إنَّ أكثر المشاكل التي لدى صغارنا هي الخوف من الظلام؛ فكثير من الأمهات والآباء يشتكون من ملاحظة خوف أبنائهم من البقاء في مكان مظلم وحدهم أو حتى مع والديهم.
وفي ذلك يؤكد أطباء النفس أن الخوف من الظلمة يبدأ بالظهور والسيطرة على ذهن الطفل عندما يكبر في العمر وتبدأ لديه ملكة وحس التخيل، وعادة ما يصيب الأطفال الخوف من الأماكن المظلمة في البيت وهم في عمر سنتين أو ثلاث سنوات، أي حينما يبدؤون في امتلاك حس التخيل دون أن يمتلكوا في نفس الوقت حس التمييز والإدراك للتفريق بين الأشياء؛ لذا يكون أي شيء مجهول للطفل مصدر خوف، ويصنفون الخوف إلى نوعين من الخوف من الظلمة والأماكن المظلمة: النوع الأول، نوع طبيعي، موجود لدى الكبار والصغار، وهو الخوف من المجهول، كأن يصطدم بشيء يؤدي إلى وقوع أشياء أخرى عليه.. إلخ. وهذا خوف جيد ومفيد ويعين المرء على السلامة، والمشكلة هي في النوع الثاني، الذي يعانيه الأطفال، وهو الاعتقاد بأن في تلك الظلمة شيئا ما مخيفا مؤذيا، وأنه سيهجم عليهم متى دخلوا إلى تلك الأماكن!.
وإليكما أيها الوالدان بعض الحلول للنوع الثاني، وهو مشكلة خوف الطفل من الظلام لوجود أشياء مخيفة:
1- على الوالدين احترام الطفل، وإظهار تفهم خوفه ومعاناته. وأسوأ ما يمكن للوالدين فعله هو الاستهزاء بخوفه، وإخبار إخوته بذلك، وتعنيفه على قلة عقله، وإظهار الاستخفاف به ووصفه بالضعف؛ فعندما تستخف بخوفه فإنك لا تساعده بل تبعث فيه مزيداً من الخوف والشعور بالذنب والخجل من نفسه.
2- الهدوء أثناء الحديث مع الطفل حول الخوف، وإعطاؤه الثقة والأمان في قدرته على التغلب عليه من خلال الاستماع إليه وإخباره بأن الخوف شيء طبيعي ومتوقع من أشياء حقيقية. فالطفل لا يستطيع بسهولة أن يتصور غباء وسخافة اعتقاد وجود أشياء مخيفة؛ لأن هناك قنوات كثيرة لدخول مثل هذه الأفكار المخيفة إليه من تلفاز وقصص وتهديد.
3- على الوالدين أن يدركا أنه من الطبيعي أن يزداد خوف الطفل في الليل عند النوم خاصة, وطبيعي حينها أن يبدأ الطفل بإبداء حاجته إلى أمه ورغبته في أن يكون بجانبها، وعلى الأم أن تظهر للطفل القُرب منه وإحاطتها له بحنانها وإفهامه برفق أن أمه بقربه دوما متى ما احتاج إليها دون أن تتمادى في الاستجابة له، وتحديداً النوم لديها.
4- قدّما ما يُشعِر الطفل بالأمان الحقيقي والقوة لإزالة الخوف. كأن يخبر بأن أمه ستكون بجواره، ويسأل الطفل هل يريد من الأم أو الأب أن يتفقداه من آنٍ إلى آخر. وأن يعطى أي شيء يطلبه ليضعه بين يديه كي يشعر بالأمان، كالبطانية أو إحدى الدمى أو إضاءة خافته بالغرفة أو غير ذلك. ومن الخطأ مخاطبته بالقول: (سأبحث تحت السرير لأثبت لك أنه لا توجد وحوش)؛ لأن هذا يمنح الطفل بشكل غير مباشر شعورا بأن لخوفه أساساً أو أن الشيء الذي يخاف منه ممكن أن يكون موجوداً حوله. ويمكن لو اضطُرّت الأم مثلا أن تتفقد خزانة الملابس، لا لتثبت له أن ليس فيه غول؛ بل لتريه ملابسه وأحذيته وغير ذلك مما فيه.
5- قد يكون لدى بعض الأطفال خوف هستيري؛ فتستدعي تلك الحالة استشارة طبيب نفسي إذا لم تفد تجربة كل الخطوات السابقة لفترة طويلة معه.