Al Jazirah NewsPaper Friday  11/12/2009 G Issue 13588
الجمعة 24 ذو الحجة 1430   العدد  13588
اعتاد منذ الصغر على تقديم كل ما يملك لأخيه الإنسان
سلطان الإنسانية يسخر حياته وأعماله لخدمة الإسلام ونشر تعاليمه السمحة

 

لا يمكن لأي متحدث عن شخصية سمو ولي العهد -حفظه الله ورعاه- أن يتناول تلك الشخصية دون التوقف طويلاً أمام واحدة من أهم صفاته وسجاياه العديدة والمتمثلة في شخصيته الإيمانية المحبة للخير حيث سخر سلطان بن عبدالعزيز حياته كلها لخدمة دينه ووطنه وأمته، وجعل كل ما يملك في هذه الدنيا وقفاً لله تعالى، وأعماله ومواقفه تشهد له عند ربه بحرصه على خدمة الإسلام والمسلمين، فهو رائد من رواد العمل الإسلامي، وخادم لقضايا الأمة العربية والإسلامية، ومثلما سخر حياته وأعماله لخدمة دينه، فقد خدم دينه على أفضل ما يخدم المسلم المخلص خلال رئاسته للهيئة العليا للدعوة الإسلامية وترؤسه لمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، فقد حرص على المتابعة لجميع الخدمات والأعمال والأجهزة التي تقدم خدمات للإسلام والقضايا الدعوية ونشر تعاليم الإسلام، حيث أجمع كثير من العلماء والباحثين على أن الدور السعودي الإنساني الذي يقوم به سلطان بن عبدالعزيز محلياً وعربياً وإسلامياً ودوليا يعتبر ريادة في العمل الإسلامي الكبير.

ما أكثر مواقف سلطان بن عبدالعزيز التي تحملها ذاكرة عصره وستبقيها لأجيال من بعده. أهم ما يميزه أن إنسانيته تمتزج دائماً بمسؤولياته، إذ إنك لا تستطيع أن ترى سلطان المسؤول منفصلا عن سلطان الإنسان، الاعتبارات الإنسانية في قرارات سلطان بن عبدالعزيز توضع دائما في المقدمة، ابتسامته ودمعته وحكمته وحزمه وغضبه ورضاه كلها تجتمع فيه في آن واحد لا في أوقات متفرقة. تستطيع أن تقول عنه ببساطة إنه عزائم عدة رجال اجتمعت في رجل واحد.

الابتسامة التي لا تفارقه لا تنفصل قط عن الحزم الذي يلازمه، ابتسامته في الحزن مواساة وفي الفرح سعادة، وحزمه في كل وقت انضباط واحترام للواجب والتزام وطني وإنساني.

لقد كان للمسؤولية المبكرة دور في هذا الشأن، إذ تولى سلطان مهام إمارة الرياض وهو دون العشرين، رأى فيه والده الملك عبدالعزيز بثاقب رؤيته قدرة على التعامل مع الظروف الصعبة التي كانت تجتازها المملكة، كانت الرياض هي الأكبر من ناحية السكان وهي الأضعف من ناحية الإمكانات عندما تولى إمارتها، فهي ليست ميناء وليست وسط منطقة زراعية كانت تعاني إذا قل المطر، وتعاني أيضاً إذا جاء غيثا مدراراً، ويذكر كل سكان الرياض الذين عاصروه أميراً عليها أنه كان في مقدمة الصفوف في الحالتين، ليس أمراً أو موجها بل مشمراً للساعد مع أهلها.

لقد سجل له تاريخ الرياض مواقف تعكس قوة هذا الحس الإنساني في سن تكون عادة مرحلة اكتساب الخبرات ولكنها كانت بالنسبة له تأكيد النضج لذاك الحس، وظهر ذلك عندما جاء السيل العرم مقتحما شوارع الرياض التي كانت آنذاك بيوتا طينية ضعيفة البنية وشوارع ضيقة متعرجة، شاهد سكان الأحياء المتأثرة بالسيول أمير الرياض سلطان بن عبدالعزيز يخوض وسط الماء ليحفر مصارف لتلك السيول، لم يقف متفرجاً، لم يكتف بإصدار الأوامر والتوجيهات، بل شارك، ولم تكن مشاركة رمزية تسجلها الكميرات بل كانت عملاً حقيقياً استمر منذ بزوغ الفجر وحتى الغروب، ولم ينصرف إلا بعد أن اكتمل تصريف المياه وعاد الناس يمشون مطمئنين في الشوارع ويدخلون إلى بيوتهم دون خوف من سقوطها عليهم.

لقد اعتاد منذ صغره أن يقدم ما عنده لخدمة أخيه الإنسان دون أن ينتظر جزاءً ولا ثناءً.. وتعود على نسيان ما قدم دونما اهتمام بتسجيله.

ومنذ أكثر من نصف قرن وسلطان عبدالعزيز يخدم الدعوة الإسلامية، ويعضد نشر كلمة الحق ويستجيب لنداء الدعاة في كل بقاع الأرض بلا تردد وفي صمت، لا يرجو من أحد مدحاً ولا جزاءً ولا شكوراً إلا من الله وحده، فما أكثر المشروعات الإنسانية الضخمة التي ملأت ساحات الأرض ونشرت عرى المحبة والألفة، وكفكفت دموع المحرومين، فإننا نجد سموه قد بذل جهدا يشكر عليه في نشر رسالة الإسلام الصحيح، ومول سموه حملات كثيرة، وسخر الدعاة لينشروا دين الله الخالص المبرأ من لوثات الشرك وكهنوت الدجالين وتسطّح الغلاة والمتشددين بل حنيفية سمحاء منهجها الوسطية التي لا تعرف إلا الرحمة والرفق ببني الإنسانية جمعاء، ولا تكره واحداً على الدخول في ملة الإسلام إلا بالموعظة الحسنة وبالتي هي أحسن.

وقد عمل الأمير سلطان على نشر رسالة الإسلام في شتى أنحاء الدنيا، وأرسل البعثات الدعوية المصحوبة بفكر مستنير ودعوة قائمة على الفهم الصحيح للدين خالية من التزمت والامتعاض والتشدد الذي غلب كثيراً من الناس فباؤوا بخسران مبين، وكما رافقت بعثات سموه الدعوية حملات الخير التي أنقذت الجوعى من الكوارث والحروب فوطنت بعثاته الأمن ونشرت في ربوع تلك البلاد المحروقة ثقافة السلام والتسامح وإعانة الضعيف وإنقاذ المحتاج ونصرة المظلوم، فقد عرفت تلك البعثات بهدايا سفير الخير والإنسانية الأمير سلطان بن عبدالعزيز.. ثم امتدت تلك المشروعات الخيرة شاملة معها إنشاء دور للمسنين وما يستتبعها من لوازم تعين هؤلاء على مواصلة مشوار حياتهم بكل راحة وأمان.

سلطان بن عبدالعزيز آثر خدمة الإسلام على كل عمل فهو خادم الإسلام في كل مناسبة واحتفال، وقد تسلم العديد من الجوائز الدولية وشهادات التقدير والتي هي دليل وبرهان وخير شاهد على أعمال سلطان الخيرية، خاصة عندما ترأس الهيئة العليا للدعوة الإسلامية حيث قام بدور كبير انطلاقا من حرص حكومتنا الرشيد وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين على أداء رسالتها القيمة لنصرة هذا الدين ونشر تعاليمه وقيمه والعمل على تفعيل دور الأجهزة والمرافق الدعوية وتأهيل الكوادر المختصة في علوم الشريعة والسنة للدعوة في سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة والعمل على أسس ومبادئ الدين الإسلامي الحنيف التي ارتكزت على وسطية الإسلامية وعدالته العظيمة التي تعطي كل ذي حق حقه وتنشر المحبة والسلام ولا تفرق بين فئة وأخرى وبين عربي أو أعجمي إلا بالتقوى. ولا تقف إنسانية هذا العملاق المحبوب سلطان على ذلك فقط وإنما تتواصل سلسلة الخير عنده في بناء المساجد وإنشاء دور العلوم ومدارس تحفيظ القرآن الكريم ونشر وطباعة كتب السنة النبوية الشريفة وإعطاء الجوائز المادية وتقديم التقدير المعنوي والمادي للعلم والعلماء وتقدير علماء الدين والتواصل معهم وهي عادة فضيلة سار عليها أبناؤه وأجداده من قبل، فمؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية التي تدعم المشروعات والمؤسسات الإسلامية والبرامج العلمية وتقدم التبرعات لخدمة الإسلام والمسلمين داخل المملكة وخارجها، أشادت بها المؤسسات والجمعيات والهيئات وكثير من الدول والشعوب، كلهم عبروا عن شكرهم وثنائهم لدعم سموه لمراكزهم وخدماتهم الإنسانية حتى حصل على جائزة راشد بن مكتوم للشخصية الإنسانية لدعمه للجوانب الإنسانية وتصحيح العقيدة ونشر الدين الإسلامي وتوزيع الكتب والمؤلفات ومساهمته في البحوث والدراسات وطبعة الكتب والمخطوطات التراثية وذلك لخدمة الإسلام والمسلمين وتعليم وتحفيظ القرآن الكريم وعلوم السنة المطهرة والدفاع عن الإسلام وعلمائه ورعاية الجاليات الإسلامية ومساعدتها وإرسال الكتب والمقررات التي تبصرهم بدينهم وترفع من مستوى الوعي والإدراك بينهم، وأجمع كثير من العلماء ورجال الفكر والأدب والكتاب في كثير من الدول والشعوب على أن الدور الإنساني الذي يقوم به سلطان بن عبدالعزيز في جميع المجالات الإنسانية والأعمال الخيرية وخاصة في خدمة الإسلام والمسلمين محليا وإسلاميا وعالميا دور مشهود في كافة المجالات فأثنوا عليه وعلى الجهود الكبيرة التي تقوم بها المملكة وحكومتها الرشيدة في مجال خدمة الإسلام ونصرة قضايا الأمة الإسلامية من خلال مواقفها المشرفة وسياستها العادلة وتعاملها الإنساني التي تنطلق من تعاليم وقيم الإسلام، فسلطان يؤمن برسالة الدين الإسلامي العظيم ونشر تعاليمه الخيرة وقيمه على هدى وبصيرة والحرص على توطيد العلاقات الطيبة بين الدول والشعوب بمعيار الشريعة السمحة والحرص على تبادل المصالح العامة وتوطيد العلاقات الطيبة ونشر السلام والمحبة والوئام وتبادل الخبرات والكوادر والعلوم والتقنيات بين الدول والشعوب لتعم فضائل الإسلام أرجاء العالم.

لقد أودع الله في أبناء الملك عبدالعزيز خصالاً حميدة وصفات طيبة، ومنهم الأمير الإنسان سلطان بن عبدالعزيز الذي نشأ قوي الإيمان محباً للعدالة وموهوب العبقرية وقائداً محنكاً ساهم في بناء دولة عظيمة حامية مقدساتها وشعبها ومكتسباتها ومقدراتها، وساهم في إرساء دعائم الأمن والاستقرار حتى صارت دولة نموذجية.

ورث الأمير سلطان من ذلك الأب خصالاً كثيرة وصفات عديدة خاصة حبه لأعمال الخير وبذله ومحبته للناس وحرصه على البذل في الأعمال الخيرية والأعمال الإنسانية، وكذلك إخوته لأنهم تربوا في كنف والدهم العظيم وتأثروا بتقاليد العرب وعاداتهم الطيبة وقيم الإسلام النبيلة الإنسانية العظيمة، فسلطان بن عبدالعزيز شغف به الناس محبة وإعجاباً ليس في مجال الأعمال الخيرية والأعمال الإنسانية فحسب وإنما في كل المجالات فهو مدرسة خرجت أجيالاً، وموهبة متعددة الجوانب، وشخصية مميزة وقائد حكيم وإداري ناجح في الحياة السياسية والمدنية والعسكرية، وعاش مع التجارب الناجحة، ورافق ألمع السياسيين ولازم والده الملك عبدالعزيز وإخوانه الملوك، وسلطان بن عبدالعزيز ذو ثقافة واسعة ومتحدث لبق وخطيب مفوه ومنظم لوقته ومرتب لأعماله يأخذ بأسباب القوة والعلم للتطوير والنهضة لبلاده.

سلطان الوجه المشرق والقلب الرحيم واليد الكريمة يحب الأعمال الإنسانية والأفعال الخيرية، يحب الناس، له معهم مواقف إنسانية، لذا أحبه الناس وصار سلطان في عيون الناس سخياً كريماً متميزاً قل نظيره في عصرنا الحديث، وهذا من فضل الله عليه المنعم الرازق وفضل الله على الناس كثير، لله الشكر وله الحمد والثناء.

إن مناقب سلطان عديدة ومكارمه كثيرة ومآثره معروفة فلقد أوقف من ماله الكثير لخدمة الإسلام والمسلمين حتى وصلت وبلغت مؤسسات دولية عملاقة، ودول رشحته لمنزلة أفضل الشخصيات الإنسانية نتيجة لأعماله الإحسانية ومواقفه المشرفة فهو سباق في ميادين خيرية كثيرة وفي جوانب عديدة وهو خادم الإسلام ومحب المسلمين، مشروعاته وأعماله في كل المجالات ناجحة وموفقة، ودعاء الناس له سبب في قبول أعماله، وهذه الهبة وهذه الموهبة متعددة الجوانب تعطي ولا تمنع ولا تحتسب الأجر والمثوبة إلا عند الله تعالى، فطر سلطان على بذل الخير والكرم والعطاء ولا ينتظر مكسباً ولا ثناء إلا لوجه الله تعالى، وينفق بلا حدود لأجل الخير والإنسانية ابتغاء لثواب الله ورضوانه وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

