Al Jazirah NewsPaper Friday  18/12/2009 G Issue 13595
الجمعة 01 محرم 1431   العدد  13595
قلوب معطوبة

 

على عكس بقية إخوته، لم يستطع تحمل بقاء أخيه طريدا بعيدا عن بيت العائلة. فسلمه تكاليف القطع المعطوبة، وطالبه بالتنازل عن شكواه.

فاحتراما لهذه الخطوة المباركة، وللعلاقة التي بينهم، تنازل عن مصاريف الإصلاح والتركيب. كان ذلك في اليوم التالي، أما في الليلة السابقة، وهي ليلة القدر. شارك مجموعة من الشباب، لا تتجاوز أعمارهم أواخر العشرينات. تبدو عليهم ملامح الأخوة والمحبة، متراصون متعاضدون. إذا اشتكى أحدهم، قام له البقية بالسهر والمداراة. كسرب من الطيور، المتشابكة المترابطة. تطير عبر الأجواء، في تشكيلة منتظمة تبهر الناظرين. يحسدهم الجالسون بجوارهم، على حسن تآلفهم وتوادهم.

احيوا تلك الليلة، في رحاب الدعاء - وفيض القرآن - ونور الصلاة. بأيدي ممدودة إلى السماء، تطلب العفو والرضوان.

وبقلوب منكسرة - ودموع جارية. جاءوا ليتوبوا من ذنوبهم، ليعودوا كمن لا ذنب له. غادروا المسجد، مع منتصف الليل.

متجهين إلى بيت أحدهم، لإكمال السهرة حتى طلوع ضوء النهار، ايذانا بدخول يوم جديد.

بوصولهم أوقفوا سياراتهم بمحاذاة جدران البيوت القريبة، وعلى طول الشارع المتعرج إلى داخل حيهم القديم ببيوته المتقاربة المتلاصقة، وجدرانه التي لا تزال تعبق برائحة الماضي، وشوارعه الحلزونية الضيقة، كجسم ثعبان ملتف على فريسته.

خلال دخولهم من الباب الخارجي، اعترضهم أحد اخوتهم متوعدا مهددا: فليخلِ ضيفكم موقع سيارته، أو سيحصل لها ما لا يحمد عقباه. أراد تحريك سيارته، اتقاء للشر. فمنعه الأخوة من ذلك، ووقفوا في وجه أخيهم. يتحدونه ويهيجونه، والشرر يتطاير من أعينهم. كما ذئاب جائعة، تتقاتل على طريدة.

ثارت حفيظة أخوهم، فهجم على سيارة الصديق بقوة وعنف.

فاتلف بعض محتوياتها، ولاذ بالفرار. فقاموا بتحريض صديقهم، وأقنعوه بالتبليغ عنه انتقاما وقصاصا. ضاربين عرض الحائط أواصر الدم، ومتجاهلون القرابة وحقها.

غير ملتفتين إلى أن المؤمنين أخوة، وواجب الإصلاح بينهم.

حسين نوح مشامع - القطيف



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد