سيكلوجية الإنسان السعودي تكشفها رسائله الهاتفية وتدور في ذهني فكرة دراسة الخطاب الثقافي لرسائل الجوال السعودية، ولو شرعت في ذلك لا يمكنني أن أتجاوز سمة بارزة هي الشعور الدائم بعقدة الذنب التي تلتئم عليها اللغة وكأنها جرح غائر لا شفاء منه، وتظهر هذه السمة مصاحبة للمناسبات الدينية، والأعياد، فبدلاً من الفرح والابتهاج الذي يفترض أن تشرق به اللغة، نجد لغة محملة بالذنب، تلتمس الغفران وتترقب الصفح وتتباكى على ما مضى وتحاول أن تتفاءل بما يأتي لكنها محاولة مترددة، غير قادرة على الوفاء الكامل بمتطلبات الفأل وما يلزمه من اعتقاد كامل برحمة الخالق وبمساحة السماحة في قلوب البشر!
لكن لماذا؟
ربما لأن الشفافية غائبة عن علاقاتنا، نمارس الصمت فتكبر بيننا جبال الثلج فلا نملك حينها القدرة على قراءة الطرف الآخر ومعرفة مبرراته. نحن لا نلتفت كثيراً لتعبيراتنا وانفعالاتنا وكثيرون يرتدون أقنعة بحجة الدبلوماسية والمصالح فلا يعرف حينها من معه؟ ومن ضده؟ وحين تأتي مناسبة يفترض أن يتبادل فيها الفرح مع أحبته، يسقط في يده إذ لا يعرف من هم أحبته فيبدي هذه الاعتذارات لمن يستحق ومن لا يستحق بدلاً من التهاني والتبريكات، يفقد الاعتذار بهاءه إذ يصبح رسالة مبتذلة ومتكررة حد الملل!
أظننا نخاف من الفرح فلا نحتفي بمناسباتنا الخاصة مع أننا عشنا دهراً نقدس الخصوصية.
نخشى أن يفقدنا الفرح وقارنا وكأنه معادل للسفه.
لا نضحك إلا لماماً ربما لأننا نشأنا ونحن نسمع أهلنا يرددون حين يضحكون (الله يجعله خير ما قد ضحكنا كذا) كما نسمعهم يرددون (الله يعفو عنا) وكأن الضحك إثم يتطلب المغفرة!
مع أن الإسلام في فكره الأصيل يقوم على الترويح والإراحة للنفوس، وما العبادات إلا وسيلة لإراحة النفس حيث تستأنس الأرواح بأن تتواصل مع قوة عليا غير محسوسة، لكنها تمدها بالقوة والأمن هي قوة الله سبحانه.
الخطاب الذي تشكل في التفسيرات التالية للنص الإسلامي هي من خلعت على الإسلام هذه المسحة من التخويف والترهيب من الفرح والاحتفال وجعلت من الضحك سفاهة لا تليق!.
أرسلت لصديقة خمس نكت هاتفياً في يوم واحد فكتبت لي هاتفياً (فاطمة عسى ما شر؟)
فألحفتهن بأخرى فكتبت (أنا في الطريق جايه أطمئن عليك)!
أمام هذا هل يمكن أن نتطلع إلى احتفال بالعام الهجري الجديد بعيداً عن عقدة الذنب التي تلاحقنا في مختلف مناسباتنا!
أعتقد أن هذه إشارات لافتة تستحق المضي في اكتشاف الخطاب الذي تبثه رسائل الهاتف في مناسباتنا المتنوعة!
fatemh2007@hotmail.com