وسط مظاهر من الفرح والابتهاج عمَّت المملكة، في واحدة من أروع صور الوفاء والترابط والتلاحم بين القيادة والشعب، كان الاحتفاء بعودة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، إلى أرض الوطن بعد أن مَنَّ الله تعالى عليه بالشفاء.
وما مظاهر هذا الفرح والابتهاج لهذه العودة الميمونة لسموه إلا لمشاعر صادقة وجيَّاشة تولدت على مرّ عقود من الزمن، بذل سموه خلالها الكثير للوطن والمواطنين من خلال المناصب التي تقلدها.. فقد أولاه والده الملك المؤسس عبدالعزيز - طيب الله ثراه - ثقته حين عيَّنه أميراً للرياض العاصمة عام 1947م؛ حيث ساهم في إقامة نظام إداري متين للدولة الفتية.. وعندما عُيِّن وزيراً للزراعة عام 1953، عند تشكيل أول مجلس للوزراء، كانت له إنجازات، من أهمها تسريع توطين البادية من خلال إنشاء مزارع حديثة لهم.. وساهم عند تعيينه وزيراً للمواصلات عام 1955 في إدخال شبكة مواصلات واتصالات حديثة.. حتى عُيِّن عام 1962 وزيراً لوزارة الدفاع والطيران، جعل من خلالها المملكة دولة مهابة الجانب منيعة أمام الأعداء.
أما الحديث عن سلطان الخير فهو حديث ذو شؤون وشجون؛ فقد أصبح التزامه بفعل الخير عاماً في جميع نواحي التعامل الشخصي والعام؛ إذ إنه لم يتوقف عند إغاثة الملهوف ومد الدعم المعنوي والمادي للمضطر وذي الحاجة - وهو عمل إنساني راق -، وإنما وضع أنظاره على أهداف حضارية فريدة تجسَّدت من خلال مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية، إحدى أبرز المؤسسات الإنسانية العالمية التي تواصل العمل الإنساني الإيثاري وفق رؤية محددة مستمدة من تعاليم الإسلام.
ولا نجد أصدق من وصف سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز عندما قال: (إنَّ سلطان بن عبدالعزيز مؤسسة خيرية متنقلة).
وتعدى اهتمام الأمير سلطان بهذه الجوانب ليتجه إلى البيئة، وتصبح أحد شواغله واهتماماته؛ ما جعل المتابعين لهذه الجهود يطلقون عليه اسم (رجل البيئة الأول). كما كانت لسموه لمسات وبصمات في المجالات الصحية من خلال دعمه لكثير من المراكز الطبية على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.
لقد علمتنا رحلة الأمير سلطان مع المرض الكثير من الدروس والعبر:
- علمتنا كيف نتفاءل، وكيف نأمل بالخير دائماً، وكيف نحصد ثمرة ذلك عندما نحسن الظن بالله.
- ولقد جسدت لنا كيف تتعامل قيادتنا الحكيمة ممثلة في مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - في مثل هذه الظروف تعاملاً حضارياً وإسلامياً وإنسانياً رفيعاً مما تعجز المجلدات عن حصره.
- وأظهرت لنا كيف تتجسد صلة الرحم في أسمى معانيها عندما التفت الأسرة (آل سعود) حول سلطان الخير، صغيرهم وكبيرهم، وكيف انبرى عدد من أفرادها - وعلى رأسهم أخوه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - وآثر مرافقته ومؤانسته؛ لتقديم ما تعجز عن تقديمه العقاقير والجراحة، وهو الدعم المعنوي والمؤازرة الأخوية.
- وعلمتنا كيف يلتف الشعب كله على اختلاف مشاربه حول رموز قياداته الرشيدة متمثلة هنا في شخص هذا الأمير المحبوب.. وأظهرت للعالم كيف تتجسد مفاهيم العائلة الواحدة ووشائج القربى وصلة الرحم.
وها نحن نحتفل بعودة سلطان بن عبدالعزيز وأخيه الوفي سلمان سالمين إلى أرض وطن أضناه الحنين إليهما.
وكأن التاريخ يعيد نفسه ليقول لنا: إن من يزرع العطاء يحصد المجد، وإن من يزرع الوفاء يجنِ التقدير.
المدير العام لبرنامج مستشفى قوى الأمن رئيس مجلس إدارة مدارس الرياض