Al Jazirah NewsPaper Thursday  24/12/2009 G Issue 13601
الخميس 07 محرم 1431   العدد  13601

أبعد السبعين اكتشفت نفسك يا أبا عبد الرحمن ..؟
لا تعقب ولا تعقيب
عبدالمحسن بن علي المطلق

 

(جزيرتنا).. جريدتنا: السلام عليكم، ولافُضَّت صحافتك،.. وقد أسرتنا.. بتغريد نثرٍ كالقصيد، للعلم والعلامة والموسوعة (أبي عبدالرحمن ابن عقيل، وهذا عن ج (1) من ثلاثة من عددها ذي الرقم: 13567 معنون ب (الان اكتشفت نفسي) موعودين بها بعد بجزءين ابتدئها ب هل فترات (ندم) هي الداعي.. بالفعل مرت بك! أم تحشرجات (ألم) وخزتك.. فلا أهنتك بمنام ولا آنستك بمقام، وقد بلغت من القدر - لا السن - مبلغه، ومن العلم مكانته، فالعنوان - بالفعل - مهيّجٍ، أو مستفز!

ف.. أبعد السبعين اكتشفتها؟، عجباً حال الإنسان الضعيف - ألا يصل أو يستدرك، أو كما عبر هو: (يكتشف) ذاته إلا بعد أن يبلغ من العمر عتيا؟..

فمتى بالله، بعد هذا (يكرم علمنا) من إنتاج، أو حتى توجه يمكنه أن ينحو إليه.

فكان، من قلم هذا الجهبذ، والذي حسب اطلاعي.. لا أعلم له اليوم (مثيل) لغة وإبحار، وجهد مع عطاءٍ (نثري) يخلب لب ذي اللب.

.. استهلالة لمن (له) على القلب (دلال)، وفي الذات إدلال..

فهذا (الجبل) الأشم.. (اليوم) يبدي عن خوالج ما اختاره في بواكير عمره لذاته منهجا، وعنه، (وبه) أنها تحجج، ومن بعده.. بعدها تأجح..

أقول.. هو اليوم: يثري لنا بتبسطٍ - كمن يحادث ذاته، في (حديث للروح)، فهو: للأرواح يسري-

نعم.. سرى، فبلغ بنا ربوة، أو قل ذروة علمية بحثية معللة، ومكللة.. بأسباب، وبأطنابٍ عما لم نتساءل عنه إلا (خفتاً)، ولم نلاجه حوله.. إلا نبساً، ولم.. ولم!

لكن وقبل الإغراق مع (1) تحت يدي الآن، و.. إن سرجت له (فرس) بناني، ولوحت به سيف بياني.. فلا أحسب أن مدادي طائل أو مطاول، لكني تعمقاً بقدره - لا تعليقاً - سوف أحاول - ثم.. فمعظم هذه الحيثيات كتبتها وأنا مازلت في أجواء (قراءة) أولى هذه السلسلة، فلا غرو.. إن كانت أو أتت غير ملمة في (بوح) أو لا يأتي في أبعادها شيء، كافٍ لكافة إفاضته في باقي تلكم، لأنها خوالج داعيها، أو هو - جزاه الله خيراً - من دعاها..

كانت (أكثرها) كوامن لدى عنه، فلا أحسب فيها شيء من التعقيب، فضلاً أن تكون تعقباً لإثرائه - إن من عادة شيخنا أنه إذا طرق موضوعا ووجد أن الأمر لازم الإيضاح فعل، كما في الجزء الثالث العمود الثاني - في اطراد أو إنهاكٍ جميل عن (التسبيح)،.. الذي ابتدره أو زجاه برجاء (ان هذا البث العلمي النفسي الأدبي الفني أرجو الله أن ينفع به دنياً وآخرة، وكذلك ما تعلق به من ذيول.. ولقد أخذ مني وقتاً كبيراً وأنا في أثر مرض يتجدد ما بين 2-7-1430هـ، و22-10-1430هـ لم أنقه منه إلا قريباً) ثم يقول: (وذلك خبر لاشكوى) شفاك.. شفاك مولاك.

أكاد أسميها سيرة (مقتضبة) ذكر بها (ربما) أهم محطات مسيرته، وأحسبه وقف على ما علق لديه منها.. من (ندم) والندم: توبة.

خطاب شفاف..

