للكتابة وتوديع هذا الرجل الذي وصف بصديق المبدعين أكثر منه وكيلا لوزارة.
نيابة عن التشكيليين نقدم لك تحية ملؤها التقدير وشكر لا يغطي مساحة ما قدمته للإبداع من جهد وما منحته للمبدعين من حب جمعت به قلوبهم فأصبح رصيدا يمنحك القوة بإذن الله لعطائك القادم في أي مكان ومجال تكون فيه.
monif@hotmail.com