Al Jazirah NewsPaper Saturday  19/12/2009 G Issue 13596
السبت 02 محرم 1431   العدد  13596
أوضح الموقف القانوني لقراري الهيئة ضد رئيس بيشة.. الناصري يجيب عن أسئلة قراء (الجزيرة):
شركات الوساطة مطالبة بالاحتفاظ بالمكالمات المسجلة ثلاث سنوات.. وفقدانها إدانة لها!

 

الجزيرة - الرياض

كشف المستشار القانوني الأستاذ إبراهيم الناصري تفاصيل صدور قرار من لجنة الفصل بهيئة سوق المال في منازعات الأوراق المالية، والذي صدر مؤخراً، بالغرامة ضد رئيس مجلس إدارة شركة بيشة وبعض أعضاء المجلس لمخالفتهم المادة 20-ب من قواعد التسجيل والإدراج.

وتحدث الناصري عن نظام التقاضي في المملكة، مبيناً أركانه وكيفية التعامل معه وشرح رؤيته لأزمة مجموعة دبي العالمية من الناحية القانونية، وطالب شركات الوساطة في الأوراق المالية بالاحتفاظ بالمكالمات المسجلة لمدة ثلاث سنوات؛ حفاظاً على حقوق العملاء، وأكد أن فقد هذه التسجيلات يعد دليل إدانة لها؛ فإلى مستشار السوق:

* هل يعد صدور قرار لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية الأخير بالغرامة ضد رئيس مجلس إدارة شركة بيشة وبعض أعضاء المجلس تراجعاً عن القرار السابق بالسجن؟

سلمان الدخيل - القصيم

- لا علاقة للقرار الجديد بالقرار القديم؛ فالقرار القديم تضمن عقوبة السجن والغرامة على رئيس مجلس إدارة الشركة بصفته الشخصية، لا الوظيفية؛ وذلك لمخالفة تتعلق بالتداول بناءً على معلومات داخلية.

أما القرار الجديد فقد صدر ضده بصفته الوظيفية لمخالفات، من بينها مخالفة المادة 20-ب، من قواعد التسجيل والإدراج التي تنص على الآتي: (يجب على أعضاء مجلس إدارة المصدر ومديريه التنفيذيين، ومستشاريه، تلبية طلبات الحضور أمام الهيئة للمساعدة في التحقق من الالتزام بهذه القواعد).

فهذه المادة تسمح للهيئة بأن تطلب حضور أعضاء مجالس إدارة الشركات المدرجة في السوق ومديريها للإجابة عن أي أسئلة تتعلق بعملهم، وتعطي الهيئة الحق في فرض غرامات على من لا يتجاوب مع طلب الحضور، وهذه الغرامات يمكن أن تصدر عن مجلس الهيئة مباشرة أو عن طريق إقامة الدعوى أمام لجنة الفصل، كما هو الشأن في الحالة محل السؤال.

* هل يسمح النظام في المملكة للمتهم بتوكيل محام حتى لو كانت التهمة تتعلق بجريمة كبيرة كالفساد في الأرض؟ وهل يجوز للمحامين الدفاع عن مثل هؤلاء المتهمين؟ وماذا عن قوله تعالى: (وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا)؟

عبدالعزيز الشعيبي - جدة

- خلافاً للأساليب المتبعة في المحاكم القديمة، تتكون المحكمة الجنائية الحديثة من ثلاثة أركان يُكمل بعضها بعضاً، هي: الادعاء والدفاع والقاضي، وأي خلل في أحدها يعني اختلال ميزان العدالة، ويُمكن تشبيه هذه الآلية بالميزان؛ يُمثل كِفّته اليمنى الادعاء العام بما لديه من كفاءات قانونية فائقة وإمكانات مادية كبيرة، ويقتضي واجبه النظامي حشد كل هذه الطاقات في سبيل إقناع القاضي بإدانة المتهم، وتُمثل الكفة اليسرى فريق الدفاع الذي يفترض أن يبذل جهده في تفنيد التهم وإقناع القاضي ببراءة المتهم، وفي الوسط بين كِفتي الادعاء والدفاع يقف القاضي مستمعاً للمرافعات والمدافعات والأدلة وتفنيدها، إلى أن يصل إلى قناعة بالحكم في الإدانة أو البراءة، فإذا اختل ميزان القوى بين كفتي هذا الميزان انحرف سير العدالة إما إلى تبرئة المجرم أو إلى إدانة البريء. ومن المستقر منذ عهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن الخطأ في تبرئة مجرم أولى من الخطأ في إدانة بريء. ويعد الدفاع عن المتهم في المحكمة من أركان حقوق الإنسان ومن أسس العدالة بغض النظر عن نوع التهمة ومداها، وهو المصدر الذي تكتسب منه مهنة المحاماة نبلها وشرفها؛ ذلك أن من يقف في قفص الاتهام في المحكمة ذليلاً خائفاً هو في النهاية إنسان ذو مشاعر وأحاسيس وآمال وآلام. وقد يكون بريئاً اختطفه خطأ بشري فحشره مع زمرة المجرمين، وقد يكون في أسوأ الظروف مُجرماً، وفي هذه الحالة فإنه يظل في عين القانون بريئاً حتى تثبت إدانته. ويسمح نظام الإجراءات الجزائية السعودي بتمثيل المتهم من قبل محامٍ ابتداءً من مرحلة التحقيق حتى المحاكمة.ولكن لم يصل النظام إلى مرحلة إيجاب ذلك كما هو الشأن في معظم دول العالم. ولكن يُفترض أن يكون هذا الأمر خاضعاً لتقدير القاضي، فإذا لمس حيفاً في آلية العدل نحو جانب الادعاء كأن تكون الجريمة معقدة أو يكون المتهم ضعيف الحجة ففي رأيي يجب عليه عندئذ أن يطلب منه توكيل محامٍ.

وكلما تطور الحس العدلي في المجتمع كان أكثر تقبلاً واحتراماً بل إكباراً لدور المحامي في الدفاع عن المتهمين بغض النظر عن ظروف التهمة ونوعها وملابساتها. وفي المملكة لا يزال المجتمع يتعامل مع هذا الموضوع بحساسية، بل إن بعض القضاة يساير هذا التوجه مستشهدين بالآية الكريمة (وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا)، متجاهلين إقرار الشريعة مبدأ براءة المتهم حتى تثبت إدانته؛ مما يعني، والله أعلم، أن كلمة (للخائنين) الواردة في هذه الآية لا تنطبق على مَن لا يزال في قفص الاتهام؛ لأنه لا يزال بريئاً.

* ما التداعيات والتطورات المحتملة لأزمة (دبي) من الناحية القانونية؟

علياء محمود -جدة

- تتلخص أزمة (دبي) في اقتراض شركات التطوير والاستثمار الكبرى، المملوكة لحكومة دبي، مبالغ مالية كبيرة تم توظيفها في بناء عدد هائل من مشاريع البنية التحتية ومشاريع عقارية وتجارية أذهلت العالم خلال السنوات العشر الماضية. وكان يفترض - بحسب دراسات الجدوى عند الاقتراض - أن يتم تسديد القروض من الدخل الذي ستحققه تلك المشاريع، ولكن الرياح جرت بما لا يشتهي الدائنون، وهبت عاصفة الأزمة المالية على العالم؛ فجفت منابع التدفقات النقدية على الإمارة خلال الأشهر الماضية؛ فانحسرت وسائل الوفاء بأقساط الديون عن الحد الأدنى اللازم؛ مما اضطر إحدى هذه الشركات (شركة نخيل) إلى الطلب من الدائنين تأجيل تسديد الدفعة التي كان مقرراً لها يوم الاثنين الموافق 14-12-2009م، وهذه الدفعة تبلغ 3.5 مليار دولار؛ أي نحو ثلاثة عشر مليار ريال، وهي عبارة عن العائد على صكوك توصف بأنها متوافقة مع الشريعة الإسلامية. ويعني ذلك أنها صادرة مقابل أصول معينة، وأن ملاك هذه الصكوك يملكون من الناحية النظرية تلك الأصول؛ وبالتالي فإنه يحق لهم عند العجز عن سداد الدفعات المستحقة كأرباح لهذه الصكوك المطالبة ببيع تلك الأصول، ولكن يجوز لمالكي الصكوك - بقرار يصدر بأغلبية ثلاثة أرباع رأس المال - إعادة جدولة التسديد، سواءً بتأجيل الدفعات أو تخفيضها أو نحو ذلك، وهذا ما كانت تأمله شركة نخيل عندما طلبت منهم الموافقة على تأجيل تسديد الدفعة الحالية لفترة ستة أشهر. ولم يتمكن حملة هذه الصكوك من الوصول إلى الأغلبية اللازمة للموافقة على التأجيل؛ حيث اعترضت مجموعة بريطانية تملك أكثر من ربعها، وطالبت بتسديد الدفعات في وقتها.

وقد أُعلن يوم الاثنين الماضي عن تدبير الشركة مبلغ الدفعة المستحقة وتسديدها للدائنين، كما أُعلن عن تشكيل لجنة قضائية خاصة للفصل في المنازعات المتعلقة بتسوية الوضع المالي لشركة دبي العالمية والشركات التابعة لها. وهذا الإجراء المتمثل في تسديد الدفعة المستحقة الحالية ساعد في تأجيل استحقاقات الصعوبات التي تواجهها الشركة؛ إذ لا يزال العرض الخاص بإعادة هيكلة ديونها خلال ستة أشهر قائماً.

* أثناء اتصالي بشركة الوساطة التي أتعامل معها أخبرني الموظف بأن المكالمة يتم تسجيلها، فهل يحق للشركة ذلك؟

وهل من حقي أن أستفيد من هذا التسجيل لو حدث خلاف مع الشركة؟

أحمد نور - الظهران

- توجب المادة 51 من (لائحة الأشخاص المرخص لهم) الصادرة عن هيئة السوق المالية على شركات الوساطة تسجيل المكالمات الهاتفية مع عملائها، حيث نصت الفقرة (أ) منها على الآتي: (يجب على الشخص المرخص له عدم إجراء أو قبول أي مكالمات هاتفية من عملاء، أو عملاء محتملين تتعلق بأعمال الأوراق المالية ما لم يسجل الشخص المرخص له تلك المكالمات الهاتفية).

كما تُلزمه الفقرتان (ب، ج) من هذه المادة بالإفصاح لعملائه عن تسجيل المكالمات الهاتفية الخاصة بأعمال الأوراق المالية، والاحتفاظ بتسجيل هذه المكالمات الهاتفية لمدة ثلاث سنوات بعد تاريخ إجراء المكالمة.

وإذا كانت المكالمة الهاتفية ذات صلة بنزاع مع عميل، أو تحقيق نظامي، فيستمر الاحتفاظ بالتسجيل إلى حين التوصل إلى تسوية تامة للنزاع أو الانتهاء من التحقيق.

والسبب في إلزام الوسطاء بتسجيل المكالمات المتعلقة بعملهم زيادة كفاءة وفاعلية الإشراف عليهم من قبل الجهة التنظيمية، وحفظ حقوق عملائهم في حالة وجود نزاع؛ وبالتالي فإن من حق العميل الاستفادة من هذه التسجيلات في حالة وجود نزاع مع الشركة.

وتطلب لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية هذه التسجيلات من الشركة عند الحاجة إليها لمصلحة العميل، وإذا لم تقدم الشركة تلك السجلات إلى اللجنة فإن ذلك يعد قرينة على سلامة موقف العميل، إضافة إلى ارتكاب الشركة لمخالفة نظامية.



للتواصل واستقبال الأسئلة: Ibrahim@alnaseri.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد