كوبنهاجن - فهد العجلان
وصفت وزيرة المناخ والطاقة الدنماركية جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بأنها خطوة ذات دلالة كبيرة في المسيرة السعودية نحو تنويع الاقتصاد من خلال التقنية وقالت السيدة كوني هيدجارد في لقاء جمعها بعدد محدود من وسائل الاعلام العربية في العاصمة الدنماركية كوبنهاجن كانت الجزيرة الصحيفة السعودية الوحيدة بينها إن هذه الجامعة العالمية اليوم تحوي احد اهم واحدث مختبرات بحوث الطاقة الشمسية في العالم مؤكدة ان اهتمام المملكة الكبير بهذه الطاقة يصب في جهود دعم الطاقة الجديدة التي تحد من تأثيرات التغيرات المناخية في العالم وأوضحت الوزيرة الدنماركية انها تعرفت على الجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية مؤخراً في مجال تنويع هيكل اقتصادها من خلال لقائها بالمسؤولين السعوديين وعلى وجه الخصوص نظيرها المهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية مؤكدة اعجابها بالجهود السعودية في هذا المجال، ودعت الوزيرة التي تستعد بلادها لاستضافة مؤتمر للتغيرات المناخية (Cop 15) في 17- 18 من شهر ديسمبر المقبل العالم اجمع الى العمل بجدية للوصول الى فهم مشترك بشأن المناخ يساعد على اقرار اتفاقية سياسية طموحة ملزمة لكل الدول تشتمل على كافة عناصر خطة العمل التي اتفقت عليها دول العالم في 2007م والتي تهدف الى خفض الانبعاثات، مؤكدة على اهمية خلق أطر واضحة للتكيف مع المتغيرات الجديدة، والتشديد على الزامية الاتفاقية من جهة التمويل. وحول موقف دول منطقة الشرق الاوسط من الطاقة المتجددة قالت الوزيرة: يمكننا القول باختصار بأن موضوع الطاقة المتجددة، الذي لم يكن محل اهتمام في الشرق الأوسط، أصبح الآن محور اهتمام دوائر صنع القرار في المنطقة ومن التطورات المثيرة للإعجاب في هذا الإطار اختيار أبوظبي مقرا للوكالة الدولية للطاقة المتجددة. فحتى وقت قريب كانت دول الأوبك تعتقد بأنها غير معنية بقضية التغيرات المناخية، ولكن يبدو أن الوضع تغير الآن. فالتغيرات المناخية ذات تأثير كبير على دول المنطقة، مما يوجب عليها أن تعمل بجد من أجل تنويع اقتصاداتها، وأن تعلم أن هناك قاسما مشتركا بينها وبين الدول المتقدمة فيما يتعلق بالتغيرات المناخية، وأن تؤمن بأن العمل من أجل وضع الحلول للمشكلات المترتبة على التغيرات المناخية لا يضر بمصالحها، وذلك لأنه بسبب الازدياد المطرد للكثافة السكانية في مختلف دول العالم، والنمو المطرد لاقتصادات الدول، سيستمر الاعتماد على النفط في السنوات المقبلة.وأكدت الوزيرة ان التاريخ المحدد لمؤتمر كوبنهاجن حفز العديد من الحكومات لاتخاذ الإجراءات اللازمة استعدادا للمشاركة في أعمال المؤتمر. فالولايات المتحدة مثلا لاحظنا أنها في ظل إدارتها الجديدة أبدت تجاوبا كبيرا، غير أن العقبة الرئيسية التي تقف في طريقها هي أنها ملزمة بأخذ موافقة الكونجرس في الخطوات التي تتخذها بهذا الشأن، ولذلك يجب على الدول الأخرى العمل على حث الوفد الأمريكي للمؤتمر لاتخاذ ما يجب عليه اتخاذه بشأن الالتزام بخفض الانبعاثات الغازية. وباعتبارها الدولة المستضيفة للمؤتمر تبذل الدنمارك كل ما في وسعها لإطلاع الدول المشاركة على التصور العام للأوضاع.
صيغة موحدة لحلول مشكلة التغير المناخي
وحول جدوى الاتفاق المنتظر في مؤتمر كوبنهاجن وفاعليته في تقديم حلول حقيقة لمشكلة التغيرات المناخية قالت الوزيرة: في اعتقادي هناك اتفاق عام بضرورة توصل الدول المشاركة في المؤتمر إلى صيغة تضع الحلول لكل جوانب مشكلة التغيرات المناخية، إذ لا يكفي مجرد إعلان توصيات لا تجد طريقها للتنفيذ. ومن ناحية الالتزامات فيجب على الدول الغنية أن تتحمل النصيب الأكبر في خفض الانبعاثات، كما يجب عليها أن تتحمل مسؤوليتها الكبيرة في التمويل، وأن تتوصل فيما بينها إلى إطار تمويلي جديد يضمن انسياب الموارد المالية بمرور الوقت، وأن تساعد الدول النامية فيما تبذله من جهود للتواؤم مع المتغيرات البيئية التي تواجهها.
تكنولوجيا جديدة لمواجهة آثار التغيرات المناخية
وحول العوامل التي تؤثر في الجهود المبذولة للتحول للطاقات البديلة قالت الوزيرة: نظرا لأن النفط طاقة ناضبة، من البديهي أن نفكر في بدائل أخرى للطاقة لضمان استمرار تدفق الطاقة في المستقبل. فالتطور الاقتصادي مثلا في الصين ودول جنوب شرق آسيا، وغيرها من الدول، سيحتم استمرار الاعتماد على النفط خلال العقود المقبلة، ولذلك فإن آبار النفط لن تغلق، والطلب على العمالة لن يتوقف في الدول النفطية. ولكن ما نهدف إليه أن هذا الطلب على النفط يجب ألا يزداد إلى معدل يصعب على البيئة أن تتحمله.
وفيما يتعلق بدور التكنولوجيا في مجالات الطاقة النظيفة قالت السيدة هيد جارد: يجب على الدول أن تتعاون من أجل ابتكار تكنولوجيات جديدة لمواجهة آثار التغيرات المناخية، كما يجب عليها أن تتعاون فيما بينها من أجل نشر هذه التكنولوجيا وجعلها في متناول كافة الدول، سواء كان ذلك في إطار قوانين الطاقة الحالية أو غيرها. كما يجب علينا أن نشجع تقاسم المعرفة وتبادل الممارسة التقنية، وأن نعمل على إيجاد آلية تجعل السوق مواكبا لهذه التطورات بأسرع مما هو عليه الآن. ومن الأدوات التي يمكن الاعتماد عليها لتحقيق هذا الهدف اعتماد سعر عالمي موحد للكربون في مؤتمر كوبنهاجن لتشجيع الصناعات والأسواق للتحرك نحو الحلول الداعمة لإيجاد بدائل الطاقة التقليدية. واضافت الوزيرة: يجب علينا التفريق بين التكنولوجيا الموجود أصلا والتكنولوجيا الجديدة. فبعض التكنولوجيا الجديدة التي يتوقع أن تهيمن على القطاع الصناعي العالمي في منتصف هذا القرن يمكن التعاون فيها مع الدول النامية وتطويرها هناك. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لا يمكننا أن نطالب القطاع الخاص بالتنازل عن (لب التكنولوجيا) لأي جهة أخرى. فهذا لا يمكن أن يحدث في ظل قوانين الملكية الفكرية الحالية.
التمويل. والمحافظة على البيئة
وفيما يتعلق برؤيتها حول ما قد تتمخض عنه اتفاقية كوبنهاجن بالمقارنة باتفاقية كيوتو السابقة قالت الوزيرة: ما يهمنا في مؤتمر كوبنهاجن هو التوصل إلى اتفاقية ملزمة، حيث لا يفيد مجرد التوصل إلى إعلان. وعلى العكس مما حدث في كيوتو فإن أي اتفاقية تبرم في عام 2009م دون مشاركة الولايات المتحدة والصين والهند لا يمكن أن يكتب لها النجاح ويجب علينا في الاتفاقية الجديدة أن نتجنب تكرار نسبة مشاريع خفض الانبعاثات لدول معينة، إذ لا يصح نسبة مشروع ما مثلا للدول المتقدمة ثم نعتبر ذلك إسهاما من هذه الدول. يجب علينا أن نحافظ على البيئة لدى تنفيذنا لمشاريع خفض الانبعاثات في الدول النامية التي يتوقع أن تحقق نموا كبيرا في السنوات المقبلة، إذ إن ذلك من شأنه تشجيع نشر التقنية ومساعدة هذه الدول على مواكبة التوجهات الجديدة.
وفيما يتعلق بمقارنة الاسهامات التي تبذلها الدول المتقدمة والنامية في الحد من الانبعاثات الغازية قالت الوزيرة: ليس من العدل القول بإن الدول النامية يجب أن تسهم في حلول التغيرات المناخية بنفس القدر الذي تسهم به الدول المتطورة. ولكن المشكلة أنه بحلول عام 2020 م ستأتي ثلثا الانبعاثات الغازية من الدول التي نطلق عليها حاليا الدول النامية إذا لم تسارع هذه الدول باتخاذ الإجراءات المناسبة. وحول برامج التمويل قالت الوزيرة: حصلنا على ضمانات من المجموعة الأوروبية ولكننا ما زلنا في حاجة إلى دعم كل من اليابان والولايات المتحدة وأستراليا وغيرها من الدول الممولة. ونأمل أن تتخذ هذه الدول سياسات أكثر إيجابية، وأن تتكلل جهود المجموعة الأوروبية الرامية إلى حث هذه الدول على المشاركة بفعالية في التمويل. وما أود تأكيده هنا هو أنه بدون التمويل لا يمكننا الخروج بحلول من هذا المؤتمر، ولذلك فإن هذه الدول مطالبة بالمشاركة الفاعلة في التمويل، كما يجب أن تتنوع مصادر هذا التمويل، وأن يتفادى المؤتمر مشكلة إعلان اتفاقية تمويلية تكون جيدة في ظاهرها، ثم يتخلى عنها القائمون عليها بمجرد انتهاء أعمال المؤتمر.
وحول إشراك السياسيين في تفعيل هذه الجهود وتفادي ما تحاذر منه الوزيرة قالت: التوصل إلى اتفاقية غير ممكن في الواقع بدون تدخل السياسيين، وبخاصة الوزراء ورؤساء الدول. فالتغيرات المناخية لا تتوقف عند حدود الانبعاثات الغازية، بل تتعدى ذلك إلى الطاقة والعلاقات بين الشمال والجنوب والأمن والهجرة وغيرها من العوامل ذات الصلة بمشكلة التغيرات المناخية.