الرجل المناسب في المكان المناسب.. هذا ما ألمسه وأثق فيه، وقد تبوأ هذا المنصب مسؤول يجمع بين حصافة الرأي وخبرة التجربة وثقافة الفكر وإبداعات الشعر.. روافد تصب في مجرى نهر الحياة صوناً للحياة من أن يُعكَّر صفوها.. ويُساء إلى مسارها الطبيعي الذي يرفض تلوث بيئة طبعها وطبيعتها من أي تشويه أو شائبة.
وإذا كان للإعلام دوره.. وإذا كان كذلك للثقافة، وكلتاهما توأم في مواجهة أي طارئ يعيق حركة الحياة بكل ما تعنيه من استقامة في السلوك.. ونبل في القصد.. وما نتوخاه أملاً وعملاً على أرضية الواقع التي تواجه في عصر المتغيرات الكثير من المخاطر على ثوابتها وخصائصها الأخلاقية، والذوقية..
إذا كان للإعلام والثقافة هذا الدور وهذا الواجب فإن من الواجب - وهي مسؤولية جماعية - وضع النقاط على الحروف قبل أن يدهمنا الخطر.. حينها لا ينفع التحذير، ولا يجدي الحذر..
عزيزي وزير الثقافة والإعلام الدكتور الخوجة..
إذا كان العالم يتحدث عن متغيرات البيئة ومخاطرها على كوكبنا الأرضي، وما يمكن أن تلحق به من دمار، فاسمح لي أن أتحدث عن تلوث بيئي وبائي لا يقل في مخاطره عن تلوث المناخ البيئي..
إن له خطورة المخدرات.. وخطورة الغزو العسكري.. إنه الغزو الثقافي الذي يطعن الثقافة في كل أجزاء كيانها، ولكن بشكل غير ملموس ولا محسوس، إنه أشبه بالسرطان الذي يتوغل في الجسد دون جرس إنذار..
لقد امتلأ فضاؤنا العربي بتلوثات فضائية قاتلة.. أكثر من ستمائة قناة فضائية خاصة تبث سمومها على مرأى ومشهد من الجميع؛ لاستلاب ما لدى لشبابنا من حشمة.. وذوق.. وأخلاق.. وتغريب عن قيمه الروحية والسلوكية، بل والاجتماعية.. وهو ما يحرص عليه ويتمناه خصومنا الذين وجهوا إعلامهم من أجل تسفيه ديننا ومعتقداتنا الروحية وخصائصنا التاريخية.
والسؤال: أين هو دور وزارة الثقافة والإعلام من هذا الغزو المدمِّر الذي يضج به فضاؤنا الإعلامي العربي، ويضج منه فضاؤنا وقضاؤنا وحياؤنا الإسلامي والعربي؟!..
أين هي الحماية والوقاية لجيل المستقبل الذي يواجه عملية استلاب روحي وذوقي بل وحياتي؟!..
إذا كان الغزو بكل أدواته الميدانية يشكِّل خطر وجود.. وإذا كان الغزو بكل أدواته المخدرة والسامة يدمِّر الجسد... وكلاهما مدان شرعاً وعرفاً، فإن الغزو للعقول بما يغيبها ويسطحها ويستلب منها الإحساس بالتواجد والحياة السليمة والكريمة هو الأخطر والأقدر على التدمير..
أين هي الوقاية؟ وأين هي الحماية من هذا الخطر الداهم يا معالي الوزير؟ ومتى؟.. نريد حلا قبل أن تحل بشبابنا كارثة مستقبل يصعب تلافيها..
أوقفوها.. أو أصلحوها؛ فأقمارنا العربية الفضائية منكم، ولكم، وبكم يتحدد المسار الذي لا ينتظر التأخير.
الرياض ص. ب 231185
الرمز 11321