Al Jazirah NewsPaper Thursday  31/12/2009 G Issue 13608
الخميس 14 محرم 1431   العدد  13608
أسس الحوار الفعال
مندل عبدالله القباع

 

في البدء يجب أن نتوقف عند مفهوم علمي للحوار: ما الحوار الذي نقصده؟ فالحوار هو فن تبادل الأفكار والآراء مع الآخر مباشرة، وفي المواجهة مع استخدام أسس وقواعد الإقناع المنطقي بهذه الأفكار والآراء، على الرغم مما قد تحمله مع أخطار كالتصلب أو التعصب والانفعال نتيجة للتحدي أو الإثارة، فما الشروط الموضوعية للحوار الفعال؟

1 - السعي لبلوغ الاتفاق على قضية تمثل مرتكز الحوار.

2 - إدراك أن التنوع الفكري والأيديولوجي هو أساس إثراء الثقافة الإنسانية.

3 - البحث عما يجمع وبيان ما يفرق مع احترام ذاتية الآخر وخصوصيته.

4 - الاحتكام إلى العقلانية وعدم اللجوء إلى التعصب والانحياز والانفعال العاطفي.

5 - الاعتماد على النواحي الإيجابية في فكر الآخر وإبرازها مع عدم اللجوء إلى تضخيم الذات.

6 - الوعي السليم بظروف الحوار الموضوعية ومرتكزاته الواقعية.

7 - بناء رغبة مشتركة في الدفاع عن القيم الإنسانية بما يضمن التفاعل الإيجابي في عملية الحوار.

8 - عدم محاولة التسلط أو الهيمنة أو التعالي على فكر الآخر، مهما كان مخالفاً، مع احترام ثقافة الاختلاف والخصوصية في النمط الحياتي.

9 - الاعتماد على الإقناع بالأدلة الثبوتية والتطبيقية.

ونسوق مثالاً تطبيقياً لمحاورة قائمة بين والد وابنه أو معلم وطالب حول مضار التدخين على الصحة وعلى الوضع الاقتصادي وعلى تلوث البيئة والإضرار بالآخرين فيما يطلق عليه التدخين السلبي.

وهنا فالاستجابة للمحاور تحتاج إلى استخدام فن الإقناع ورائعة الاستدلال ومنهجية الترغيب والترهيب.

وعلى المحاور من أجل الإقناع استخدام أدوات مخاطبة العقل، ومن أجل تحقيق الاستجابة فإن عليه استخدام فنون تحريك المشاعر.

ولكن تم شكوى من بعض الآباء والمدرسين من أنهم في بعض المواقف الحوارية لا يستطيعون التحكم في أعصابهم، وقد يثورون نتيجة تحدي الطرف الآخر في الحوار، سواء كانوا أبناء أو طلاباً أو زملاء أو في ذات المستوى أو دونه. وهنا يثور سؤال: ما المطلوب عمله إزاء هذا الموقف المتأزم بالتحدي من طرف والعصبية على الطرف الآخر؟

والإجابة: لا يمكن عمل شيء، ولا يمكن أن نحمل طرفاً واحداً مسؤولية حل المعضلة؛ نظراً إلى أن المسؤولية جماعية أمام آداب الحوار، وقيم الحوار، وروح الحوار، وصورة الحوار المثلى المنتجة لحوار فعال.

ويقيناً أن مَن يتصدى لعملية الحوار مسؤول عن تحقيق جدواه مدعوماً بكفاية المعرفة والإدراك الواعي والجدية والعدل.

ويردد الكثيرون من المسؤولين عن إدارة بعض العمليات الحوارية أن العامل الرئيسي في الحوار الفعال يرجع إلى الوقوف على ماهية الحوار والالتزام بقواعده والاستخدام الأمثل للمعايير الدينية والخلقية القويمة والمجادلة بالتي هي أحسن وأفضل وأكرم، وممارسة السلوك السوي والمرغوب فيه إزاء التصرفات المتعلقة بعملية الحوار لبلوغ أهدافه.



ولما كانت عملية الحوار هي التواصل لاستمرارية الوجود البشري إلى أن يرث الله الأرض وما عليها فهي مسؤولية كافة أنساق البناء الاجتماعي بما تضمه من النسق الديني والقضائي والإعلامي والثقافي والتعليمي والرياضي والإنتاجي والخدمي والمعرفي والأمني الدفاعي والمدني.. إلخ.

وجميع هذه الأنساق مسؤولة عن ترشيد الحوار؛ ليكون فعالاً ومنتجاً لأغراضه. وإليكم مثلاً لذلك: إذا كان المعلم مسؤولاً عن إدارة حوار فعال مع أبنائه الطلاب بشأن قضية من القضايا الاجتماعية، ولتكن قضية الاستذكار الجيد، فإننا نرى أن من مهامه المسؤولة إزاء هذا الحوار:

1- العمل على استثارة دافعية طلابه للاهتمام بالموضوع لتعلقه بمصالحهم، وأن يشاركوا في الحوار بفاعلية وجدية ملتزمين بأدب الحوار واحترام القائمين عليه والحرص على أن تكون المناقشة على درجة عالية من التجدد والموضوعية وعمق المعرفة.

2 - أن يراعي دائماً في حواره الحفاظ على شعور الطالب، سواء كان كبيراً أو صغيراً، وأن يتحكم في أعصابه، وأن يتسم بالثبات والاتزان على مدى الحوار.

3 - أن يتحاور مع طلابه بروح طيبة ملؤها الحب والود والرأفة مع عدم التذمر أو الامتعاض أو الاستخفاف أو التهكم على رأي الطالب مهما كان رأيه أو مهما كان قربه أو بعده مما يراه المعلم رأياً سديداً.

4 - أن يحتفظ المعلم بوقاره المناسب لمركزه وأن ينتقي عباراته وألفاظه وأن يقابل طلابه بابتسامة حانية حيث يعلم أن (تبسمك في وجه أخيك صدقة)، وأن يلتزم بهدوء وشعور متزن؛ حتى يكون محل تقدير واحترام.

5 - أن يتقبل رأي الآخر، حتى لو كان معارضاً لرأيه؛ فلا يتملكه الشعور بالانهزام لمجرد عدم قبول رأي له؛ فهو ليس نهاية المطاف، وعليه أن يكون قدوة في التزامه بآداب الحوار وقواعد الحوار الفعال، وهكذا في كل الظروف والمواقف.

6 - أن يتأكد من أن أولياء أمور طلابه يتفهمون تماماً ما تنتظره المدرسة من طلابها بالنسبة لعلاقاتهم الحوارية مع المعلم ومدير المدرسة وغيرهم من العاملين وبسلوكهم ومدى توافقه مع الأهداف التربوية.

7 - أن يعمل على تصويب أخطاء الطلاب في الوقت المناسب وبطريقة مناسبة مع البحث عن التصرفات الجيدة والثناء عليها، وتقدير الجهود المبذولة ومكافآتهم في إطار ما يقرره الخبراء والمسؤولون التربويون.








 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد