معادلة لا يتقنها إلا المتقون؛ لذا فهي صعبة المنال، في وقت أصبحت الدنيا فيه لا تنال إلا بالميل عن الدين إلا ما رحم ربي.

يُرى الواقع المر للمسلمين عربا كانوا أم غير عرب وتأتي مرارته بعدم إتقان المعادلة التي طرفاها الدين والدنيا، فقد ورد عن عمرو بن العاص الأثر المشهور: (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا).

إن القاعدة الأساس لنا نحن المسلمين اتباع الدين وفقهه ومحاولة تطبيقه على أرض الواقع، فكل شيء -لا يتعارض مع الدين- هو مباح وقد يصل إلى الوجوب.

إن المسلمين ينقصهم تطبيق ما أمروا به وهي فروع الإيمان التي تحمل ثماره التي تغنيك عن الآخر وتحوجه إليك، لكن الأمر أصبح مختلفا؛ فغير المسلمين تمسكوا بفروع الإيمان إما عن طريق الاطلاع والإفادة من الموروث الإسلامي وتطبيق كثير من معالمه وإما عن طريق التجربة، فتشبثوا بالأخلاقيات التي يدعو إليها الإسلام فأتتهم الدنيا طائعة.

نجد أن غير المسلمين زرعوا العدل في إتاحة الفرصة للجميع ولا مجاملات في ذلك ولا واسطات فوضعوا الشخص المناسب في المكان المناسب بحسب المعطيات التي يحملها بعيدًا عن اسم الشخص ومكانته الاجتماعية فهذا الأصل عند الدول المتقدمة وغير ذلك شاذ. وكذا الأمانة فمثلا يُذكر أن في اليابان إذا المشتري أراد أن يحاسب عن سلعة ما فيحاسب البائع بحسب المبلغ المدون في السلعة فلا يسأله البائع ما السلعة المشتراة أو قيمتها فيدل ذلك على الثقة الموجودة، فالأمانة باب تحتها فصول كثيرة لكن أساسها واحد فمتى أتقنه الشخص قاس بقية ذلك على ذلك الأساس، فتلك ضرب مثل.

إن التقدم يدعونا إلى النظر في تجارب الآخرين فنجد أن ترجمة العلوم كانت سببا وجيها في تقدم الأمم وإبداعها فمن السهل معرفة لغة القوم لكن من الصعب الإبداع بها؛ إذن لا بد لنا من ترجمة العلوم التي تنقصنا ومن ثم تصفيتها وذلك بعرضها على المقياس الحقيقي وهو الدين الإسلامي فالذي لا يتعارض معه يؤخذ ويعرض عن المتعارض.لن يتقدم المسلمون في الدنيا إلا بالتمسك بالدين وتطبيقه على أرض الواقع أولاً بعد ذلك ستأتي لنا الدنيا كرها أو طوعا. ولا يغرن المسلمين تقدم غيرهم في الدنيا؛ لكن صدق فيهم قول محمد عبده عندما زار بريطانيا: (رأيت الإسلام عندهم من دون أن أرى مسلمين) فظهر فيهم الإسلام دون أن يسلموا؛ لكن ما أجمل الدين والدنيا إذا اجتمعا!! فذلك هو الفوز العظيم.