فمنذ نعومة أظفاره وحداثة سنه يحب الخير ويسعى إليه، له مواقف عظيمة ومشرفة على أعلى المستويات وأكبر الدرجات وأعظم الرتب لخدمة الإسلام والمسلمين داخلياً وخارجيا حتى انتفع منها كثير من الناس في جميع أنحاء العالم مادياً ومعنويا وفكراً وتطوراً دعماً لنهضتنا التنموية عامة ومؤسساتنا الأهلية خاصة، وشهدت قواتنا المسلحة في عهده نمواً وتطوراً، فمساهمة هذه الشخصية الإنسانية القيادية في التطوير ودفعه لنهضتنا التنموية خاصة وللناس والمؤسسات عامة شاهدة على عطائه، فسلطان بن عبدالعزيز بذكرنا بسلفنا الصالح في إنسانيته ومواقفه في سبيل الله ووجوه الخير وأعمال البر التي لا تعد ولا تحصى.

أنشأ سلطان المعاهد والكليات العسكرية وأدخل فيها أساليب التحديث والتطوير حتى وصلت القوات المسلحة في عهده الذهبي إلى تطور باهر شهدته قطاعاتها الأربعة: القوات البرية والقوات الجوية والقوات البحرية والدفاع الجوي وفي جميع مستوياتها وفروعها أصبح يشار إليها بالبنان كقوة لا يستهان بها، وقد استخدم في تطويرها أفضل التقنيات وأحدث التجهيزات واعقد المعدات وأقوى الأسلحة الإلكترونية وأحدث تقنيات الليزر وعلوم الحاسبات، وجلب أعظم الخبراء ومختلف الكوادر لتدريب منسوبي وزارة الدفاع والطيران وجيشها العظيم تدربا وتنظيماً وتسليحاً وعلماً وتقنية، وبنى الجيش السعودي وبنى رجاله بناء إنسانياً عظيماً متسلحاً بالإيمان والتوكل على ربه وآخذاً بأسباب القوة والعلم والتدريب والتطوير والتقنية، ولم يثن الأمير سلطان بن عبدالعزيز عن عمل الخير مناصبه الوزارية ورئاسته لمجالس القطاعات الحكومية العديدة والمؤسسات الأهلية الكثيرة، ورعاية المؤتمرات والنشاطات العامة والإنجازات الوطنية وافتتاح المشروعات التنموية والمشروعات الحضارية الكثيرة وتمثيل الحكومة في المحافل الدولية وتلبية دعوات دولية، وجميع تلك المحافل والنشاطات وهذه المهام الكبيرة والمناصب القيادية لم تشغله عن أعماله الخيرية والإنسانية.

لقد تحدث عدد من المسؤولين وكذلك عدد من العلماء والمشايخ والمواطنين عن مشاعرهم تجاه الأمير سلطان بن عبدالعزيز عند استلامه لجائزة الشيخ راشد آل مكتوم عن الشخصية الإنسانية لعام 2002م عن مواقفه الإنسانية العديدة ومآثره الكثيرة ومكارمه الجزيلة، وأكدوا أن سلطان بن عبدالعزيز من الشخصيات الوطنية الكبيرة والمؤمنة برسالة الدين الإسلامي ومن العاملين على خدمة ونشر الدين الإسلامي.

وهذا ليس بعجيب ولا غريب، فقد تربى سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز في مدرسة الملك عبدالعزيز أعظم المدارس التربوية وتميز بصفات كثيرة من أبرزها التواضع وحب الشعب والقرب منهم وتلمس حاجاتهم.. يقول الملك عبدالعزيز: (إنني أود أن يكون اتصالي بالشعب وثيقاً دائماً، لأن هذا أدعى لتنفيذ رغبات الشعب.. لذلك سيكون مجلسي مفتوحاً لحضور من يريد الحضور.. أنا أود الاجتماع بكم دائماً، لأكون على اتصال تام بمطالب شعبنا وهذه غايتي من وراء هذا الاتصال).

ويقول الأمير سلطان بن عبدالعزيز: (الذي أحب أن أؤكده هو أنني لا أرد طلباً تليفونياً أو كتابياً أو لقاء من أي كان رجلاً أو امرأة بواسطة أو بغير واسطة لأنني أعتبر نفسي خادماً لهذه الأمة تحت توجيه ورعاية وحنان وعاطفة خادم الحرمين الشريفين).




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد