Al Jazirah NewsPaper Thursday  24/12/2009 G Issue 13601
الخميس 07 محرم 1431   العدد  13601
تهميش الإعلام الرياضي لأنديةٍ وتضخيمه لأخرى

 

يعدّ الإعلام الرياضي أحد أهم الوسائل التي ترسم معالم المنظومة الرياضية في أيّ بلد، ومن المسلم به أيضاً أن الإعلام بصفته صوت المواطن له نصيب الأسد من التأثير على آراء وانطباعات الشارع الرياضي، والنقلة النوعية الكبيرة التي يمر بها الإعلام على الصعيد التقني ساهمت كثيراً في تكوين نوع من الصدى والتأثير الملموس في نفوس الفئة الغالبة للمجتمع باعتبار أن الإعلام هو أقرب الوسائل التي تلامس نبض الشارع، وعلى الرغم من الإيجابيات الكثيرة التي ساهمت من خلالها التقنية الحديثة في تطوير منظومة الإعلام الرياضي في العالم العربي إلا أنه في الجانب الآخر توجد سلبيات بدأت تطفو في السطح

من جراء التطور التقني المصاحب للإعلام الرياضي قد يكون أبرزها ظاهرة تهميش بعض الأندية إعلامياً وتضخيم الأخرى دون الاستناد على أي سبب يبرر ذلك، ويعود سبب نشأة هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة إلى أن الإعلام العربي يقوم في كثير من الأحيان بوضع انطباعه النهائي وغير القابل للتغير في نادٍ معين عن طريق النقل الحرفي لما يقوله الإعلام الغربي ودون أن يكلف الإعلامي نفسه عناء متابعة ذلك الفريق عن كثب للحكم على صحة ما ينسبه الإعلام لذلك النادي، كما أن أغلب الآراء القطيعة التي ينسبها الإعلام للأندية المهمشة ليست سوى مجموعة من الآراء التراكمية والتي قد تكون منسوبة لشخص واحد ويتم تناقلها بين الإعلاميين بشكل متواتر دون التفكير في مدى صدق محتواها.

المشكلة الكبرى التي يعاني منها الإعلام الرياضي في العالم كله أنه يصور للجميع أن أندية برشلونة وريال مدريد ومانشستر يونايتد والأندية الإيطالية الكبرى هي الوحيدة التي تلعب كرة القدم الحقيقة، وأن أي نادٍ في العالم غير تلك الأندية لا يستحق منك عناء المشاهدة، ولا بأس في مشاهدة جدول الترتيب الخاص هل نهاية بطولة في كل عام حتى لا تتعرض للإحراج إذا تم سؤالك، بالطبع لا أقصد التجريح في الأندية المذكورة آنفاً لأن اسمها وتاريخها أكبر من شهادتي فيها، ولكني أتكلم عن النظرة السطحية المصاحبة للازدراء لما دون تلك الأندية، أتذكر مثلاً أنني شاهدت أحد المحللين في إحدى القنوات التلفزيونية منذ فترة ليست بالبعيدة يصف نادي الأرسنال بأنه نادٍ (درجة ثانية) وأنه من المستحيل أن ينافس على دوري أبطال أوروبا لعدم امتلاكه للاعبي خبرة يستطيعون تحقيق البطولات، وعلى الرغم من أن مصطلح انعدام الخبرة أصبح مقترناً دائماً باسم الأرسنال، إلا أنني لم أستمع حتى الآن لمحلل عربي أو أوروبي يحلل معنى كلمة الخبرة التي يراها المحللون أنها تنقص الأرسنال للحصول على البطولات، ففريق يدربه أسطورة تدريبية مثل أرسين فينقر منذ عام 1996م ويمتلك مجموعة من اللاعبين يلعبون كأساسيين في أفضل المنتخبات العالمية وفي كل عام يلعبون على مستوى عال جداً من المنافسة مع ناديهم من المحال أن يفتقد لعامل الخبرة، ربما تكون هناك عوامل أخرى كالإصابات أو نقص الأموال بسبب الملعب الجديد، ولكن من الصعب أن نحكم على نادٍ بحجم الأرسنال بأنه نادي (درجة ثانية) أو معدوم الخبرة، عموماً يبقى الأرسنال في وجهة نظري هو كثر فريق يقدم كرة ممتعة في العالم وأكثر الأندية تكاملاً وتطبيقاً لسياسة الاكتفاء الذاتي والاعتماد على الموارد الداخلية. وهو بالتأكيد المنافس الهادئ على ألقاب هذا الموسم. المثال الآخر والأكثر وضوحاً لسياسة التهميش الإعلامي هو نادي أشبيلية الإسباني، نادٍ يقدم كل شيء في عالم كرة القدم، فريق استطاع تحقيق كأس الاتحاد الأوروبي لمرتين متتاليتين وأصبح منافساً على سباق اللاليقا الإسباني ومع ذلك ينظر لانتصاراته على أحد قطبي الكرة الإسبانية أو أحد الفرق الأوروبية الكبيرة على أنه مفاجأة، كأنه ليس من حق نادٍ مجتهد وممتع كأشبيلية أن ينتصر ويثبت نفسه في خارطة الكرة العالمية أو أن فريقاً رائعاً كأشبيلية ينتظر منه الخسارة عند مواجهة الفرق الكبيرة لاعتبارات لا علاقة لها بكرة القدم، يكفي أن تعلم بأن نادي أشبيلية الإسباني استطاع التربع على عرش الصدارة في تصنيف ال(فيفا) للأندية لأكثر من أربعة عشر شهراً، وأنه على الرغم من عدم امتلاكه لنصف الميزانية التي تمتلكها الأندية الأوروبية الكبيرة إلا أنه استطاع أن يثبت نفسه كواحد من أفضل أندية العالم في الوقت الحالي.

يوجد الكثير من الأندية التي تقدم كرة قدم رائعة ومع ذلك فهي تتعرض للتهميش الإعلامي بشكل كبير كبوردو الفرنسي وفولفس بورغ الألماني وإستون فيلا الإنجليزي وفيورنتينا الإيطالي وغيرها، ومن الصعب أن أسرد الحديث عن كل تلك الأندية.. كل ما أردت إيصاله هو أن حديث الإعلام عن أندية معينة ليس شرطاً للدلالة على سوئها، ولكن ربما يكون ذلك بسبب أن هذه الأندية لم تستوف بعد الشروط والمواصفات التي يريدها الإعلام حتى يصنفها بين صفوة أندية العالم، ما هي هذه الشروط؟.. الله أعلم.

حاتم إبراهيم الشدوي
المستشار القانوني - مكة المكرمة


Tooomy_007@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد