كتب - مندوب الجزيرة:
خيّمت على مجتمع مدينة الزلفي موجة حزن بليغة بعد وفاة الشاب نايف من آل العبداللطيف -رحمه الله- بطعنة غير مقصودة من صديقه الشاب محمد بن عبدالرحمن آل عصيمي (مضاربة شباب) إلا أن إرادة الله نفذت وتم قضاؤه وقدره وتوفي الشاب من آل العبداللطيف متأثراً بإصابته. وهنا تحرك أهل الخير الذين لا يريدون أن تتسع الخسارة فيفقدون شاباً آخر فتحرك الشيخ الدكتور عبدالله الطيار والشيخ الدكتور محمد الإبراهيم الحمد واتجها صوب الشيخ محمد بن عبدالله المحفوظ العبداللطيف الذي ضرب أعلى مثل في تحقيق التراحم والتسامح الذي طلب من الشيخين الكريمين تأجيل موضوع الصلح حتى تهدأ النفوس ويمر الوقت اللازم.
وفي هذا الوقت يتحدث الشيخ محمد العصيمي جد المعفى عنه، بأن طوال وقت نظر القضية وتوسط المشايخ لم يصلنا من الشيخ محمد بن عبدالله المحفوظ العبداللطيف سوى الكلام الطيب، وجزاه الله خيراً، ولم نشاهد منه سوى كل خير، وكلامه طيب، ويردد عند كل لقاء معه ما يصير إلا الخير، والحقيقة أن أفعاله هذه نطلب من الله أن يجزيه عنها كل خير.وثمّن الشيخ محمد بن فارس العصيمي الدور الذي قام به الشيخ الدكتور عبدالله الطيار والشيخ الدكتور محمد الإبراهيم الحمد، فقد تحرك هذان الشيخان الفاضلان في أول يوم للحادث، وقال: بعد سماعي الخبر وأنا في الرياض في النهار توجهت إلى الزلفي وفي المساء تم الاتصال بالشيخ الدكتور محمد الإبراهيم الحمد واجتمع معي، وقد سألني عن مدى استعدادنا لإرضاء آل العبداللطيف عارضاً القيام بجهد المصالح، وقد شكرته وأبلغته استعدادنا لتقبل كل ما يطلبونه ونحن معهم في كل ما يريدون، وبعد قرابة ثلاثة أسابيع توجهت إلى الشيخ محمد العبداللطيف الغزالي، وقلت له: يا أبو علي، أنت كبير العبداللطيف وقد حصل الذي حصل وأنتم تعرفون أنه ليس مقصوداً وما حصل قضاء وقدر، واليوم عسى الله أن يجزيك عنا خيراً، فاعمل ما في وسعك لمعالجة الموضوع، ونحن مستعدون لكل شيء، وفعلاً تحرك الشيخ وأجرى اتصالاته وبعد لقائي به طلب التريث بعض الوقت حتى تهدأ النفوس.
وعند اجتماع حمولة العبداللطيف في منزل أبو علي نقل لهم ما دار بيننا، وبعد تنازل والد الفقيد، قال أبو علي الشيخ محمد العبداللطيف الغزالي إنه قد أعطى وعداً لجد المعفى عنه، بألا يتعرض له أحدٌ وأن يطلق سراحه، وفعلاً هذا ما تم.وهكذا ومنذ حصول الحادثة ومن ذلك اليوم لم يأتنا من ابن محفوظ إلا العلم الطيب، وبيض الله وجهه، وتقبل قضاء الله وقدره تقبل المؤمن الصابر، موضحاً أن الحمولتين بينهم تصاهر وتراحم وترابط مثلما كل أهل الزلفي.
وعلق الشيخ محمد العصيمي على مكرمة محمد بن عبدالله المحفوظ العبداللطيف وآل العبداللطيف جميعاً بأنها إحدى سمات المجتمع السعودي بالذات ومجتمع الزلفي الصغير الذي لا يقبل أخذ الدية في القتل غير العمد، وهذا من شيم الرجال ومن أفعالهم ومواقفهم الكريمة التي عُرف بها رجال هذه الحمولة.
وأكد الشيخ محمد العصيمي أن والد المغفور له -إن شاء الله- الشيخ محمد بن عبدالله بن محفوظ العبداللطيف قد تنازل عن الحق الشرعي (الدية) لوجه الله، الله لا يحرمه أجرها وثوابها ومع أني لم أعرفه فيما مضى إلا أن المواقف الكبيرة تكشف معدن الرجال.
الشيخ محمد العصيمي الذي يعالج في مدينة الأمير سلطان الإنسانية قد أجرى عملية جراحية ويقضي أياماً للنقاهة وإجراء التمارين الطبية التأهيلية كانت تغمره الفرحة الكبرى بعودة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام، وأشار إلى أنه قد منَّ الله عليه بالشفاء بفضل من الله ثم من جراء الاستفادة من هذا الصرح الطبي الذي يعالج فيه، وهو إحدى مكارم سلطان الخير، وقال لقد لفت انتباهي وجود مواطن عربي من المقيمين يتعالج في المستشفى نفسه ويحصل على التسهيلات والمساعدات نفسها التي تقدم للمرضى السعوديين.
وكشف الشيخ محمد العصيمي أن صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ما إن علم بالحادث وعرف أنه قضاء وقدر حتى أرسل مندوباً من الإمارة للمساعدة في عقد الصلح والمساهمة في تقديم الدية، إلا أن كرم وشيمة آل العبداللطيف جعلهم يتنازلون عن الدية لوجه الله، ويشكروا سمو الأمير على جهوده ومواقفه الإنسانية.