الجزيرة- ماجدة السويّح
كشفت دراسة علمية أن 39.3% من الفتيات الهاربات لا تتجاوز أعمارهن العشرين سنة، و50% من الفتيات الهاربات يعانين من زواج الأب بأخرى،كما أوضحت أن انخفاض نسبة التعليم بين الفتيات تصل إلى 20.6% ما بين فتيات أميات, أو يتقن القراءة والكتابة أو حاصلات على المرحلة الابتدائية.
وبيّنت الدراسة التي قامت بها د.نورة إبراهيم الصويان أن نسبة التسرب من التعليم كانت عالية بين عينة البحث، كما وجد أن 20% من الفتيات كن عاطلات عن العمل بعد تسربهن من الدراسة، واتضح أن 27.7 % من الفتيات يقمن في بيوت شعبية.
وأشارت الصويان إلى أن الفتيات المعزولات عن أسرهن من خلال تعاملها معهن أجمعن على شعورهن بالنبذ والإهمال من الوالدين، ومعاناتهن من قسوة إخوتهم الذكور، وذكرت أن 80% من البيوت السعودية تعيش في صمت رهيب تختفي فيه مشاعر الحب حتى من أقل أنواع التعبير العاطفي بحسب تقارير الطب النفسي، كما أشارت إلى أن الإحصائيات الصادرة عن وزارة الداخلية بيّنت أن عدد المتهمات بحوادث أخلاقية في عام 1426 هـ بلغ (5534) فتاة, منها (1334) حالة هروب.
وأفادت أن (1180) فتاة وقعت في مأزق الدعارة وترويج المخدرات، حسب تقرير صادر عن وزارة الشؤون الاجتماعية في العام 1429هـ.
وقد تعددت أنماط الانحراف لدى الفتيات، فقد بلغت نسبة التغيب والهروب من المنزل 58% من مجموع أنماط الانحراف، تلتها المشاكل الأخلاقية بنسبة 27.8%، ثم جرائم العنف بنسبة 9.8%، فالاختلاس والسرقة بنسبة 2.7%.
وأرجعت الصويان خلال محاضرتها التي كانت بعنوان (هروب الفتيات لماذا؟) أسباب الهروب إلى عدم قدرة الأسرة على احتواء الأبناء، وبناء علاقة عاطفية والتواصل الايجابي معهم خلال مراحل نموهم، ومعاناة الفتاة من عنف وظلم الأسرة، وافتقاد الفتاة ثقافة الحوار داخل الأسرة، والجفاف العاطفي، والتربية الصارمة وعدم المرونة من قبل أحد الوالدين أو كلاهما، وتفضيل الذكور على الإناث، أو التفريق في المعاملة بين الأبناء، كما أن اضطراب الوسط الأسري (طلاق - وفاة - هجر - تفكك - تعدد زوجات - فقر - تعاطي مخدرات) يؤدي لهروب الفتيات، والمؤثرات الإعلامية السلبية في ظل عدم وعي الوالدين مما يسهم في تدمير القيم الإيجابية والأسرية، وإجبار الفتاة على الزواج من رجل مسن أو ممن لا ترغب به.
وأوضحت الصويان خلال اللقاء العلمي السادس للجمعية السعودية للدراسات الاجتماعية الثلاثاء الماضي بمستشفى الملك خالد التخصصي للعيون، أن للهروب أنواعاً، فهناك هروب معنوي يسبق الهروب المادي، ويعد مؤشراً لهروب مادي في حال لم يتم التعامل بإيجابية مع مؤشراته، وهروب مادي يأتي كمرحلة لاحقة للهروب المعنوي، والتركيز دائما يكون على هذا النوع من الهروب فقط.
وشددت على التفرقة بين نوعين من الهروب، حيث يوجد هروب إيجابي تلجأ له الفتاة عند التعرض للتحرش الجنسي والعنف في البيت، وهروب سلبي يوقع الفتاة في الانحراف من خلال إقامة الفتاة علاقات عاطفية مع الشباب.
وتساءلت د.نورة في الختام هل تعد كل حالة هروب انحرافا؟، موضحة أن الهروب الإيجابي لا يعد انحرافاً، لأنه يحمي الفتاة من التعرض لما يمس شرفها وكرامتها، لكن المشكلة تكمن في عدم وجود مؤسسات استشارات أسرية ومراكز فاعلة لحماية الفتاة.
