من نعم الله على الكاتب أن يجعل له مريدين خلّصاً حيثما يفضي يكون, الأذن الصاغية, والعين اللاقطة, والقلب الوعاء, والذهن المكنون, صدورهم تعمر بحروفه, وتفاعلهم حروف تصله وقد تأتي أصواتهم, وقد يسعون إليه..
ومن نعم الله عليَّ أن وهبني نعمته ثللاً منهم ترافقني مسيرة الحرف منذ انبثاق دواته, كلما أيقنت أن علي مغادرة الطريق, وجدتهم يحملون لي فيه القنديل..
من هؤلاء (أم ريان), لم أرها, لم أسمعها, غير أنها معي عند سقوط قطرة مطر تزخ بها غيمة صيف أو شتاء, وعند عصا معلم تكسر في قلب طفل نشوة التلقي, عند غياب تمطرني دعاء وحنيناً, وعند إياب تأتي أول المستقبلين, في مواقف الأفكار هي من تبذر, وعند مواعيد الحصد هي أول من تجني, ما تعرضت لفكرة هنا إلا وجاءت بتعليقها, ولا أثيرت قضية إلا وقارنتها بواقع, ثم إنها أشركتني في بنوَّتها فقدمت بين يدي سيرتها, فأشركتها في أمومتي فأفردت لها من وقتي, لكنها هنا صوت أدبي جميل من حائل, من جوار أجا وسلمى ونفحات الشعراء والأدب الجميل.. آخر رسائلها يبدو سطرت بماء المطر بعد طرقه على مواطن شعورها المرهف, وعهدي بأمطار حائل ذات زيارة حين كانت سيدة حائل الأميرة وطفاء الرشيد تستقبلني ونسمات ندية تهل علينا وقد احتوانا المطر بعد أن كان لسنوات قد غاب عن زيارة فضاء حائل وأديمه.. وحين كنتُ ألقي القول بين وجوه الحائليات المعبقة بالتاريخ والوعي والجمال وطرقاته تتداخل فتشحذ مواقد القهوة وتلهب دق الهيل, لذا أشرعت سطور - أم ريان_ دفتر الذاكرة ومرآة المطر: تقول أم ريان: (أماه, صباح الخير, أماه, الغيوم, والسحاب, تحجب نور الشمس.., أغصان الشجر مبتلة بماء المطر, قطرات الندى تتساقط على رؤوس العصافير, فتطرق نافذة د. خيرية, تشم رائحة القهوة, وعبق الحروف, أم ريان.............هلا وغلا لك أمي الغالية, الآن أقفز بهجة وسروراً...........صباح الخير أمي الغالية, أحن إلى خبز أمي, وقهوة أمي, ولمسة أمي............الشكر لله.., ثم الشكر لك.., أمي الغالية.., الآن أنا أقرأ مقالك, «قهوة الفطور وشربة السحور», غني بالكلمات التي تتفوق الكثير من الكتب, ما أجمل الصباح مع حروفك وأن ننام مع حروفك.., غداً أصبحك بالخير, بإذن الله, تصبحين على خير_ابنتك أم ريان)..
اليوم لكِ وحدكِ أم ريان..
فالأمومة وفاء..
والكتابة وفاء..
ووقفة الامتنان وفاء
والمطر الذي بيننا وفاء
الخميس هذا أمد الجسر بين قلمي وأنت وفاء لهذا الندى الذي تضفينه على صندوقي بموقع الجريدة..