حتى لكأنه جلس أمام مرآة، ليورد أدق الدقائق التي تمر عليه، وكأنه يتكلم في أبعاد أحادنا - أو غالبنا -، بخاصة خطرات الشيطان، التي أحسن هذا العلم في ذكرها، بل قل نسجها..

فهو - أي الشيطان - كما وصفه حبيبنا صلى الله عليه وسلم: (يجري من ابن آدم مجرى الدم) ولا عجب أولاً، ولا عجب ثانيا أن يذهب بعض أهل العلم إلى الجواز التعمد للالتفات في الصلاة يساراً، للنفث ثم التعوذ منه.. حال مغالبته للمصلي، بل هي الحالة الوحيدة - كما أعلم - التي يجوز بها الالتفات عنوة.. في (الصلاة)، ولا عجب ثالثا: أن هذا الوصف الذي أملاه شيخنا تحسبه يتكلم بلسان كل أحدٍ منا - وهذا لعمري.. السهل الممتنع، إلا على من حبروا وأمطروا.. و.. كشيخنا هذا -

أبو عبدالرحمن، لحى الله من لحاك (وإن كنا سراً نشكره)..

أن أثريت (من خوالجك) لذات السبب، ما دعاك-، أقول.. لا تعليقاً بل هي تبعات استفزتني ولا أقول استفزتني أن أثري من إثرائك مع أنني سررت أيما سرور.. بما نثره لنا، لكن سامحه الله، إذ.. أخذني (صنيعه) من جو كنت أتخوله لنفسي، أن أنهي أحد كتابي - تحت الإعداد - عن (اللين)، والآخر عن (كيف يقرأ الكتاب) - لكن لاضير فإن في الفريضة.. ما يوجب قطع النافلة إن لم تسطع إتمامها قبل الركوع-، وتقديم عتابك، في استعتابٍ لذاتك، وما أجمل ولا أولى من أن يتعاهد المرء ذاته، ومنهجه، فيقدم ويقدم قبل أن تطاوله ذاته (الأمارة بالسوء) إغراقاً.. أقول إلى ساحة الندم، والعودة عن مظان (ظلال) ما اقترف ومع ذلك لا.. ولن يعدم حدس المتلقي من أن يذهب إلى (قصد) المبالغة التي (ربما) لم يعنها مباشرة شيخننا الذي اعتدنا منه قبل المبالغة في نقد الذات، أو التقليل من جميل صنائعها، وعدم الثناء على جهد لا يكاد يغفله (له) أدنى متابع.

أما شريحة كبيرة من المتابعين، فلا يمكنها كتم (وجد) لما أبلاه (علمنا) هذا.. على امتداد جهده العلمي، وليس العمري فقط، ولساني.. يبوح عنهم: ما لي أكتم حباً.. قد برى جسدي..

.. ثم لئن كان - كما اعترفت - شيئاً.. فهو ضائع في بحر إحسانك..،

وما لومك هنا إلا أحد محاسنك فهي، أو:

هذه كبوة، وقد يكبو الهمام

خطوة للخلف وعشر للأمام

ف(لك) يا علامتنا عشرات، مما انزوى عن ناظري جملة كبيرة من متابعي عطائك كبوات لاتحسب، و(كفى المرء أن تعد معايبه).

ثم وثمة.. (تنقيب) لاتعقيب - وهو: عتبي الوحيد على ما نسج لنا حين ذكر في عددها الثاني - هامش 3- رداً على مسمى (شيخ الإسلام)، فبادئ ذي بدء أقول: إن إطلاق كلمة (الأفضل) هكذا مطلقاً صعبة.. ولها حساباتها بالتأكيد، وليست جلباباً نخلعه من هذا ونضعه على ذاك وفق أهوائنا وما نظن أنه يحقق بعضاً من أهدافنا!، لكن ياشيخنا فمن يستحقه إن نزعناه عن ذلك الإمام؟

أجل، يا تلميذه النجيب؟ أحسبك والجواب على طرف لسانك، أنك قلت لا أحد سوى رسولنا صلى الله عليه وسلم، أكد أننا لانختلف معك إلا بجزئية أن الرسول صلى الله عليه وسلم (مطاع ثم أمين) فلا حاجة له لألقاب يغشاها الظن، ويحوطها شيء من النقص، ف(شيخ الإسلام) نعت مواز.. لأحد من أبلوا في دين الله (علماً وتعليماً) بلاءً لا (يخفى) ولا..

حتى وإن عللت (شيخنا) بتعليل مقبول بقولك: فلو جاز هذا اللقب لكانوا أحق به وأولى.. وإضافة (شيخ) إلى مسلمين جائز لجماعة من المسلمين لهم شيوخ في عصر ومصر، وهم المبرزون في العلم.. وشيخ الإسلام تعني العصمة، فاعتقادي الذي أدين به أن هذا اللقب مبتدع لايجوز إطلاقه على كبير من العلماء، وإنما هو شيخ لمن قلده، وليس شيخاً للإسلام.. وهو شيخ في الإسلام لا له، لما يبثه من أحكام الديانة الراجحة في اجتهاده، وهو شيخ لمن تلقى عنه العلم في حياته) فيما حقق المحققون - من بعده - مباشرة أنه (رحمه الله) أهل لهذا اللقب، وأعطف رأيي لا عاطفتي.. معهم (له) بهذا.

أيضاً، أيها القارئ لا أماري.. أو أبالغ - أو هبني الاثنين معاً -، إن قلت: أني عاشق لعقل هذا المعطاء، بل أرجو الله ألا أكون متمادياً بهذه الجملة، لكنه عشق.. لا كفعل ال(..) بين يدي مريده!.

وأتمم عشقي، أو هي سانحة أخرى:

فحتى لما كتبت مادتي (علم معمم) في عقب ذلك الملف الثقافي - أحد إصدارات أو قل (محاسن) (الجزيرة).. -، عن هذا الشيخ، أقول: حتى في تلك المادة لا أحسبني قضيت إربي عن هذا العشق، وأرجو - مرة أخرى، ألا أكون (مغرماً) مغرقاً، أو في ذلك: متجاوزاً-، وذاك (إلزاماً على مثلي لمثله)، فإن العظماء ما هم إلا (أشخاص عاديون) لكنهم استثمروا قدراتهم الجبارة ومواهبهم الكامنة وإمكاناتهم التي منحها الله لهم ليصنعوا أنفسهم من جديد، لذا من المهم أن ندرك قيمة أن لدينا الكثير من الأشياء الكامنة في ذاتنا والرائعة بتفردها وقيمتها وفائدتها لأنفسنا ولمجتمعنا ولوطننا ولديننا.

أبا عبدالرحمن، كيف اجزت لقلمك (جواز) بوح.. فاق ما تمنيناه، ودنا من أفق ما ابتغيناه؟ وطفق على أشرعة أجنحة أقلت مقامك..

إذا جلس الغني على الحثايا

فإنك على (المنابر) قد جلست

لاغرو أن (منابر) اليوم هي أدوات الإعلام أو قل: أدواته الحقيقية من - مقروء أو مسموع، أو أكثرها انتشاراً: ذاك (المرئي): التلفاز..

ومع هذا - فإني لأرجو - مع أخي الأستاذ حمد القاضي (وقد تهاتفنا على هذا) - أن تضم هذه الصحائف - ثلاثة أعداد.. في لم لشملها بكتاب، عسى الله أن ينفع به من لم تواتهم الفرصة في متابعتها.

هذا، وقد ذكر في ختام الجزء (3):

أنه لم يتحقق حسب (سرده) من أحلامه.. له، سوى حبه للقراءة، ونقول أو على لسان تلامذته: أنك يا شيخنا، كما قال الشاعر:

ومثلي لا يأسى على ما يفوته

إذا كان عقبي ما ينال جواب

أيضاً ذلك الجيل الذي تعلم - غير مباشرة - منك (كم) أحسبه لا يحصى، ممن يدين بكم، وذلك بتقديرٍ لايحظى به من بذلوا الجاه والمال..

وهذا برفع (عقيرته) احتراماً وإجلالاً، وتمجيدأً لما أقدمت من جهد وبذلت من عطاء.. أمسى علامة (فارقة) لنا.. بمثلكم.

ثم.. والدنا - المعلم - : كفكف عتاب ذاتك، فنحن نحن لدواتك.. وعلى وقع (تواقيعك) نحثو الخطى.. ونأمل المزيد، بمن في ثرائه (وحيد)، ولمن في عطائه - أبداً - توليد، ولإثراه في نثرنا: ترديد، وسبكه في ثغورنا نشيد.

ختم - سلام سلام، عليك.. يا إمام.

من (الابن)..

mohsali@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد