المؤسسات والشركات التي تتعاقد معها الجهات الحكومية، وتتصدى لأعمال التعمير والإنشاءات والتطوير والصيانة لدينا، يقع عليها واجب مهم نحو المجتمع حينما نطالبها عادة بمزيد من الخدمات والمشاريع الإنسانية غير الربحية.
فنحن هنا لا نتهم هذه الشركة أو تلك بالتقصير، أو نسم أياً منها بالعجز، إنما نودها وفيَّة لكل ما من شأنه خدمة المجتمع ومرافقه، وتقديم العون له، ومد جسور التواصل معه من خلال جُمْلة من الأنشطة والمشاريع الإنسانية التي ترافق عادة مثل هذه العقود على نحو إنشاء مرفق خدمي، أو تطوير بناء منشأة صغيرة كصالة رياضية، أو تصميم حديقة مناسبة داخل حي سكني، أو تقديم خدمات طبية، أو خيرية.
فهذه الإسهامات تعدُّ هي الجانب المشرق في العلاقة بين الشركات والمؤسسات وبين هؤلاء الذين ينتظرون مثل هذه الجهود التي ستعود حتماً بالنفع على الجميع؛ فالشركات والمؤسسات التي تنجح في الحصول على مثل هذه العقود، وتَهمّ بإنشاء المشاريع في أي مكان من الوطن، لا بد لها من تفعيل شرط أساسي يدرج عادة ضمن اختصاصها، ومهامها، وبنود عقدها، يتمثل في حواشٍ فرعية ملحقة تؤكد تقديم خدمات إنسانية واجتماعية غاية في الأهمية.
ولكي تكون هذه المشاركة مهمة ونافعة من قِبل هذه الشركات والمؤسسات، المحلي ومنها والعالمي، من الأجدى التنوُّع في عرض هذه الخدمات المصاحبة للمشاريع الكبيرة، كأن يكون هناك اهتمام بالفنون الفلكلورية، وصيانة التراث، وحفظ الموروث الشعبي، من خلال الإسهام في تقديم ما قد تحتاج إليه مثل هذه الجهات التي ترعى هذه الأنشطة في بلادنا.
فالمراكز التراثية، والجوائز التقديرية، والمنشآت الخدمية يجب أن تكون ضمن دائرة اهتمام هذه الشركات؛ فالخدمة قد تكون على شكل تدريب للعاملين الشباب، أو تطوير مرفق، أو توسعة منشأة، أو تقديم منح دراسية تسهم في البناء وصيانة المرافق العامة؛ فكلما اقتطعت هذه الشركات من مبالغ عقودها الضخمة، ولو القليل، حتماً ستلبي الكثير من الاحتياجات التي تسهم في خدمة المجتمع.
أمر آخر ذو صلة بهذا الشأن، يتمثل في أهمية أن تتوسع أنشطة الشركات والمؤسسات والأعمال الخدمية، وأن يتنوع الدعم المادي والخدمي للمرافق التي تحتاج إلى دعم القطاع الخاص؛ فالمجتمع يقدِّر مثل هذه الجهود، ويتطلع لها من أجل تحقيق معادلة العطاء الإنساني في الأعمال المؤسساتية، ومن أمثلة التوسع والتنوع أهمية إنشاء جوائز في حقول الزراعة، وأخرى في مجال الطب، أو الثقافة، أو العمل الإغاثي. فيمكن لنا أن نستشهد - على سبيل المثال - بمَنْ حولنا؛ ففي الجمهورية التونسية جائزة باسم الشاعر الشهير أبي القاسم الشابي، حيث تعلن كل عام برعاية ودعم كامل من أحد البنوك التجارية في العاصمة (تونس)، بل يشرف ذلك البنك على شؤونها، ويتكفل بمصاريف منحها منذ أعوام، وهذا المثال يقودنا إلى أهمية أن تتضافر جهود هذه الشركات والمؤسسات والبنوك لدينا لما يحقق الفائدة من وراء هذه العقود التي تعدُّ ثمارها المعنوية هي هذه اللمسات الإنسانية المهمة.
hrbda2000@hotmail.com