Al Jazirah NewsPaper Thursday  24/12/2009 G Issue 13601
الخميس 07 محرم 1431   العدد  13601

بعد هدوء العاصفة:
ابن سعيد والبلطان.. بين المطرقة والسندان

 

في البداية أحب أن أورد قول الشاعر العربي أحمد شوقي كمدخل للموضوع حينما قال:

إلام الخلف بينكمو إلاما

وهذي الضجة الكبرى علاما

فمن تابع الإعلام في الفترة السابقة سواء المرئي أو المقروء سيجد أن هناك ضجة واحتقاناً وغلياناً من البعض وذلك ناتج عن تصريح مقتضب أدلى به رئيس نادي الشباب الأستاذ خالد البلطان، ولعل الكثير من الرياضيين قد استمع إلى ذلك التصريح الذي تحدث فيه عن (الثلاثة الكبار) والذي التقطته وسائل الإعلام ونتج عنه ردود أفعال متفاوتة من قبل البعض ولو أخذنا ذلك التصريح الذي أدلى به (البلطان) بواقعية بعيداً عن الانتماء والتعصب لوجدنا أنه لا يوجد فيه ما يستدعي إثارة تلك الضجة وذلك الانفعال وتلك الردود الحادة والقاسية التي وصلت إلى حد الإساءة لنادي (الشباب)، وهو شيخ أندية الوسطى كما هو معروف، لأن المنطق والواقع يقول إن ما تحدث به البلطان فيه الكثير من الحقيقة الغائبة أو المغيبة.. فنادي الشباب هو صاحب أحد المراكز الثلاثة مع (الهلال والاتحاد) في منافسات كرة القدم في الآونة الأخيرة وليس له منافس على هذا المركز وهذا ما يقوله واقع المنافسات الكروية في الدوري والكأس.. ومن المعروف أن تلك المنافسات هي (المحك) والمعيار الحقيقي لقوة ومكانة أي نادٍ في العالم، ونحن بدورنا جزء من هذا العالم ولسنا استثناء. أما حكاية (الأربعة الكبار) والتي ظللنا نرددها ردحاً من الزمن فلم يعد لها وجود سوى في وسائل الإعلام. وفي اعتقادي أن هذا التصنيف قد انتهى مع انتهاء (المربع الذهبي) سيئ الذكر، وهذا الكلام ليس موجهاً ضد أندية الأهلي والنصر.. فهذان الناديان بلا شك من الأندية الكبيرة بتاريخهما وبطولاتهما وحضورهما في المحافل (المحلية والإقليمية) ولكن الواقع أن هذا المصطلح لم يعد له وجود على أرض الواقع خصوصاً في ظل الحضور والتوهج الشبابي الراهن، لأنه في ظل ترديد هذه المقولة يعني أننا نخرج (الشباب) من قائمة الكبار ونضعه خارج المعادلة وهذا فيه إجحاف لهذا النادي الكبير لا يقبله المنطق ولا الواقع، فكيف نخرج (الشباب) من قائمة الكبار وهو المنافس الحقيقي على جميع البطولات المحلية وهو من أكثر الأندية تغذية للمنتخب الوطني ففي هذا تناقض غريب وعجيب؟. أما إذا كان التصنيف يقتصر على الجماهيرية فيفضل إضافة كلمة (جماهيرياً) للأربعة الكبار أما أن تبقى الجملة على حالها عائمة فهذا غير مقبول لأن الواقع يرفض هذا (التصنيف) في الوقت الراهن. ونحن بدون شك لا نلوم من يريد أن يتمسك بهذا الخيط الوهمي لأن الإنسان بطبيعته البشرية لا يمكن أن يتنازل بسهولة عن شيء كان يملكه وبمتناول يده وسيظل (يكافح وينافح) بكل ما يملك من أدوات للاحتفاظ بهذا (الإرث) ولن يتنازل عنه بسهولة، ولكن في النهاية لا بد من الرضوخ للمنطق والواقع مهما كانت المبررات والأسباب. أما إذا كان لا بد من الإبقاء على التصنيف السابق فلا بد من إلحاق نادي الشباب ليصبح عدد الكبار (خمسة) بدلاً من (أربعة) ويحتفظ الشباب بمركزه الطبيعي ضمن الثلاثة الكبار في الوقت الراهن أو أن يلغي هذا (التصنيف) نهائياً ويبقى الكبير نادياً واحداً فقط وهو الحاصل على أكبر عدد من البطولات المحلية والخارجية على رأي الكاتب (محمد الشيخ).

أما فيما يخص شيخ الرياضيين ومؤسس ناديي (الهلال والشباب) الشيخ عبدالرحمن بن سعيد فقد قال في فترة سابقة كلمة (عابرة) من خلال مقابلة صحفية مطولة التقطها البعض من بين السطور وبدأ العزف عليها وظل يرددها حتى الآن وكأنها هي المفاتح لباب التعصب المقفل، ونسوا أو تناسوا أن (أبواب) التعصب قد خلعت وتهدمت أسواره منذ زمن من جراء سيل التعصب الجارف حتى بلغ السيل الزبى. وما تلك الحملة التي شنّت على (مؤسس الهلال) إلا نتيجة لتراكمات ظلت مكبوتة منذ زمن كانت بانتظار أدنى فرصة للانقضاض والانتقاص والتنفيس، وإلا فما الداعي لذلك الهيجان والغليان بسبب كلمة عابرة يرددها الجميع ليل نهار على جميع المستويات وفي مختلف المناطق والأقاليم العربية، لأن اللغة (الشعبية) الدارجة دائماً ما تأخذ طابع (الحدّة) وصفة (التهويل)، وهذا معروف وملاحظ حتى في المسلسلات الخليجية والعربية. فحينما يقال (أحش رجولك إذا قربت من كذا وكذا) هل القصد صحيح من تلك العبارة. وحينما يقال (اقطع ذراعي إذا لم يكن كذلك) هل سيفعل القائل ذلك. بالإضافة لقولهم (أوديك في داهية) أو (أقص لسانك) وما شابه ذلك من جمل مماثلة مما يعطي دلالة على أن (الأقوال) لا تعني (الأفعال) بقدر ما هي كلمات عابرة يقولها الإنسان بالسليقة. نحن ندرك أن هذه هي لغتنا وهذا هو خطابنا!! والإعلام الرياضي دائماً يردد مثل تلك العبارات في العناوين الرئيسية بعد المباريات وقبلها فحينما يقال إن الحكم (ذبح الفريق من الوريد إلى الوريد) فكلمة من الوريد إلى الوريد تأكيد لعملية (الذبح) فهل الحكم جزار يحمل سكيناً بيده أم صافرة؟! أو حينما يقال (مباراة كسر عظم بين الفريقين) أو مباراة (حياة أو موت) وهي مباريات تنافسية تشويقية ليس فيها تكسير (عظام) ولا (موت) فهل نقول إن في ذلك دعوة للعنف وخلافه!! هذه النماذج وغيرها من العناوين الرنانة التي تزخر بها الصفحات الرياضية في الكثير من المنافسات الكروية تبيّن لنا أن تلك الحملة والضجة وما رافقها من (تهويل وعويل) ما هي إلا لغرض في نفس يعقوب وأن (ظاهرها) يختلف عن (باطنها).. ولله في خلقه شئون.

صالح بن عبدالكريم المرزوقي


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد