لم يكن للعرب قبل الإسلام تقويم يؤرّخون به الأحداث التي تقع في حياتهم مثل بعض الأمم والشعوب الأخرى كالفُرس والروم والهنود والصينيين وغيرهم. وقد يرجع السبب في ذلك لأنهم كانوا يعيشون في جاهلية يندر فيها من كان يعرف مبادئ القراءة والكتابة. إضافة إلى ذلك فإن العرب عاشوا في الجزيرة العربية وهي منطقة طرد وليست منطقة جذب لقلة مواردها مما ساعد على عدم اختلاطهم بالشعوب الأخرى. ويمكن أن نستثني من ذلك التجار الذين كانوا يذهبون للشام أو اليمن في رحلتي الشتاء والصيف المشهورتين أو غيرهما من البلدان.
وعلى الرغم من أن العرب لم يكونوا يدوّنون الأحداث في حياتهم إلا أنهم دوّنوا لبعض الأحداث الكبيرة التي حدثت في الحجاز مثل بناء الكعبة المشرّفة في زمن أبينا إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما الصلاة والسلام عام 1855 قبل الميلاد. كما دوّنوا أيضاً لعام الفيل عام 571م وحرب الفجّار عام 585م. وقد قام العرب باستخدام مسميات الحروب لمعرفة التاريخ مثل حرب البسوس وحرب داحس والغبراء وحرب الفجّار وغيرها. علماً بأن هذا النهج ساد عند العرب في الجزيرة في الأزمنة المتأخرة عندما أرّخوا بسنة الرحمة والجدري والسبلة وجراب والهدم وغيرها.
أما التاريخ الهجري فقد بدأ في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما أرسل أبا موسى الأشعري والي البصرة إلى الخليفة رسالة مفادها (يأتي كتاب من أمير المؤمنين محله في شعبان فلا ندري أهو الذي نحن فيه أم الماضي (فجمع عمر بن الخطاب الصحابة في يوم الأربعاء 20 جمادى الآخرة عام 17هـ لأخذ رأيهم في الأمر فأشار بعضهم بالبدء بمولد النبي صلى الله عليه وسلم وأشار البعض الآخر بهجرته وأشار آخرون بتاريخ الروم أو الفرس فاستقر الرأي على الأخذ برأي علي بن أبي طالب بالبدء بهجرة الرسول والأخذ برأي عثمان بن عفان بأن تكون بداية الشهور شهر محرم لأن العرب كانت تبدأ به السنة).
وتجدر الإشارة إلى أن هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم حدثت في شهر صفر ووصل إلى المدينة أوائل شهر ربيع الأول. وينسب إلى كعب بن مرة الجد الخامس للرسول صلى الله عليه وسلم أنه أول من أطلق مسميات الشهور العربية. وقد تمت تسمية الشهور العربية بناء على الحالة العامة للناس وأحوال المناخ عند التسمية فسُمّي محرم لأن العرب تحرّم فيه القتال، وربيع لوجود العشب والكلأ، وجمادى لشدة البرودة وتجمّد الماء، ورمضان لوجود الحر والرمضاء، والقعدة لقعود العرب استعداداً للحج في الجاهلية وهكذا في بقية الشهور.
وفي الوقت الحاضر نجد المملكة العربية السعودية على المستوى الرسمي والشعبي تكاد تنفرد باستخدام التاريخ الهجري القمري في المعاملات والمكاتبات مع معادلتها بالتقويم الميلادي في الأمور التي تتطلب زيادة في التحديد والتوثيق أو التي توجه إلى دول لا تستخدم التاريخ الهجري. ومعلوم أن التاريخ الهجري متغيّر وليس ثابتاً حسب أهلة القمر فقد يأتي الشهر الواحد في جميع فصول السنة. أما عدد أيام الشهر فهي 29 أو 30 يوماً. أما عدد أيام السنة فهي 354 يوماً وبضع ساعات. وبذلك يكون الفرق بين العام الهجري والعام الميلادي أحد عشر يوماً، حيث إن عدد أيام العام الميلادي 365 أو 366 حسب السنة إن كانت بسيطة أو كبيسة. والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.