Al Jazirah NewsPaper Friday  11/12/2009 G Issue 13588
الجمعة 24 ذو الحجة 1430   العدد  13588
سلطان بن عبد العزيز فيض من الخير بلا حدود:
سحابة الخير الممطرة حباً وعطاءً وإخلاصاً

 

لا يمكن الفصل بين حب سلطان بن عبدالعزيز للبر والخير والإحسان وخدمة الإسلام والمسلمين وبين إنسانيته التي تتسع لكل البشر في كل مكان ومن كل جنس ولون ودين، ذلك لأنه يؤمن إيماناً راسخاً أن الله رب العالمين وليس رب المسلمين وحدهم، لهذا جعل الله سبحانه الإسلام دين الإنسانية، ونبي الإسلام -صلى الله عليه وسلم- يسمى بنبي الرحمة.. رحمة الله التي تسع كل شيء، والمسلم الحق هو ذلك الذي يتحلى بتلك الصفات الإنسانية التي تقف الرحمة في مقدمتها وجنباً إلى جنب مع حب الخير للناس كافة والإحسان إليهم وتقديم يد العون للمحتاجين منهم:

والحديث عن الرحمة والإنسانية في قلب سلطان بن عبدالعزيز يحتاج إلى مجلدات ويعجز اللسان عن القول فيه مثلما يعجز القلم عن وصفه. لهذا كان حب الناس لسلطان طاغياً ومكانته في قلوب شعبه وأبناء أمته وأبناء الشعوب الأخرى أمراً لا يشك فيه أحد. وهذا من فضل الله عليه، فهو بوجهه المشرق وقلبه الرحيم ويده السخية كرماً وإنفاقاً في وجوه الخير كسحابة تمطر ما شاء الله في أي مكان، وشمس تشرق في أي مكان ما شاء الله، فسخاؤه وعطاؤه أمر جبل عليه منذ حداثة سنه.

البشاشة التي يلتقي الآخرين بها تمنح الارتياح لشخصه وتعطي دلالة على مدى عطائه اللا محدود وأريحيته المتناهية.

(كل ما أملكه في السعودية من مبانٍ وأراضٍ، وكل شيء عدا سكني الخاص ملك لمؤسسة سلطان بن عبدالعزيز الخيرية) لا تزال هذه الكلمات عالقة في ذاكرة الملايين من محبي الأمير سلطان, الذين لمسوا ذلك واقعاً من خلال تتويج جهوده الإنسانية بإنشاء أكبر مدينة طبية تأهيلية في العالم تقيمها المؤسسة في الرياض.

وسبق أن لخص أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز الحديث عن شخصية الأمير سلطان وحضوره في مجال الأعمال الخيرية والإنسانية قائلاً: (إن الأمير سلطان بطبعه منذ خلق وهو مؤسسة خيرية بذاته، وصاحب خير ويسعى للخير، وكل مكان يكون فيه لا بد أن يكون له فيه عمل خير، فسلطان بحق هو مؤسسة خيرية قائمة بذاتها).

ومن الصعوبة بمكان، حصر أعماله الخيرية التي له حضور فيها، فرغم مشاغله كونه ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام، وتوليه مسؤوليات رئاسة أو نيابة رئاسة عدد من اللجان والمجالس، التي تشرف على قطاعات معينة من نشاطات الدولة، واستقباله لضيوف السعودية والسفراء إلا أن مكتبه ومسكنه في كل مدينة يحل بها، يغصان بالزوار إما بقصد السلام عليه أو عرض مطالبهم ومشكلاتهم الخاصة، أو طلب المساعدة والتدخل الشخصي من الأمير لإنهاء ضائقة أو معاناة عجزوا عن إيجاد حلول لها. وبمجرد وصول هذه المطالب للأمير سلطان، سواء عن طريق اللقاء الشخصي، أو الرسائل والبرقيات: فإن هذه المطالب يتم حلها متى ما ثبت مصداقيتها ووجاهتها.

وقد سجلت حالات عدة لأشخاص غيَّر الأمير سلطان مجرى حياتهم، ووضع نهاية لمآسي أسر فقدوا الأمل في إنهاء معاناتهم، بسبب ضائقة مالية تواجههم، أو عدم وجود مساكن لهم، أو عدم قدرتهم على معالجة مريضهم وغير ذلك من المطالب.

ويسجل للأمير سلطان حرصه على توفير العلاج المرضى، وإرسال طائرات الإخلاء الطبي لنقل المرضى والمصابين إلى المستشفيات والمراكز الطبية المتقدمة داخل وخارج البلاد. وتقديم مساعدات مالية من ماله الخاص للمحتاجين أو تحويل مطالب البعض إلى الجهات المختصة لتحقيقها حسب الأنظمة المتبعة.

وفي المناسبات الإنسانية والخيرية التي يرعاها لا يتردد في دعمه للمشروعات التي تقوم هذه القطاعات بتنفيذها والإشراف عليها، ويعلن عن تبرعه بهدف استمرارها وتوسيع نشاطاتها وطرح مشروعات جديدة لها، وله حضور اجتماعي فاعل في إنقاذ أشخاص من حكم القصاص عندما يتنازل الورثة عن القصاص لقريب لهم، مقابل مبلغ مالي، حيث يقوم بسداد هذه المبالغ التي تصل إلى ملايين الريالات.

والراصد لأعمال ومواقف سلطان بن عبدالعزيز الإنسانية يصعب عليه الإحاطة بها، لهذا اتفق الجميع على وصفه ب(سلطان الخير)، حيث يشدد الأمير على أن تحاط الأعمال الخيرية وعطاياه بالسرية. دون الإعلان احتراماً لمشاعر المستفيدين منها، إضافة إلى أنه يقدم ما عنده من دون انتظار لجزاء أو ثناء، ويحرص بشكل يومي على قراءة الصحف وتكليف فريق للبحث عن المحتاجين.

وإذا كان وزراء الدفاع في العالم قد ارتبطوا في أذهان الناس بالبأس والشدة والصرامة، فالأمير سلطان من طراز آخر، فهو يبدو متواضعاً وبسيطاً، واشتهر بابتسامته التي لا تفارقه حتى في أحلك الظروف، معبراً بذلك عن شعور داخلي بالرضا عما يقوم به.

الأمير سلطان رجل يمثل الإنسانية بكل معانيها، فهو الأبوة الحانية لكل فرد في المجتمع، منحه الله قلباً كبيراً وعواطف عميقة من الحب والعطف والأريحية التي قلما نجدها مجتمعة إلا في القلائل من الرجال، فأصبح عين المجتمع وأذنه ويده التي تتلمس مواقع الاحتياج أينما يكون ومواطن الخير أينما تقع لتمتد يده مواسية وداعمة لكل طفل تغيب عن وجهه ابتسامة، ولكل أب تكالبت عليه ظروف الحياة، ولكل أم فقدت معيلها فباتت في حاجة وأيتامها.

وها هو في الحالات الإنسانية يوجه بعلاج من يحتاجون العلاج، ويتكفل بذلك داخلياً وخارجياً فطائرات الإخلاء الطبي تنتقل من مكان إلى مكان تسابق الريح، من أجل إنقاذ طفل أو علاج رب أسرة أو إسعاف سيدة، ويظل سموه يتابع الحالات الإسعافية لهؤلاء وغيرهم، ويقدم المساعدات التي يحتاجونها بكل إنسانية وسخاء.

التخطيط وحضور البديهة

يتبع الأمير سلطان أسلوباً حكيماً في التخطيط ودراسة الخطوات المقبلة، وهو أسلوب المشاورة والمشاركة في الرأي، وعمل الدراسات قبل اتخاذ القرارات، وهذا أسلوب إسلامي وعملي وعلمي.

عرف الأمير سلطان متحدثاً بارعاً وخطيباً مفوهاً، سلس العبارة، عميق المعنى (يرتجل) أحاديثه مستنداً إلى مخزون ثقافي، وحكمة بالغة وفصاحة مبهرة، ولكلمات سموه التي يوجهها لمنسوبي القوات المسلحة أبلغ الأثر في نفوسهم ورفع معنوياتهم، وما ذلك إلا لما آتاه الله من الفصاحة والبلاغة وطلاقة اللسان، التي تتكئ على رصيد معرفي وثقافي كبير، وتجربة طويلة، وخبرة، فينقاد له المعنى وتترقرق من لسانه الألفاظ، متحدث لبق يأسر لب من يخاطبه، ومحاور بارع، بأسلوب راق في الحديث والإقناع.

ولا أدل على سرعة بديهته وحضور فكره من البلاغة والحكمة التي تتصف بها أحاديثه التي يدلي بها لوسائل الإعلام، في المناسبات، سواء العالمية منها أو المحلية، وإجاباته الشافية عن أسئلة الإعلاميين، تلك الإجابات التي لا تصدر إلا عن رجل سياسة ودبلوماسية وفكر نير واع.

الطريق إلى إفريقيا

والحقيقة أن أعمال سلطان الإنسانية لا تحدها حدود ولا يمكن حصرها في تصنيف أو تعريف، إضافة إلى أن سجلها يضيف جديداً صباح كل يوم في نوعيته ومعناه وحجمه، وفيها ما هو موجه للأفراد أو للمجتمع أو للمؤسسات، وما يجمع بين كل ذلك، وفيها ما لا يحس الناس بنتائجه إلا بعد فترة، مثل نشاطه في مجال البيئة، وما يرى الناس ثماره دون أن يشاهدوا أشجاره، وإذا شاهدوا أشجاره لم يعرفوا اسم من غرسها لأنه لا يود إشهار عمله حتى لا يبطل أجره أو يقلله، كثيرة هي الأمثلة التي تؤكد ما نقول؛ مثلاً.. في أي تصنيف نضع إنفاق سموه على نشاطات حماية البيئة التي تبدأ من رصد الجوائز الضخمة لدفع الناس لعمل ما يفيد التوازن البيئي وصحة الناس، لقد اعتاد الناس أن يكون هذا عمل قطاعات رسمية متخصصة ترصد لها الدولة الاعتمادات لأنه عمل يحتاج إلى جهود عدة تخصصات لفترة طويلة، وهو من نوع الأعمال التي تجنى ثمارها بعد حين.

اختص الله سلطان بن عبدالعزيز بفضل قضاء حوائج الناس، وجعل حركته الإنسانية تغطي كل مكان، ولا ترتبط بجنس أو لغة، فهو يخدم الإنسان في كل مكان، لذا ستجد اسم الأمير سلطان يتردد في دهاليز أي مشروع صحي اكتمل، أو في بطون ملفاته ومراسلاته إذا كان في مرحلة الفكرة وحشد الطاقات أو أثناء عملية التشييد، ذلك لأن الجهة التي تقف خلف المشروع، إما أنها خاطبته لدعمه أو لتبنيه بالكامل، أو أنها وجدت لديه حلاً لمعضلة مالية أو إجرائية تؤخر العمل.

وفي الكثير من المستشفيات هناك وحدات ذات تكلفة عالية تمنت إدارات تلك المستشفيات تنفيذها، وبذلت جهداً كبيراً لتحقيق ذلك، ولم تتحقق أمنيتها إلا على يد الأمير سلطان، لذا سيجد من يطوف المملكة الكثير من وحدات الغسيل الكلوي والكثير من معامل الفحص والتشخيص ومراكز الرعاية وغيرها من الوحدات ذات الأهمية الخاصة للحفاظ على حياة الإنسان تحمل اسم سموه لأنه دفع ثمنها بعد أن بلغ علمه الحاجة إليها في تلك الجهة، وهذا الأمر ليس في المملكة فحسب بل في بلاد مجاورة أو بعيدة.

بدأ العمل بالمشروع في النيجر عام 1418هـ الموافق 1998م باسم اللجنة الخاصة للإغاثة في النيجر ومالي، ثم امتد عملها إلى تشاد وإثيوبيا، وفي 1-2-1421هـ رفع رئيس اللجنة إلى الأمير سلطان اقتراحاً للموافقة على تغيير مسمى اللجنة إلى (لجنة الأمير سلطان بن عبدالعزيز الخاصة للإغاثة) فوافق سموه بعد أن أضاف إلى دائرة عملها (ملاوي) بعد حوادث الفيضانات التي تعرضت لها هذه الدولة.

ولنترك الأرقام تتحدث عن تلك العملية الكبيرة الضخمة التي حركتها صورة تلك المرأة التي شاهدها، والتي كانت وراء إقلاع هذه الحملة، ولقد بلغ عدد قوافل هذه العملية الإغاثية أكثر من مائة وعشرين قافلة، شملت أكثر من ألفي مدينة وقرية في جمهوريات تشاد، النيجر، مالي، إثيوبيا وملاوي، وشارك في هذه الحملة إحدى عشرة طائرة، وبلغ عدد المتطوعين مع اللجنة لتنفيذ هذه الأعمال مائة وثلاثة وخمسين متطوعاً، وما وزعته في مرحلتها الأولى كان اثني عشر ألف طن من الحبوب، (110.312) كرتون من اللبن، و(220.000) جالون زيت و(55) ألف طن من السكر، ومائتي طن تمور، وخمسمائة وستين ألف قطعة من الملابس، وإفطار أكثر من تسعمائة ألف صائم خلال أيام شهر رمضان، وأقامت اللجنة خمسة مخيمات طبية.

هذه الأرقام التي تتحدث عن عملية لحملة واحدة، اللجنة تشير إلى أن الأمر بالنسبة للأمير سلطان ليس مجرد إبداء الشعور، أو الاكتفاء بالمعنى الرمزي، بل هو يعني ذلك الإيمان المطلق الراسي في قلب الأمير لمساعدة المحتاجين ولإرساء دعائم الدين في بقاع الأرض، ونشر العدل والرحمة، وليس مسعى لمكافأة من أحد، بل إرضاء لله تعالى وللمكافأة الإلهية المجزية التي ما بعدها مكافأة في الدنيا والآخرة.

وقد أكد رئيس مجلس إدارة جمعية العون المباشر (لجنة مسلمي أفريقيا) الدكتور عبدالرحمن السميط على دور الأمير سلطان في مساعدة الشعوب الفقيرة، وعلى رأسها الذين يعانون المجاعة والضيق في القارة السمراء، وعلق قائلاً: من خلال احتكاكي بالأمير سلطان وجدته داعماً لعمل الخير ومساعدة المحتاجين، وأذكر موقفه عندما شاهد المرأة الأفريقية التي كانت تأكل قوت النمل، إذ تأثر إلى درجة أنه ذرفت عيناه من شدة تفاعله معها، ومواقف الأمير سلطان لا تحصى في هذا المجال، وأنا أحد الذين نالهم خيره، حينما أصبت بجلطة قلبية اضطرتني إلى الانتقال من أفريقيا إلى جدة، وتفاجأت بإرسال طائرة خاصة تنقلني إلى جدة بأمر من الأمير سلطان، ولنأخذ مثلاً آخر من عشرات الأمثلة لواحدة من حالات الإغاثة التي أطلق عليها أنها أكبر عملية إغاثة قام بها فرد.

بدأت هذه العملية الإغاثية الكبرى بصورة نشرتها صحيفة لامرأة إفريقية جالسة في حالة إعياء بعد أن أنهكها الحفر في جحر النمل بحثاً عن حبوب تقتات بها هي وأطفالها، كانت اللقطة تقول: إن هذه المرأة لم يعد أمامها من خيار سوى الموت هي وأطفالها إذا لم تجد من ينقلها من مكانها ذاك إلى آخر يتوفر به القوت، كانت الصورة للمصور والصحيفة ضربة بارعة وسبقاً خبرياً، وللبعض دمعة تأثر ولآخرين ربما كانت مثيرة للابتسام أو الضحك.. لكنها كانت للأمير سلطان شيئاً مختلفاً، كانت إنذاراً عاجلاً ونداءً خاطب ذلك الإحساس الإنساني الخاص لديه، وكان لتلك الصورة معنى آخر للأمير الإنسان، كان معناها أن هناك ملايين تعاني.. وأن الانتظار ولو ليوم واحد يعني ضياع أرواح بريئة.. ومنذ تلك اللحظة بدأت أكبر عملية إغاثة يقوم بها إنسان فرد شملت خمس دول إفريقية في غرب إفريقيا وشرقها، وخلال تلك العملية وزع الغذاء وكسي العراة وحفرت الآبار وأسكن المشردون وعولج المرضى، وكل ذلك كان على نفقة الأمير الإنسان سلطان بن عبدالعزيز.

وإذا حللنا هذا التحرك الإنساني فسنجده يميز عن غيره بأنه تم دون أن يصل تقرير للأمير الإنسان حول حاجة الناس هناك للعون، ولم يتسلم رسالة استغاثة من فرد أو جماعة في منطقة محددة ليعرف هوية من يطلب العون بل كانت هناك حقيقة واحدة، أن بعض البشر يعاني، ولا يهم معرفة هويته أو ديانته، ولم تكن منطقة المأساة الإنسانية قريبة أو مجاورة بل هي تبعد آلاف الكيلومترات، وكان تحليل الصورة يقول: يوجد بتلك المنطقة الآلاف بل الملايين من الحالات المماثلة لحالة تلك المرأة، وأن من يصل إلى هؤلاء الناس عليه أن يكون مستعداً لتحمل مسؤولية إطعام وعلاج وإيواء وكساء أعداد كبيرة منهم، وبعد كل هذا يلاحظ أن الأمير سلطان لم يتبع الإجراءات الديوانية بالكتابة إلى جهة متخصصة لتبلغه أو لتؤكد أو لتحدد له منطقة الحاجة أو حجمها ليضيع بذلك وقتاً ثميناً في مراسلات لا تنتهي إلا بعد أن تكون المجاعة قد افترست الملايين، بل كان رد الفعل فورياً، وكانت الخطوة الأولى تكوين لجنة حملت معها الإغاثة وكل المطلوب لعون الناس وما تحتاجه من مبالغ.

وللأمير سلطان وقفته المشهودة مع أبناء شعب كوسوفا المسلم في محنتهم، إذ مد لهم يد العون في صمت، وقدم أنواع المساعدات كافة، من أدوية وعلاج وغذاء وتعليم ومال، وما نشر بالصحف عن حجم هذه المساعدات يعد قليلاً قياساً بما تم تقديمه، فقد كانت توجيهات الأمير سلطان ألا يتم الإعلان عن كل خير يقدمه، فإذا تم الإعلان عن شيء فإنه يتم بنية أن يرسم القدوة لغيره من المحسنين وأهل الخير.

جمهوريات آسيا الإسلامية

وعندما قام الأمير سلطان بجولة آسيوية، شملت الصين وكوريا الجنوبية وكازاخستان، زار مدرسة الأطفال العسكرية في اسنا بكازاخستان، وهي مدرسة حكومية أنشئت قبل عام واحد من زيارته، تبدأ الدراسة فيها من الفصل الخامس وحتى الفصل العاشر، يتخرج الطالب بعدها ليلتحق بالكلية العسكرية، في هذه المدرسة فاجأ الأمير مضيفيه عندما أعلن عن تبرعه للمدرسة بمليون دولار، وكان تبرعاً له معناه العميق، ويلقي ضوءاً آخر على زاوية أخرى في هذه الفلسفة التي توجه هذه الأعمال الإنسانية، فهذه الجمهورية الإسلامية الوليدة، كانت ضمن جمهوريات الاتحاد السوفييتي، وعانت مثل غيرها من هيمنة الشيوعيين على أمورها. وعمل ذلك النظام الشيوعي بكل جهده لإبعاد الناس عن دينهم، ولكنه لم ينجح في القضاء عليه، وبقي الإسلام في النفوس حتى انهارات الإمبراطورية السوفييتية، ونالت كازاخستان حريتها، ورفضت أن تكون ضمن الدول التي كانت في تلك المنظومة، واختارت التحرر الكامل، وللحرية ثمنها إذ كان الحفاظ عليها لا يعني فقط حرية القرار بل الحفاظ على العقيدة، ولا يحفظ الأرض والعقيدة إلا الاستعداد العسكري، وكان هذا معنى التبرع لهذه المدرسة بالذات؛ إذ إنها تعد الطلاب للعمل العسكري.

وعون ذي الحاجة لدى الأمير سلطان لا يقف عند حدود الحاجات المادية بل يتعداها إلى حاجات الإنسان المعنوية والروحية، وهذا ما تشهد به قوافل الإغاثة التي وجهها إلى إفريقيا، حيث كانت تصاحبها قوافل أخرى للدعاة خصوصاً في المناطق الإسلامية، وكان إنفاقه في هذا الشأن مماثلاً لإنفاقه في شراء الحاجات المادية. وجاءت الثمار معلنة بالأرقام عظم جهد الأمير الإنسان.

لقد منعت قوافل سلطان الإغاثية، سقوط المسلمين الفقراء في براثن المنظمات التنصيرية ذات الإمكانات الكبيرة والتجربة الطويلة في إفريقيا المسنودة بالإمكانات والقدرات والخبرات الاستعمارية والاستخباراتية.

تقول الأرقام: إن حملة سلطان أنقذت مئات الآلاف من المسلمين من أيدي جماعات التنصير، وأنقذت آخرين من البدع والضلالات العمياء. بل وأضافت حشوداً جديدة إلى صفوف المسلمين هناك من أولئك الذين كانوا على الوثنية. وكل ذلك تم دون إكراه أو استخدام لسلاح الغذاء.

ومما يؤكد غلبة الجانب الإنساني على غيره لدى الأمير الإنسان أن تلك الحملة عندما بدأت بأقطار غرب إفريقيا لم تضع باعتبارها أقطاراً أخرى في شرقها أو وسطها، ولكنه ذلك الحس الإنساني المرهف الذي يتجاوب مع معاناة الإنسان مهما كان لونه أو دينه.

أضيفت إلى حملة سلطان لإغاثة الدول المتأثرة بالجفاف دولتا إثيوبيا ومالاوي، وكلتا الدولتين تصنفان ضمن الدول المسيحية في القارة. واعتاد الناس في إفريقيا على توظيف المنظمات الغربية للإغاثة لإضعاف الأنظمة الإسلامية، كما حدث في السودان وتشاد وغيرهما، لكن الأمير سلطان وجه قوافله إلى هاتين الدولتين وبأحجام تتناسب مع عظم المأساة، مما يؤكد غلبة الجانب الإنساني فيه على أي اعتبار آخر.

وامتدت قوافل سلطان الإنسانية إلى دول أخرى في إفريقيا كثيرة تحمل الغذاء والدواء وتحفر الآبار وتقدم وسائل الإنتاج الحديثة، وتبني المدارس والمعاهد والمراكز الصحية، وترسل الدعاة والمعلمين ولم تتوقف في بلد ولم تجعل حدودها بلاد الجوار أو بلاد الإسلام، بل عبرت المحيطات إلى آسيا وأوروبا وأمريكا، وأعطت الأقليات الإسلامية ما يعينهم على الصمود كجماعة، وقدمت للمحتاج منهم ما يغنيه عن سؤال الناس كفرد، وأعانت الطالب الطموح لإكمال دراساته العليا بعد أن مكنته في مرحلة سابقة من تلقي العلم في دياره.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد