Al Jazirah NewsPaper Monday  04/01/2010 G Issue 13612
الأثنين 18 محرم 1431   العدد  13612
 
لماذا الحديث عن الاستدامة في هذه الأيام؟
د. غازي العباسي(*)

 

إن المتأمل في حال العالم والأحداث الملمة به يدرك جليا مدى أهمية استشعار الأزمة المناخية التي يمر بها العالم ولعل من أبرزها مؤتمر الأرض ب(كوبنهاجن) الذي حضره اغلب رؤساء العالم لمناقشة مستقبل كوكبهم، إن مفهوم الاستدامة يعني أن تستمر الحياة على سطح الكرة الأرضية باتزان فلا يطغى شيء على الآخر والحرص على الحفاظ على الدورة الحيوية كما خلقها الله سبحانه وتعالى وأمرنا بتعميرها لا بتدميرها، فلقد سعى الإنسان في الخمسين سنة الأخيرة إلى التوسع في الكثير من الاستهلاكات، كان كل ذلك ينعكس سلبا على تدهور البيئة مما يجعل الحياة صعبة على الكرة الأرضية، فالتغير المناخي هو إنذار مبكر وعلى العقلاء التنبه لذلك ومراجعة النفس بالتعقل في البناء والعمران وان يكون بناؤنا وعمراننا يتماشى مع مفهوم الاستدامة أي عدم العمل على تدهور معطيات الأرض وعدم تشويه دائرة الحياة أو العبث بها. والعمران يعتبر من أهم المؤثرات على تنسيق طبيعة الأرض ولعل ما حدث في مدينة جدة هو أحد أوجه هذا الخلل الذي يجب أن نتداركه، قد تكون هناك ممارسات كثيرة تساهم بشكل أو بآخر بالإسراف في الطاقة فعلى المصمم مراعاة الاستفادة من وسائل الطاقة الطبيعة المتوفرة كالضوء، والتهوية بدلا من الاعتماد الكلي على الإضاءة والتهوية الصناعية لما لها من التأثير السلبي كما ذكر سابقا على بيئتنا ولما لها من الأثر المباشر على نفسيات مستخدمي هذه المباني، لذلك ظهر مؤخرا مصطلح ما يسمى بالمباني الخضراء هذه المباني الخضراء هي تلك المباني التي تعتمد اعتمادا كبيرا على الموارد الطبيعية ابتداء من اختيار الموقع، وطريقة تجهيز الموقع، واختيار مواد البناء، وطرق تشغيل المبنى وحجم الطاقة المستهلة لذلك، كل الاحترازات السابقة عند الأخذ بها عند تصميم أي مشروع نكون عندئذ نحقق مفهوم الاستدامة الحقيقي.

كل المعطيات السابقة دعتنا في كلية العمارة والتخطيط إلى السعي إلى تبني مؤتمر عالمي يساهم في العمل على تقديم بعض الحلول والإجراءات للوصول إلى مستوى عال من الاستدامة التي قد نجد الكثير من التوجيهات الربانية في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ما يدعونا إلى عدم الإسراف والحفاظ على الممتلكات من غرس وماء.

وقد يكون العمل على ربط التقنية بالاستدامة في هذا المؤتمر هو من أهم ما يجب أن نخرج به من توصيات، لأنه دائما ما ترُبط التقنية بأنها من أهم المسببات لتدهور البيئة، إلا أننا نعتقد أنه عند ترشيدها وحسن التعامل معها قد تكون رافدا ايجابيا للاستدامة ولعل ما نخرج به في المؤتمر من توصيات سيجيب عن الكثير من التساؤلات ويوضح بعض المفاهيم والأساليب المغلوطة في التعامل مع البيئة وبخاصة المبنية منها.

(*) رئيس مركز الأبحاث بكلية العمارة والتخطيط - ورئيس اللجنة الإعلامية للمؤتمر



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد