Al Jazirah NewsPaper Thursday  24/12/2009 G Issue 13601
الخميس 07 محرم 1431   العدد  13601

هذرلوجيا
هلا.. أنت في (العلا)
سليمان الفليح

 

قيل إن صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز حفظه الله قد قال مرة: (لو خُيّرت في الإقامة بمكان ما لأخترت الإقامة في مدينة العلا)، وبالطبع حينما يقول ذلك سلمان وهو من هو العاشق الأزلي للتاريخ والمتمرس جداً بمعرفة الجغرافيا والمحيط بإلمام كبير بأحوال الناس، نقول حينما يقول سلمان ذلك فلأنه أولاً دقيق فيما يقول ولأنه ثانياً ذو رؤية متفرّدة ولأنه ثالثاً يملك الخبرة الهائلة بأمكنة الدنيا، ولأنه رابعاً يجيد التمحيص بالاختيار، ومن هنا إذا ما صدقت المقولة المنقولة عنه فلأنه قد رأى ما لا يراه (أكثر) الآخرين عن هذه المنطقة بالتحديد. أما نحن فإذا ما اجتهدنا بالتخمين حول هذا الاختيار فإنه بمقدورنا القول إن سموه قد اختار العلا لعدة مميزات لها، فهي من حيث الطبيعة تمثِّل نقاء الطقس وتضاريس جبلية خلاَّبة وذات أودية خضراء عذبة المياه تشكِّل وادي القُرى الشهير الذي ذكره الشاعر العذري جميل بثينة بقوله:

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة

بوادي القرى إني إذن لسعيد

وهي من حيث الجغرافيا تمثِّل تشكّلات رائعة من التضاريس المدهشة. وهي من حيث التاريخ تعتبر شاهداً على عراقة المكان وإيغاله في القدم كمدائن صالح وصخرة الفيل والقلعة العباسية وغيرها من الأمكنة التراثية التي جعلت اليونسكو تختارها ضمن لائحة التراث العالمي، وهي لا تقل أهمية عن البتراء في جنوب الأردن التي أصبحت مصدراً سياحياً يدر دخلاً هائلاً على المملكة الأردنية الهاشمية، بل إن مدائن صالح وإن شاركت البتراء في التراث النبطي إلا أنها تعتبر أرض النبي صالح عليه الصلاة والسلام وهذا ما يميزها عن البتراء عاصمة الأنباط القديمة، كما أن العلا لم تزل تحتفظ بسكانها الأقدمين سلالة ربيعة التي روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عنها: (لا تسبّوا ربيعة فإن لله فيهم نبيين: صالحاً وشعيباً). كما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضاً أنه قال: (لا تزال العرب بعز ما عزّت ربيعة.. اللهم أعززهم ولا تذللهم).

من هنا ولكل ما ذكرناه آنفاً، ولأن العلا تعتبر من أهم المعالم السياحية الهامة في المملكة، ولأن السياحة بمقدورها أن تشكّل دخلاً آخر مع النفط للمملكة إذا ما فُعّلت بشكل جيد، بل هي ستكون كذلك في المستقبل بإذن الله بفضل الجهود الحثيثة لهيئة السياحة التي ترنو حقيقة إلى الوصول إلى هذا الهدف مهما كانت المعوقات، نقول ما دام الأمر كذلك فإن منطقة العلا - اليوم - مهددة بالجفاف إذا ما قرّرت وزارة المياه حفر آبار ارتوازية فيها لسحب مياهها لسقيا مدينة خيبر، في الوقت الذي اعتمد مشروع لمد العلا بالمياه المحلاة من محطة تحلية الوجه للتخفيف عن مخزونها الباطني من المياه للسنوات المقبلة، وهذا ما يؤكّد المثل الشعبي القائل: (يا أرنب كولي لحم. قالت يا ليت اسلم علي لحمي)!! يبقى القول أخيراً إن على أهل العلا أن يكتبوا في مدخل مدينتهم (يا هلا.. أنت في العلا).


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد