لا يمكن الحديث عن دولة قوية دون أن تتمتع بمقومات كافية لتطويرها وتطوير أنظمتها وتطوير حياتها وحياة شعبها وتنمية مواردها وازدهارها....
.... كما لا يمكن الحديث عن تلك المقومات بمعزل عن أطر عامة قائمة على مؤسسات ديموقراطية قوية يكفل تحقيقها مشاركة شعبية واسعة، تلك المؤسسات التي ينبغي لها أن تحافظ على تقدم البلاد اقتصادياً وتحقيق التنمية المستدامة المطلوبة بما يكفي استمرارية قوة الدولة والتي لا تتحقق إلا من خلال مشاركة شعبية نخبوية تناقش وتفند وتمحص وتوصي بنتائج لجميع المشكلات والهموم التي تواجه المجتمع بمختلف أطيافه وشرائحه.
إن العمل الشعبي التطوعي لا شك في أنه يسد الهوة الحادثة بين مؤسسات الدولة القائمة والتي يُعتبر أمر المشاركة فيها سيادياً ومحصوراً وقليلاً، وبين حاجات الناس ومتطلباتهم اليومية وهمهم المستقبلي. وتشكيل لجان أو هيئات شعبية إنما يُعتبر إيجابياً في مساندته للدولة وتقويتها من خلال التوصية بإحداث تنظيمات وإيجاد حلول ووسائل تكون في طبيعتها أقرب لنبض الشارع والمواطن، كما وتوفير الكثير من الوقت والجهد لكثير من مؤسسات الدولة في القيام بعدد من المهام الأخرى كالرقابة العامة ولعب دور إنساني مهم لا يمكن إغفاله في العديد من الأنشطة التي لها علاقة بحاجات الناس، هذه التنظيمات التطوعية الحرة تنشأ لتحقيق مصالح أفرادها أو لتقديم خدمات للمواطنين أو لممارسة أنشطة إنسانية متنوعة وفوق ذلك لعب دور بارز في مساندة مؤسسات الدولة الرسمية المختلفة، وتلتزم في وجودها ونشاطها بقيم ومعايير معينة ومنظمة ومقننة ومقيدة، روحها المشاركة وجسدها الإدارة السليمة.
إن في تحقيق ذلك نكون قد أسهمنا بإرساء معايير عدة على المستوى الفردي منها العمل التطوعي، والمواطنة، والمشاركة السياسية. وعلى المستوى الاقتصادي، الرقابة التي تفرضها الشرعية السيادية للدولة، والوسيط التطوعي الممثل للرقيب. ونكون قد حققنا معايير من أجلها تقوية الدولة بأنظمتها وتقوية شعبها بتنظيمه وتكريس مبادئه الوطنية التي تقوم على المشاركة والعمل التطوعي، وتحقيق مبدأ الانتماء من خلال الانتساب لمظلات نقابية تُعنى بمصالح منتسبيها والدفاع عن حقوقهم وتشعرهم بالأمان، كما ونشر الوعي الثقافي وتنوع مصادره من خلال تجمعات تأخذ طابع الاتحادية في الشكل والمضمون.
لاشك أن أسباب كثير من مشكلات المجتمع السعودي اليوم يعود في غالبيتها إلى عدد من الأمور منها البطالة وتدني المستوى المعيشي والارتفاع الحادث والمتنامي في أسعار المواد الاستهلاكية، وغياب حس المشاركة في صناعة القرار وغيرها كثير من المشكلات التي ربما ولدت كثيراً غيرها، تلك المشكلات التي ينبغي استئصالها قبل استفحالها وجزها قبل تناميها ولا يمكن إثقال كاهل الدولة بتحميلها وحدها دون مشاركة شعبية منظمة واجب إيجاد الحلول لجميع تلك المشكلات.