وألقى د. سعد بن عبدالله المشوح دراسته التي كانت بعنوان (علاقة وجهة الضبط والأساليب المعرفية بهروب الفتيات)، حيث ذكر أن السعودية هي الدولة الوحيدة التي تجرم هروب الفتيات وتسجنه ستة شهور وتقيم عليها الحد، فهي تجرم على أكثر من قضية نظرا لجوء بعضهن للمخدرات أو الدعارة.
وشدد على أن ظاهرة الهروب هي ظاهرة نفسية صرفة على المستوى العالمي، والإحصائيات التي تنشر غير دقيقة، ففي إحصائية وزارة الداخلية تم ضم هروب الخادمات إلى قائمة الهاربات، كما أن هذه الإحصائيات متضاربة فإحصائية وزارة الداخلية تختلف عن إحصائية وزارة الشؤون الاجتماعية.
وأرجع هروب الفتيات إلى وجهة الضبط الخارجية التي لا تستطيع السيطرة على جميع الأحداث الداخلية، والصدفة والحظ وكل ما يحدث للفتيات نتيجة أحداث لا يمكن السيطرة عليها.
وبيّنت الدراسة أن نسبة الفتيات الهاربات العازبات أكبر من نسبة المتزوجات والمطلقات، ونسبة المطلقات الهاربات أكثر من المتزوجات، وكلّما قل المستوى التعليمي للفتاة كان التعرض للهروب أكبر، كما تبلغ أعمار أغلب الهاربات من 18-19سنة، وبيّنت الدراسة أن 85% من العينة وعددهن (15) فتاة، اللاتي أحلن من الطب النفسي مصابات باضطراب الشخصية الحدي، وهو اضطراب نفسي.
وتوصلت الدراسة إلى أن أغلب الفتيات الهاربات قامت والدتهن بتسهيل الهرب لهن من المنزل، وقد أجريت الدراسة على (60 فتاة) قسمن إلى عينتين نصفهن هاربات، والنصف الثاني غير هاربات.
وفي نهاية اللقاء فتح د.محمد الشايع الذي أدار اللقاء باب المداخلات والتساؤلات للحضور، حيث ركز البعض على دور الاخصائي الاجتماعي والنفسي المفقود في المدارس وأثر ذلك على الطلاب والطالبات، كما أن مدارس البنات تعاني من غياب التخصص، فنظراً للعجز الحاصل تقوم وزارة التربية والتعليم بتفريغ إحدى المعلمات للقيام بدور الأخصائية الاجتماعية.
وذكرت هدى بخاري إخصائية اجتماعية بمجمع الأمل أن دور الاخصائي مهمش، لذا على الاخصائي الاجتماعي بذل الجهد وتخطي الصعاب ليقوم بدوره على أكمل وجه، وانتقدت القصور الشديد في الوصف الوظيفي بوزارة الصحة ووزارة الشؤون الاجتماعية.
وذكرت أن وحدة الحماية الأسرية غير مفعلة بشكل جيد، فإحدى الحالات قامت بالاتصال بهم، حيث تواجه مشاكل مع زوجها المدمن الذي يمنع أبناءها من الذهاب للمدرسة لكن لم تجد استجابة أو تفاعلا منهم، ثم لجأت للشرطة التي وجهتها بالذهاب إلى المحكمة دون تقديم يد المساعدة لها.
وذكر أحد الحضور أنه لمس من خلال اللقاء دعوة إلى هروب الفتاة من منزلها، لعدم تجريم الهروب عند الدكتورة نورة والدكتور سعد، لكن أوضحت د. نورة أن الهروب الإيجابي هو ما دعت إليه في حال التعرض للتحرش أو العنف، فليس من العدل مطالبة الفتاة بالجلوس في البيت إلى أن يقوم المجتمع لمساعدتها، لذا تكمن أهمية وجود مؤسسات لحماية الفتيات.
وعقبت د.نورة على إحدى المداخلات بأن الإعلام السلبي سبب في ظهور هذه الحالات، فالتغير الاجتماعي حدث بشكل سريع والمجتمع كان غير مهيأ، إلى جانب أن المستوى الثقافي والاجتماعي لم يتطور ليواكب الجانب المادي الاستهلاكي.
ودعت عميدة مركز الدراسات الجامعية للبنات بعليشة د.الجازي الشبيكي خلال اللقاء الأكاديميين المشاركين والحاضرين من علم النفس والاجتماع إلى التصدي للظواهر الدخيلة على مجتمعنا والتعاون في بحث هذه المشكلات والعمل على خلق إجراءات وقائية وعلاجية.