الأمثال: جُمَل وصفية تمتاز بإيجاز اللفظ وصحة المعنى ودقة التشبيه. ويرتبط المثل بحادثة معينة قيل فيها وذاع على الألسنة، فأصبح يُضرَب في كل حالة تشبه الحالة التي ورد فيها.
|
وغالباً ما تصدر الأمثلة من رجال محنكين سعوا وساحوا في دروب الحياة وفي عقول الآخرين، فجاءت أقوالهم (أمثالهم) قصيرة المبنى طويلة المعنى. ونحن العرب لدينا مخزون هائل من الأمثال نستخدمها في أحداث ومناسبات تشابه الأحداث التي قيلت فيها. وأمثالنا تنقسم إلى قسمين كبيرين هما: الأمثال الفصيحة والأمثال العامية. والفصيح منها لا يقلل من أهمية العامي، والعامي لا يزعزع مكانة وقيمة الفصيح.وإنك لتسمع أمثلة عامية فيها من قوة المعنى ودقة التصوير ما يجعلك تُعجَب بها أيّما إعجاب، وتُسقطها على حدث أو وضع أو حالة مرت بك أو مرت بالأمة برمتها، وتكاد لا تجد في الفصيح ما يحل محلها!
|
ما دعاني لكتابة هذا المقال هو سماعي لمثلين عامِّيين من صديق أحسائي عزيز علَيَّ كما هي عزيزة علَيَّ الأحساء وباقي مناطق الوطن الغالي. هذان المثلان لم أسمع بهما بحكم نجديتي الصرفة وقلة احتكاكي برجال من هذه المنطقة، وقد وقفت عندهما كثيراً، فهما جميلان معنى ومبنى وضاربان في عُمق مشكلات وقضايا الأمة الراهنة.
|
وقبل إيرادهما ليعذرني القراء الكرام كافة عن ورود كلمات موغلة في العامية ولكن الأمثال تقال ويُستشهَد بها كما هي أقوى وأصدق وأوثق. يقول المثل الأول: (راحت رجالٍ تَردِم الدروازة وما بقى إلا المطنزة والعازة).
|
ويقول المثل الآخر: (مِن قِلّ الخيل شدوا على الكلاب سروج)!
|
ويبدو لي أنهما لا يحتاجان لتفسيرٍ، ولكن لمن يصعب عليه معناهما أقدم شرحاً موجزاً لهما: فالمثل الأول يعني أنَّ الرجال الذين يُصمَد إليهم ويُعتمَد عليهم -بعد الله- في المُلمات والنوائب قد انتهوا، فلَم يبقَ من الرجال إلا الواهن الهمة والجدير بالسخرية ومَن هو أصلاً في أمَسِّ الحاجة للعون فأنى له أن يعين؟
|
والمثل الآخر يعني: أنه عندما عُدمت الخيل التي تُسرَج وتُركب من قِبَل فرسان أبطال يسعون في خير البلاد والعباد، لم يجد الناس إلا الكلاب لتوضع عليها السروج، فهل الكلاب هي التي قصدها المتنبي بقوله: أعَزُّ مكان في الدنى سرج سابحٍ..... أم الخيل؟
|
هذان المثلان أوردتهما هنا وعلى كل قارئ عربي أن يسقطهما على ما يناسبهما من أوضاع وأحوال بل قُل آلام ومصائب أمتنا المثقلة بالآلام والمصائب في جميع النواحي.
|
برأيي المتواضع أن الأمة لم ولن تُعدَم الرجال الشجعان والخيل الأصيلة ولكن قد يُغيَّبُ الرجالُ المخلصون الأوفياء ويُهمَّشون، وقد تُركَن الخيل لأن هناك مَن يَكره صهيلها ويحب نباح الكلاب!
|
|
|
طربتُ لصوتِ المجدِ حينَ دعاني |
فأسمعني قلبي صهيلَ حصانِ. |
|