Al Jazirah NewsPaper Thursday  24/12/2009 G Issue 13601
الخميس 07 محرم 1431   العدد  13601
أضواء
أفيقوا يا خليجيين لما يجري بين واشنطن وطهران
جاسر الجاسر

 

لم يعد الأمر مقاولة من الباطن فتحتها واشنطن لطهران لترتيب الأوضاع في العراق، فالأمريكيون لا يريدون التورط في مغامرات عسكرية، ولم يعودوا يؤمنون بأسلوب الحروب الاستباقية التي كان يؤمن بها الرئيس السابق جورج بوش الابن، وبدلاً من ذلك يسعون إلى أن إعادة (دور شرطي الخليج) لإيران، هذا الدور الذي منحه الأمريكيون لشاه إيران وأنهاه الرئيس جيمي كارتر بدواعي الحفاظ على حقوق الإنسان التي تجاوزها شاه إيران كثيراً، يريد الأمريكيون الآن إعادة الدور لحلفائهم السابقين في عهد الرئيس (المختلف) والذي يؤمن بالحوار بدلاً من الحرب.. وبالمشاركة بدلاً من التباعد، ولأن الإيرانيين أثبتوا أنهم أفضل من يقدم الخدمات للأمريكيين عملياً وليس لفظياً مثلما فعلوا في العراق حيث سهلوا للأمريكيين هم وعملاؤهم من الأحزاب التي أنشؤوها وربوا قادتها في طهران ودفعوا بفيلق بدر العراقي المشكّل من العراقيين ذوي الأصول الإيرانية وفيلق القدس أحد تشكيلات الحرس الثوري العسكري ليدعموا غزو الأمريكيين للعراق ويكونوا خير منفذين لمخطط الأمريكيين بتدمير الدولة العراقية ومؤسساتها، ثم ذبح علمائها وطياريها وإجبار مثقفيها على الهجرة والهروب من العراق وإسقاط النموذج العربي الأفضل للتعايش المذهبي والثقافي بين مكونات مذهبية وقومية عدة.

هذه الخدمات التي لا يستطيع أي نظام أو دولة عربية أن يقدمها للأمريكان ليس لعدم القدرة، بل لأن العرب على الأقل لديهم من الحياء والخجل من أن يقوموا بالعمالة وتنفيذ مهام تدمير قوى الأمة العربية الإسلامية بأسلوب مقاول الباطن.

مقاولة العمالة وخدمة أعداء الدين والدولة التي يسميها كبيرهم (الشيطان الأكبر) لم تقتصر على العراق، فنفس الدور لعبه نظام ولاية الفقيه بطهران في أفغانستان وإذا استطاع أن يجند في أثناء غزو أفغانستان قوات الشمال الأفغانية التي كانت تحارب قوات طالبان ويقيم بعض من قادتها كلاجئين في طهران، ولكن مقاولتها لأمريكا لم تستمر لأن قوات الشمال الأفغانية تفككت وبعض من كانوا لاجئين سياسيين في طهران غلب عليهم ولاؤهم المذهبي فابتعدوا عن طهران، عكس العملاء العراقيين الذين شدهم الولاء المذهبي أكثر إلى طهران.

الآن تتوسع أمريكا في إعطاء دور أكبر لنظام طهران، ورصد المتابعون لما يجري في المنطقة، غزلا سياسيا ودبلوماسيا أمريكيا إيرانيا، وأن شيئا ما يجري خلف الأضواء بين إدارة أوباما وحكومة نجاد، وقد لمس المراقبون وبدهشة كبيرة شهادة التبرئة التي قدمها مسؤولون أمريكيون لنظام ولاية الفقيه، كقول جيفري فيلتمان مساعد وزيرة الخارجية الأمريكي في منتدى البحرين عندما زعم بأن الولايات المتحدة الأمريكية لا تملك دليلا ماديا على أن إيران تقدم دعما لوجستيا للحوثيين في اليمن..!!

وقبل أن يفيق العرب، وبالذات الخليجيون من هذا القول، يأتي تقديم الناطق الأمريكي تعليقاً على احتلال القوة الإيرانية لحقل الفكه العراقي، بأنه شأن خاص بين العراقيين والإيرانيين لينبه هؤلاء العرب والمراقبين بأن هناك صفقة كبرى بين أوباما ونجاد تطبخ على نار هادئة.. تتجاوز دور مقاول الباطن الذي كان نظام ولاية الفقيه يقوم به خدمة للمصالح الإيرانية.. فهذه المرة أرسيت المقاولة بالكامل لنظام نجاد وحرسه الثوري، وبصورة واضحة معلنة ليفيق من يواصلون النوم على وسادة العم سام..!!



jaser@al-jazirah.com.sa

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد