جدة غدت علامة للتصحيح والتنوير الإداري، بخطوة التحقيق مع المسؤولين عن كارثتها الدرامية المخجلة جداً لكل مَنْ بيده أمانة، وفرَّط فيها في الخفاء، ليجلي الله تعالى عنها في العلن..
ولئن جاءت التوجيهات العليا بوضع اليد على الداء, ومصادره، سواء كانت أسبابه مقصودة، أو عفوية، أو بجهالة، فإن ذلك يقتضى أن يكون العقاب من جنس العمل، وأن يجرى على كل من سيقف يوم الحساب أمام الحساب مجرداً من صفات الدنيا ومكاسبها، وهذا النهج الإداري يمثل ما أملاه دستور الأمة (القرآن الكريم وسنة رسوله العظيم عليه الصلاة والسلام)، وهو نهج هذه البلاد بإذن الله، وغالباً ما تأتي الكوارث بالحقائق، وتظهر المواقف ما في الخفاء؛ فيأتي التشخيص ويكون الدواء..
غير أن جدة في رمزيتها لما بدا من الفساد الإداري مؤشر لكل فساد إداري في أي تجمع مؤسساتي إشرافي وإداري في جوانب المجتمع، حيث تدعو إلى حركة شاملة لمراقبة ومتابعة كل مشروع منذ فكرته حتى ظهوره للعيان مما تم إنجازه، ومن ثم إجراء الرقابة على أي مشروع قائم وتحديداً مشاريع الخدمات المرتبط بها المواطن من حيث إسكانه وتعليمه وغذائه ودوائه وخدماته الأخرى.
هذه هي مرحلة التصويب والتصحيح، بعد مرحلة من الثقة عمت كل مسؤول وشملته بالاطمئنان، يعلنها بشفافية متناهية أول مواطن في قمة هرمية البلاد هو مليك البلاد - أيده الله ووفقه - بعد أن جاءت كارثة جدة لتكشف أن الثقة المطلقة ليست أمانة محفوظة في ذمم البشر الذين تستهويهم جوانب ضعفهم، ويستميلهم هوى الشيطان، الذي صرَّح لربه تعالى بأنه سيجلس لهم في كل حركاتهم، هو وجنوده. ولأن الوازع الإيماني قد ضعف في الصدور فلا أقل من الوازع الرقابي وسطوة العقوبة المسؤولة في الدنيا؛ لتأخذ الأمانة مواقعها عند تنفيذ أي عمل من أي شخص..
ولتغدو المناصب والصلاحيات محور مهابة أكثر مما تكون محور لهاث وجاذبية..
أيد الله المليك وولي عهده والنائب الثاني، وأمراء المناطق، وكل من معهم على أمانات البلاد.