يسترعي ذائقتي يوما تلو الآخر كتاب من هنا أو هناك فتتملكني الدهشة والزهو معا أن حظيت بنصر عظيم وهو امتلاك كتاب أصيل الجذور وموثوق وعميق النظرة العابرة لجميع العصور التي تخبرك حقا أن الإنسان لا يزل كما هو موجودا يتنفس ذات الهواء ويعيش في ذات الأرض وان توحدت جغرافيته واختلفت بيئته بمراحل عما كانت عليه من اختلاف العادات والتقاليد التي يتصادم معها، ليس مع الآخر، بل مع ذاته مرارا وتكرارا.. فكر هائل الثراء بين صفحات بالية القدم!
فما هو سر اختفاء بروز الكثير من ثرائنا العلمي المقيد بأمهات الكتب فلا نكاد نجده بسهولة ولا نصل إليه أحيانا كثيرة على الرغم من سهولة الاتصال وتعدد الوسائل في زماننا الالكتروني.
قد تتشعب أحاديثنا وتثقل البعض همساتنا التي نأتي بها من هنا أو هناك وتزمجر أحرفهم فقط بسلاح الضد وتبتعد عن حضن العطاء ويد الأخذ نحو العلا والمقصد إلا أن المعلوم وبلا ريب جميعنا يعترف بالحقيقة ولا يهرب منها, و حاشا أن يقفز من فوقها متعاليا أو مختالا، وهي أن النتاج العربي القديم أو الحديث زاخر بمؤلفات فذة في فكرها وعميقة في طرحها وخالدة بأسماء أصحابها منها نستمد كثيرا من علومنا وإليها ننتمي عرقا ودينا وتمجيدا لكن معظمها مغيبة تماما..!
تظل مهارة بحثك الطويل وتتبعك الحليم لما يقوله عالم ومفكر جليل هي الهادي لك نحو كتاب قيم غير مكرر الطرح فتقبضه يداك ولا تدعه خوفا من فقده؛ فالمطابع توقفت عن إعادة طباعته أو ربما انشغلت بطباعة هراءات حديثة تواكب متطلبات وماديات العصر!
المعرفة ليست اختزال وارتقاء سلالم الثقافة وصناعة الحضارة المجيدة هي احتواء الفكر لكل كتاب وتناوله بالحوار بين الكبار وتبسيط حكيم للصغار لتجري الكلمات بين العروق مجددة لها فتترجمها الأفعال ونتعافى من داء الحفظ والتكرار بلا وعي وخفاء الثراء بلا علم وحجج تدني الطلب!.
أكثر من تساؤل
في كل مدرسة مكتبة شامخة..
ماذا لو خصصت ساعة للقراءة في كل مدرسة بأن يقرأ المعلم مقتطفات من كتاب أصيل وقيم ويتحاور مع تلاميذه بشأنه لا أن يصطحبهم إلى المكتبة ويغلق الباب ويطلب من الجميع مزمجرا اقرؤوا بصمت!.