Al Jazirah NewsPaper Sunday  13/12/2009 G Issue 13590
الأحد 26 ذو الحجة 1430   العدد  13590
أما بعد
كاوست... تتويج لمنظومة تطوير التعليم
د. عبد الله المعيلي

 

يدرك المتابع لمسيرة التعليم في المملكة العربية السعودية أن التعليم حظي ومازال يحظى بأولوية مطلقة في الإنفاق من الميزانية العامة للدولة على كل أوجه الإنفاق العام الأخرى، وأنه يحظى باهتمام القيادة وعنايتها، فهو على القمة دائما يتصدر كل مجالات التنمية عبر خططها المتوالية، وهذا يدل على رؤية صائبة تستشرف المستقبل وتستعد له. إن الإنفاق على التعليم يعد أحد أوجه الاستثمار التي لا يعدلها أي استثمار، ولا ريب في ذلك، فالتعليم يعنى بأغلى ما تتملكه الأمم، ويعنى بأغلى وأعز ما في الإنسان هو عقله، وأهم ما يشغل الإنسان وهو مستقبله، ولا يخفى أنه بذلت العديد من المحاولات، والكثير من الجهود، في سبيل تطوير التعليم وجعله مواكبا ملبيا لمتطلبات التنمية، لكن نتائج هذه المحاولات والجهود مازالت دون الطموح والآمال المنشودة للتعليم، فمخرجات التحصيل الدراسي متأخرة إذا ما قورنت بالدول الأخرى المماثلة للمملكة في قدرتها المالية، ونتائج الاختبارات الدولية تشهد على ذلك، ومما يثير الأسى أن مخرجات التعليم أقل في كفايتها ومستواها من دول تعد أقل من المملكة في إنفاقها على التعليم، كما أن تكوين شخصية الطالب ومهاراته العلمية والعملية بحاجة إلى مزيد من التمهير، ومزيد من تعزيز القدرة على التعامل مع متطلبات سوق العمل وحاجاته.

ومما يؤخذ على جهود تطوير التعليم السابقة، أنها كانت تتم وفق المنظور الآني للمسؤولين عن التعليم، الذين يقودون دفته لفترة زمنية محددة، فكان واقع حال التطوير أنه كلما جاءت أمة بدأت خطوات التطوير من البداية وفق رؤيتها، ووفق منظورها وحماستها، ولا تلتفت إلى الجهود السابقة، ولو لمجرد المراجعة، على الرغم من القيمة العلمية والعملية لكثير منها، وكأن لسان الحال، تلك أمة قد خلت لها ما كسبت، وعلينا أن نبذل الجهد كما بذلوا، فتشتتت الجهود وضاعت الدفة، وبقيت الحال تراوح مكانها.

وجاء مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم، تعثر في بداية انطلاقته، لكنه بدأ يتجه الوجهة الصحيحة بعد أن أخرجه سمو وزير التربية والتعليم من عباءة الوزارة، وحرره من بيروقراطية الإجراءات، وطول المخاطبات، وأسند الإشراف عليه لشخصية تربوية متمكنة خبرة وعلما، والآمال معقودة على ثمار يانعة للمشروع إن سار وفق منظور عملي، ومنهج علمي، وخطة زمنية مرحلية متتالية في الإنجاز والمتابعة والتقويم.

إن الرؤية الملكية الكريمة، والإرادة العازمة على تطوير التعليم العام وما في مستواه، سوف تتحقق إن شاء الله بعد الانطلاقة الفعلية لمشروع الملك عبدالله (تطوير)، فهذا المشروع يبشر بغد مشرق لتطوير التعليم، هذا القطاع الذي يصنع التفوق والتقدم، وتواصلا مع هذه الرؤية واستكمالا لها انطلقت (جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية) شامخة مبشرة بغد أكثر إشراقا وتطورا للتعليم الجامعي، ولتكمل انطلاقتها منظومة التطوير المنشود في مراحل التعليم كافة، فهذه الجامعة منارة علمية عالمية، استقطبت العلماء والمبدعين، فإذا هي منارة تهدي للحق، منارة تنير السبيل، وتسعى في الخير، منارة تعزز مكانة المملكة العربية السعودية وأدوارها، وسوف تعيد لها أمجادها التاريخية، ودورها الريادي في نشر العلم والمعارف والعلوم، إنها بيت الحكمة والمعرفة التي سوف تثري الخبرة العالمية بإضافاتها العلمية والعملية، لقد بنيت هذه الجامعة وأسست على هدى من رسالة المملكة العربية السعودية الإنسانية، ودورها الحضاري، وصيغت أهدافها لتنمي المعرفة البشرية وتطورها، وتثري جهود التقدم والتطور، ومشاريع التنمية في المملكة وفي بلاد العالم الذي التحق مبدعوه ونابغوه للدراسة في هذه الجامعة، وبهذا سوف تعم فائدتها ونجاحاتها كل بلاد الدنيا، إنها على موعد مع النجاح والمكانة الرفيعة بين جامعات العالم.

إنها جديرة بأن توصف بأنها مركز عالمي للإبداع والاختراع.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد