الحمد لله القائل: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا} والصلاة والسلام على رسوله القائل: (ونصرت بالرعب مسيرة شهر).
أيها المجاهدون البواسل المدافعون عن بلاد التوحيد الغالية على قلوب الجميع لأنها بلاد الحرمين الشريفين ومهبط الوحي وقبلة المسلمين في أنحاء المعمورة ولأنها آخر ملاذ للإسلام، قال عليه الصلاة والسلام بعد فتح مكة شرفها الله: (لا هجرة بعد الفتح) قال أحد الأئمة أي ستبقى هذه البلاد بلاد إسلامية إلى قيام الساعة.
لقد تسللت شرذمة مأجورة إلى داخل حدودنا الجنوبية وكنتم لها ولله الحمد بالمرصاد وردعتم كل معتد يحاول المساس بأمن هذه البلاد وتعكير صفوها ولا زلتم، فأسأل الله أن يكون في عونكم ويسددكم وينصركم، قال تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}.
وإني مذكركم أيها المجاهدون في سبيل الله أن لا يغيب عنكم الأخذ بالأسباب التي تحقق لكم العز والنصر بإذن الله على هؤلاء الغادرين الحاقدين، ومنها ما يلي:
1 - تقوى الله عز وجل في السر والعلن والإخلاص لله والمتابعة لهدي رسوله - صلى الله عليه وسلم - في كل قول وعمل، فنعم الزاد التقوى والإخلاص والمتابعة.
2 - المداومة على الأوراد صباحاً ومساءً والإكثار من التهليل والتكبير والاستغفار خاصة في السحر وقراءة القرآن وغير ذلك من العبادات التي تقربكم إلى الله عز وجل.
3 - الصبر والمثابرة والتحمل لتبعات هذا العلم الشريف والتحلي بالصدق مع الله وحسن التعامل مع الآخرين وعدم الخوض فيما لا يعنيكم وكتم الأسرار التي قد تكون مضرة عليكم وحتى لا يصطاد العدو في الماء العكر.
4 - الثبات أمام العدو وإظهار القوة والعزيمة مع التوكل على الله والتضرع له فهو وحده الناصر والمعين، وحقا أن من توكل على الله كفاه ونصره وأواه قال تعالى: {وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}.
5 - التواضع والمشورة فيما بينكم والطاعة بالمعروف لمن ولي أمركم وأخذ الحيطة والحذر من العدو فإنه قد يدعي الضعف ويظهر الاستسلام للغدر بكم والانتقام منكم.
6 - الشجاعة والإقدام مع اليقين بأن خوض المعارك ومجابهة العدو لا يقرب من أجل ولا يبعده، فإن لكل أجل كتاب قال تعالى: {فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ}.
وإليكم شيئاً من المبشرات لمن شرفهم الله بالجهاد في سبيله أمثالكم من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم:
قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}. قال عليه الصلاة والسلام: (جاهدوا في سبل الله فإن الجهاد في سبيل الله باب من أبواب الجنة عظيم ينجي الله به من الهم والغم). وقال صلى الله عليه وسلم: (إن مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم الخاشع الراكع الساجد).
وقال عليه الصلاة والسلام: (غدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها) وقال عليه الصلاة والسلام: (لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في جوف امرئ مسلم).
وقال عليه الصلاة والسلام: (للشهيد عند الله ست خصال، يغفر الله له في أول دفعة، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه) وقال عليه الصلاة والسلام: (رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجري عليه رزقه وأمن من الفتان). وقال عليه الصلاة والسلام: (رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل) وفي صحيح الإمام مسلم - رحمه الله - عن مسروق رحمه الله قال: (سألنا عبدالله - هو ابن مسعود - رضي الله عنه عن هذه الآية: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}، قال: أما إنا قد سألنا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أرواحهم في جوف طير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة، حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل فاطلع عليهم ربك اطلاعة، فقال: هل تشتهون شيئاً؟ قالوا: أي شيء نشتهي نحن نسرح من الجنة حيث شئنا ففعل ذلك بهم ثلاث مرات فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا قالوا: يا رب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى فلما رأى أن ليس بهم حاجة تركوا).
هذا وأسأل الله أن يثبت أقدامكم ويسدد رميكم ويمن على موتاكم بالشهادة ويشفي مصابكم، إنه سميع مجيب وصلى الله على محمد.
- رئيس جمعية البدائع الخيرية