Al Jazirah NewsPaper Thursday  26/11/2009 G Issue 13573
الخميس 09 ذو الحجة 1430   العدد  13573
شيء من
رب ضارة نافعة!
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

 

من أهم العوائق التي كانت تعترض عمل حرس الحدود في جنوب المملكة أن هناك كثيراً من القرى الجبلية الصغيرة جداً تقع على الحدود بين البلدين، وهذه القرى متاخمة لقرى أخرى يمنية، ومتداخلة معها بحيث يصعب على حرس الحدود ضبط الحد الفاصل بيننا وبين اليمن، ومنع التسلل والمتسللين. ويُقال إن هذه القرى المتناثرة على خط الحدود تزيد على المئتي قرية، وقد فرضت أحداث المتسللين الحوثيين الأخيرة إخلاء ما يزيد على المئتي قرية نظراً لوقوعها في منطقة الاشتباكات، الأمر الذي استدعى إخلاءها بالكامل كما تقول الأخبار القادمة من هناك.

وفي تقديري أن نقل من كانوا يقيمون في هذه القرى إلى أماكن في الداخل، بعيداً عن الحد الفاصل بيننا وبين اليمن، من متطلبات ضبط الحدود، بالشكل الذي يُمكن حرس الحدود من أداء عملهم بفاعلية أكبر؛ ولا سيما أن الطبيعة الجغرافية للمنطقة، ووعورتها، يجعل من الصعب السيطرة على الحدود ومنع التسلل والمتسللين إذا كانت هذه المنطقة مأهولة بالسكان.

وكل المؤشرات تقول إن هناك علاقة تعاون ومصالح مشتركة بين القاعدة والحوثيين الانفصاليين، وهو ما أشار إليه صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية في مؤتمر سموه الأخير؛ (فالمصلحة) في قاموس هذه الحركات تتقدم على الخلاف العقدي كما هو معروف في تاريخ الحركية الإسلاموية. والقاعدة في الآونة الأخيرة اتخذت من اليمن مركز قيادة لها، مستفيدة من الطبيعة الجغرافية، والصراعات القبلية كالصراع مع الحوثيين مثلاً، وكذلك ضعف السلطة المركزية في اليمن، لتكوين ملاذات آمنة لها ولقياداتها ولأنشطتها. وهناك تقارير تتحدث عن أن من يتم تجنيدهم في الداخل السعودي يتم شحنهم إلى اليمن، ليتلقوا هناك شحنات أيديولوجية مكثفة، إضافة إلى تدريبهم على الأعمال الإرهابية، والتعامل مع المتفجرات، والأسلحة، ثم يتم تكليفهم من هناك بمهام إرهابية في المملكة. لذلك فإن ضبط الحدود، والتعامل مع المتسللين بحزم، هو من متطلبات ردع الإرهاب، ومحاصرة القاعدة وعناصرها، بحيث يكون التسلل من اليمن إلى المملكة، أو العكس، في غاية الصعوبة وليس كما كان عليه الوضع قبل الأحداث الأخيرة.

نقطة أخيرة لا بد من الإشارة إليها هنا، وهي أن توطين النازحين السعوديين من القرى الحدودية في الداخل بشكل دائم ونهائي، يتطلب إضافة إلى الإسكان، توفير مؤسسات تعليمية، وخدمية، وكذلك خلق فرص عمل بالشكل الذي يشجعهم على الاستقرار في القرى البديلة، بعيداً عن مناطق الحدود الملتهبة. ولا سيما أن الصور التي التقطت لبعض النازحين تشي بوضع مالي يحفه الفقر والعوز؛ ولعلها فرصة مواتية من خلال إسكانهم في مناطق بديلة لقراهم التي هُجّروا منها أن ننقلهم إلى حياة أفضل من تلك الحياة السابقة شديدة البؤس التي كانوا يعيشون فيها عندما كانوا في قراهم؛ فهم أهلنا ومواطنونا، لهم ما لنا وعليهم ما علينا. ورب ضارة نافعة.

إلى اللقاء.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد