مكة المكرمة - عبيدالله الحازمي - عمار الجبيري
تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - افتتح صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية أمس فعاليات أعمال مؤتمر مكة المكرمة العاشر الذي تعقده رابطة العالم الإسلامي بعنوان (مشكلات الشباب في عصر العولمة) خلال الفترة من الرابع حتى السادس من شهر ذو الحجة الحالي بمقر رابطة العالم الإسلامي بأم الجود بمكة المكرمة بمشاركة عدد من العلماء والمفكرين وأساتذة الجامعات الإسلامية.
وكان في استقبال سموه لدى وصوله مقر الرابطة معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي وعدد من المسؤولين وبدأ الحفل الخطابي المعد بهذه المناسبة بتلاوة آيات من الذكر الحكيم.
كلمة د. التركي
وقد ألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله التركي كلمة عبر فيها عن سعادته بعقد هذا المؤتمر الذي يجتمع به ثلة من أولي العلم والبحث في الشأن الإسلامي العام، لمدارسة قضية من القضايا ذات الصلة بواقع الأمة ومعالجة مشكلاتها.
وبين أن من أهم المشكلات التي يواجهها الشباب المسلم اليوم، والتي تحتاج إلى جهود عديدة من الأفراد والمؤسسات، للمساهمة في التوعية بخطرها والعمل على معالجتها، تلك التي تتعلق بالمنظومة الثقافية والانتماء الحضاري.
وأوضح أن الشباب اليوم يتعرضون لغزو ثقافي شامل، يدلف إليه من أبواب لم يعهدها أسلافه من قبل، ويتعاطى معه بفنون من الأساليب، عبر وسائل الاتصال المتعددة الوسائط، الشديدة الجاذبية، السريعة التأثير، التي تصنع الأفكار والعواطف وتوجهها كيف تشاء، وتصادف في حماس الشباب وغضاضته دواعي الإصغاء وسرعة الاستجابة، لما تلقي إليهم من أفكار وقيم ومبادئ متعارضة مع القيم والثقافة الإسلامية، مشيراً إلى ظهور بوادر تلك الغزو المقلقة، منها ضعفٌ في التمسك بالدين، وصدودٌ عن اللغة العربية، وزهدٌ في التراث والحضارة الإسلامية، وتقليدٌ للنماذج الفكرية والأخلاقية المنحرفة، والجنوح إلى السلوك الإجرامي، واللهث وراء أسباب اللهو والمتعة، والنفور من تحمل المسؤوليات والقيام بالواجبات.
ورفع معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، على رعايته لمؤتمراتها ومجالسها، ودعمه لبرامجها، كما شكر القيادة الرشيدة باسم الشعوب والأقليات المسلمة التي تمثلها الرابطة، على ما يبذلونه لرفعة الإسلام، وتقدم المسلمين ووحدتهم وتعاونهم مع مختلف الأمم والشعوب سائلا الله أن ينفع بجهودهم، وأن يحفظ المملكة وقادتها مصدر عزة وقوة للإسلام والمسلمين، وأن يجعل كيد أعدائها وأعداء الإسلام في نحورهم.
وقال معاليه لقد استنكرت رابطة العالم الإسلامي وأدانت باسمها وباسم المنظمات والمراكز الإسلامية في العالم ما تعرضت له حدود المملكة الجنوبية من انتهاك من قبل المتسللين وأنها لتحمد الله على توفيقه للمملكة وقيادتها وشعبها في الوقوف صفا واحدا في وجه العدوان والمحافظة على الأمن والاستقرار.
كلمة مفتي المملكة
عقب ذلك ألقى سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء رئيس المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ كلمة أوضح فيها أن قضية مشكلات الشباب قضية مهمة، شاكرا رابطة العالم الإسلامي على اختيارها لهذا الموضوع لمناقشته ووضع أنجع الحلول له.
وقال (إن الشريعة الإسلامية جاء بكل خير وبما يحقق للبشرية السعادة في الدنيا و الآخرة تعالج مشكلة الشباب علاجا كاملا وعلى المسلمين أن يوضحوا العلاج للبشرية لهذه المشكلات).
وبين أهمية التصدي للغزو الفكري من أعداء الإسلام الذي يستهدف الشباب وعلي المسلمين أن يتصدوا لهذا الواقع وأن يتخذوا الإجراءات المناسبة لقمع هذا الباطل ودفع الحجج الباطلة بالحق المبين وتصحيح العقدية والأفكار واجتثاث المادة الضارة ب الدعوة الصادقة.
وحذر سماحته الشباب من مجالسة من لا دين له ولا خلق له ممن يفسدون الأخلاق والدين والقيم ويشحنون نفوس الشباب بالفتن والرذايا.
وسأل الله أن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني لكل خير وأن يجزي سمو أمير منطقة مكة المكرمة على رعايته لمؤتمرات الرابطة واهتمامه بها ومشاركته لمناشطها.
كلمة الأمير خالد الفيصل
إثر ذلك ألقى صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة كلمة قال فيها (يسعدني أن أنقل لكم تحيات خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، الذي شرفني - حفظه الله - بالإنابة عنه في المؤتمر، وأن أرحب بالضيوف الأكارم، على أرض المملكة العربية السعودية، التي شرفها الله بخدمة الإسلام والمسلمين، وشرح صدرها وحماها بكتابه الكريم وسنة نبيه المطهرة، ووفقها إلى بذل كل عنايتها وتسخير إمكاناتها، لتطوير الحرمين والمشاعر والخدمات عامة، على النحو المشهود عاماً بعد عام، وتذليل رحلة ضيوف الرحمن، كي ينصرف المسلم إلى أداء نسكه لربه كما أمر، في حال من كفاية الخدمات والأمن والطمأنينة، وبما يحقق المقاصد الشرعية للحج في جمع كلمة المسلمين وتوحيد صفهم، وتفعيل التعاون بينهم على البر والتقوى.
وأشاد سموه بطرح رابطة العالم الإسلامي، لموضوع (مشكلات الشباب المسلم في عصر العولمة) موضوعاً للمؤتمر، موضحاً أن الشباب يشكلون غالبية المجتمع المسلم، وعليهم تنعقد الآمال في غد أفضل.
وقال (مع أن غالبية شبابنا - ولله الحمد - يشقون طريقهم على جادة الصواب، إلا أن البعض يتعرض للانحراف، إما بالانسلاخ من عقيدته التي هي أساس وجوده، وإما إلى حبائل الفكر الضال وجرائم الإرهاب).
وأكد سموه انه نظراً لخطورة هذه الانحرافات - وغيرها - على حاضر المسلمين ومستقبلهم، فإن علماء الأمة الإسلامية ومفكريها الراسخين في العلم، ومؤسساتها المتخصصة، مدعوون لمقاومة هذا الفكر المنحرف وصناعه، وحماية المجتمعات الإسلامية من وباله، ووقف مده بين الشباب، ومواجهة الخطر المضاعف على الأمة الإسلامية في هذه المرحلة الحرجة، حيث اجتمعت على الإسلام والمسلمين عداوة في الخارج، تسخر آلياتها السياسية والإعلامية لتشويه صورتنا لدى الآخر واستعدائه علينا، على خلفية أعمال غير مسئولة من قلة تنتمي إلينا وهي بعيدة كل البعد عن صحيح منهجنا، ولا تزال الأمة الإسلامية تدفع ثمناً فادحاً، جراء أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ومع كل إرهاب جديد تخسر المزيد.
وأضاف سموه يقول (أما عداوة الداخل - وهي الأخطر - فتتمثل في محاولات اختطاف وسطية الإسلام واعتداله، من عصابات الجهالة التي تعدو للجمود خوفاً من كل جديد، أو إلى التحرر المطلق دون النظر إلى ضوابط العقيدة، ومن عصابات الإسلام المسيس، التي تنشد السلطة، ولو على جماجم المخدوعين ودماء الأبرياء).
وأردف سمو أمير منطقة مكة المكرمة إنه على الرغم من أن المملكة قامت على الاعتدال، وحققت وجودها تحت راية الإسلام، فقد عانت كثيراً من هذا الفكر المنحرف، الذي وفد إليها مندساً، ولكنها قطعت - ولله الحمد - شوطاً كبيراً في تجفيف الساحة الداخلية منه، وسدت الطرق أمام كل خططه، وحين انطلق المتسللون مؤخراً من أرض اليمن الشقيق، يهاجمون حدودنا الجنوبية، يستولون على أرضنا، ويقتلون ويجرحون العزل من أبنائنا، ويحاولون ترويع الأمن والآمنين، وقف السعوديون جميعاً - مدنيون وعسكريون - وقفة رجل واحد - وسط تأييد عربي وإسلامي ودولي، في وجه العدوان، ورد الله كيد المعتدين في نحورهم.
وأضاف سموه قائلا في عالم السماوات المفتوحة، وما تتدفق به تقنيات الاتصالات المتجددة، لا يستطيع أحد - ولا من صالحه - أن يتقوقع على نفسه، منعزلاً عما يجري في العالم حوله، والأمة الإسلامية لا يجب أن تغيب عن مشهد المعاصرة، بل عليها أن تستأنف دورها - مجدداً - في صنع الحضارة الإنسانية، وهذا يقتضي المزيد من الاهتمام بالتنمية البشرية، والانطلاق بتعليم شبابنا إلى آفاق العصر وعلومه وتقنياته، جنباً إلى جنب مع اهتمامنا بعلومنا الشرعية، والتمسك بدستورنا الإسلامي في الكتاب والسنة ولا يعيبنا أن نأخذ ونطبق ونطور من علوم الآخر وتقنياته، وما يوافق منهج الوسطية في الإسلام، ونرفض ما دون ذلك، بل العيب ألا نبادر ولا نقبل المبادرة.
ووجه سموه الشكر إلى رابطة العالم الإسلامي، ومعالي أمينها العام، والمنظمين، والمشاركين، والحضور سائلاً المولى - جل وعلا - أن ينفع بهذا العمل الجليل، وأن يسدد خطاهم لما يخدم قضايا الشباب المسلم.