لقد صحّ القول ويا للأسف فعلاً (أن العرب يحاربون) في اللعب و(يلعبون) في الحرب) وهذا حقيقة أثبتتها الأحداث (المخزية) الأخيرة بسبب الكرة بين الشعبين العربيين الشقيقين المصري والجزائري. إذ يحار المرء فعلاً كيف اختبلت هذه الجماهير إلى حدّ الاقتتال من أجل (جلد منفوخ يركض خلفه رجل مصلوخ) كما يصور لعبة كرة القدم أحد الحكماء البسطاء والبريئين جداً. ومع أننا نعرف أن الكرة (فن وذوق وأخلاق) إلا أن ما حدث أخيراً ينسف هذه القاعدة الرياضية الخالدة ويحيلها إلى (غوغاء، عمياء، حمقاء) لا تحتسب العواقب التي تنعكس على علاقة الشعوب بين بعضها البعض، إذ لست أدري هنا ما هو ذنب المواطن الجزائري العادي الذي يعيش في مصر، وما هو ذنب المواطن المصري العادي الذي يعيش في الجزائر لكي تمتد إليه يد الغوغاء الكروية لكي تقطع رزقه أو تقطع حبل تواصله مع المجتمع الذي ألف العيش فيه بكل أخوة ومحبة قبل أن تطغى على المشهد روح الفوضوية والديماغوجية والغوغاء التي يتسم بها السفهاء بين الشعبين العزيزين لتصل المهاترة والمعايرة إلى التاريخ الذي صنعه الآباء بكل وفاء ومحبة وإخاء قبل أن تدب على الأرض أقدام هؤلاء الغوغاء الذين لا يهمهم وحدة الدم والمصير وروح الإخاء، كما أنه من المحزن حقاً أن يساهم الإعلام الأخرق اللا مسؤول في إذكاء نار الفتنة وأن يصب بعض الفنانين الزيت على النار من خلال حضورهم وتصريحاتهم الهوجاء حول ما حدث في تلك المباراة (العار) حتى ولو حصل أحد الفريقين على كأس العالم بعد أن أسقوا أبناء أمتهم كأس المرارة والخذلان، وثمة حقيقة أخرى أمرّ وأنكى ألا وهي أن الفريقين لم يلعبا في مباراة تحقق النصر، بل لعبا في النار التي نتمنى إخمادها بسرعة قصوى حتى لا يتطاير شررها إلى الأجيال. ومن هنا يجب على رجال العقل والسياسة والفكر أن يسهموا جميعاً في الحؤول دون تساعرها في قلوب السذج والبسطاء، لا سيما إذا ما عرفنا أن كل شعوب العالم تفهم أن الكُرة تزيد المحبة لا أن تزيد الكُرة (الكُره).